- تعرفت على مخرجة الفيلم عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث كتبت لي رسالة مطولة أبدت فيها إعجابها بأعمالي
- الفيلم سلط الضوء على القضايا التي أود تناولها في أعمالي مثل العدالة الاجتماعية وقصص الحب والاستحواذ
- لم أحصل على تعليم موسيقي رسمي بل تعلمت على جهاز بيانو من طراز كاسيو كان لدينا وفي العيد كنت أسعى مع شقيقاتي لجمع مال أكثر وأكثر حتى نشتري جهازاً أكبر
دارين العلي
تمكنت المؤلفة الموسيقية الكويتية فاطمة القديري من الوصول إلى العالمية بعد فوز الموسيقى التصويرية لفيلم «ATLANTICS» التي قامت بتأليفها في جائزة مهرجان كان.
وقد عرض الفيلم للمرة الأولى في المهرجان السينمائي الدولي وتميز بموسيقى القديري التي وصفت بأنها خيالية مستمدة من خارج الكوكب، تتناسب مع الفيلم في تعاون غير اعتيادي مع مخرجته السنغالية الأصل ماتي ديوب.
وتقول القديري إن التجربة كانت متميزة بكل معنى الكلمة، لافتة إلى أن التعاون مع المخرجة ديوب تم بالتقارب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أبدت إعجابها الشديد بموسيقاها وطلبت منها أن تكون جزءا من فيلمها الأول ومن هناك بدأت التجربة.
وتعتبر القديري أنها حققت أحد طموحاتها التي كانت تراودها منذ أيام مراهقتها حين أدركت أنها تريد أن تكون مؤلفة موسيقية للأفلام السينمائية، مضيفة أنها كانت تستمع للكثير من موسيقى الأفلام والتأثر بها.
وقد تأثرت المؤلفة بوالدها منذ الصغر الذي كان يفضل الموسيقى الكلاسيكية الدراماتيكية التي تتسم بالأجواء القصصية المسرحية، حيث كانت مصدرا لإلهامها لتصنع موسيقى تتحدث عن قصة ما.
وقالت إن الفيلم الذي حاز الجائزة سعى لتسليط الضوء على القضايا التي تود تناولها في أعمالها مثل العدالة الاجتماعية وقصص الحب والاستحواذ، لذلك كان من السهل عليها أن تغوص فيها بتعمق وتتعامل مع الموضوع بشكل أفضل.
القديري التي ولدت في دكار وتركتها في عمر العامين تجد أن القدر لعب دوره في أن تخرج موسيقاها من البلد الذي ولدت فيه متحدثة عن تعلمها الموسيقى بشكل رسمي وإنما حبها للموسيقى ومزاولتها لها منذ الصغر جعلتها تبدأ بالتأليف في عمر مبكر.
وحول تكرار التجربة، تقول إنها تتمنى أن تعرض عليها أفلام مناسبة لوضع موسيقاها، معتبرة أن هناك بعض الأفلام الجميلة بقصتها، ولكن تظلمها الموسيقى التصويرية والعكس صحيح بالتالي يجب أن تكون العلاقة بين الإخراج والتأليف الموسيقي للفيلم علاقة رومانسية للغاية لكي ينجح.
وفيما يلي مقتطفات من لقاء أجرته مجلة «Score it» مع الفنانة فاطمة القديري على هامش حضورها عرض الفيلم في مهرجان «كان»:
لقد اكتشفت المخرجة ماتي ديوب موسيقاك قبل بضع سنوات، كيف اقتربت منك لتسجيل فيلمها؟
٭ عبر صفحة المعجبين على الفيسبوك، وكتبت لي رسالة طويلة جدا جدا حول مدى حبها لعملي، وكيف أنها تريد أن أكون جزءا من فيلمها الأول.
وكيف نظرت لهذا العمل الجديد كمؤلف موسيقي للأفلام؟
٭ الواقع أن ذلك كان أحد طموحاتي منذ أيام سنوات مراهقتي، فقد أدركت أنني أريد أن أكون مؤلفا لموسيقى الأفلام السينمائية.
وهل تهتم بالأسلوب والنوعية؟
٭ أوه، نعم تماما.
لقد أرادت ماتي ديوب أن تترجم الموسيقى ما لا تستطيع قوله في الفيلم، ولا شك أن موسيقاك تساعدها في هذا العالم الخارق للعادة. كيف تحققت هذه العملية؟
٭ أعتقد أن الفيلم سعى لاكتشاف المواضيع التي كنت استكشفها في أعمالي أيضا مثل العدالة الاجتماعية وقصص الحب والاستحواذ.
إن كل هذا في صلب أعمالي وكل ولقد تطرقت إلى كل هذه المواضيع، فقد كان من السهل علي أن أغوص فيها، لقد كان من السهل علي أن أتعامل مع مادة الموضوع.
لقد ولدت في داكار، هل أثر ذلك على موسيقاك؟
٭ لا، فقد كان عمري سنتين فقط عندما رحلنا عنها غير أن الأمر انطوى على شيء من حكم القدر فكم كان غريبا أن تكون أول قطعة موسيقية أؤلفها هي لمسقط رأسي، إن الأمر قابل للتصديق وغير قابل للتصديق في الوقت نفسه.
يمكن أن يحدث هذا، لكن كيف حدث هذا لا أدري، ربما كانت لمدينة أخرى او لمكان آخر يخصني، ولذا أشعر أن للقدر دورا في ذلك، وماتي عرفت ذلك واني ولدت هناك.
كنتما معا على نفس الموجة، لكن كيف تعاونتما؟
٭ أولا، هناك الكثير من موسيقى الـ «تيمب» في الفيلم ومعظمها من تأليفي في الواقع وبعضها ليس من تأليفي.
وكان أول ما فعلته هو أن أشاهد مشاهد الفيلم، واحدا بعد الآخر واستبدل موسيقى الـ «تيمب» المؤقتة.
فبالنسبة لموسيقى مشهد البار، كان هناك موسيقى «تيمب» مؤقتة لكنها لم تكن سنغالية، لذا طلبت منه أن تجد المسار الموسيقي وتضعه في المشهد، والحقيقة كان هناك بعض الموسيقى المرخصة، لكن معظمها من تأليفي.
لقد ذكرت حب أبيك لألوان الموسيقى الروسية، هل يمكن أن تقولي لنا شيئا عن تربيتك الموسيقية وتعليمك الرسمي؟
٭ لم أحصل على أي تعليم موسيقي رسمي، كان لدينا جهاز بيانو من طراز كاسيو، وفي العيد كنا نحصل على المال من أقاربنا، ولذا كنت أسعى مع شقيقاتي لجمع مال أكثر وأكثر حتى نشتري جهازا أكبر.
وهل مازالت تلك الأجهزة عندكم؟
٭ لدي واحد منها بعد في خزانتي بنيويورك، وكنت قد بدأت في الحقيقة التأليف الموسيقي عليها، كنت أستخدمها لتأليف قطعة موسيقية عليها، ثم أحفظها في ذاكرتي وأعيد الاستماع إليها مع نفسي مئات المرات، ثم حصلت على «وكمان» وكان فيه زر للتسجيل، وبذلك استطعت أن أسجل عليه القطع الموسيقية التي أقوم بتأليفها.
الآن لابد لي أن أعثر على شرائط الكاسيت هذه. لأن بعضها يعود في الزمن إلى حين كان عمري 11 عاما فقط.
هل نتوقع أن تضيف إلى سيرتك الذاتية سطرا يتكرر حول تأليفك لموسيقى الأفلام؟
٭ أتمنى ذلك، لكن لا يقتصر الأمر فقط على أن يعرضوا علي أي فيلم لأضع له الألحان الموسيقية، بل أن يعرضوا علي الفيلم المناسب لذلك. فكما تعرف بين الموسيقى والأفلام علاقة تشبه الزواج.
وغالبا ما يكون باستطاعتنا أن نرى زيجات غير مناسبة، فأنا في مرات كثيرة أرى أفلاما رائعة للغاية لكن موسيقاها قبيحة للغاية، أو حتى العكس. فإذا لم تتوافق الموسيقى مع الفيلم، فإن النتيجة تكون مفزعة.
أتمنى أن نشاهد المزيد من منتجي الأفلام يتفادون هذه المسألة، فبعضهم يتفادى تضارب الموسيقى مع الفيلم، لكن البعض الآخر يدرك أهمية هذا الأمر متأخرا، كما لو كان لسان حاله يقول: «سأضع هذه الموسيقى».
ومؤخرا كنت أشاهد فيلم «سايكو»، وفيه نجد موسيقى هيرمان تجلب مشاعر الرعب، وبدون هذه الموسيقى كان الفيلم سيصبح مسطحا.
وقد تكلم هيتشكوك بالفعل عن هذه الأمر، وعن كيفية أنه يعده من أهم الإنجازات التي نجح في التعامل معها، إن العلاقة بين الفيلم والموسيقى هي أمر مدهش، مثل الزواج، حيث يتحتم عليك أن ترى الحب بين الإخراج والتأليف الموسيقى.
إنها علاقة رومانسية للغاية!
من تفضلين من المؤلفين الموسيقيين والمخرجين العالميين؟
٭ نينو روتا هو أحد المفضلين عندي في التأليف الموسيقي. وهناك أيضا أنجيلو بادلاماننتي وديقيد لينش.
وأذكر أنني اشتريت تسجيل الشريط الصوتي لموسيقى «الطريق السريع» المفقود عندما كنت في المرحلة الثانوية من دراستي، ولما كنت مراهقا في فترة التسعينيات، كان الكثير من التسجيلات الموسيقية في تلك الفترة موسيقى مرخصة ونادرا ما كانت أصلية، وكانت تلك لحظة للتأليف الموسيقي.
انظر إلى كل أفلام كوانتين تارانتينو، لقد حصلت عليها كلها، إنها رائعة، وعندما انتقلت الى الولايات المتحدة بدأت باستئجار المزيد من الأفلام التي تعرض في دور السينما.
وبدأت بعد ذلك أهتم أكثر أو أتعرض أكثر للأفلام الأصلية.
وهنا أتذكر تماما آلة عرض الأفلام التي تدار باليد، كما كان فيلم ويندي كارلوس جنونيا. فقد كان معظمه موسيقى كلاسيكية وكان الأداء فيه مذهلا.
وكان الاهتمام بالتفاصيل رائعا كما كان يتعين أن يكون كل جزء من الفيلم 11/10 ولذا أنا أحترم فعلا علاقته بالموسيقى.
وهناك العديد من المؤلفين الموسيقيين ممن يؤثرون بي ومعظمهم من المؤلفين الكلاسيكيين، وذلك لأن والدي أرادا أن يحصلا على شهادة الماجستير في موسكو خلال عقد السبعينيات.
وهنا وقع وادي في حب مؤلفات الموسيقى الروسيات، والحقيقة أن ذلك الإحساس الشرقي أو التأثير الميلودي في الموسيقى الروسية كان قويا جدا.
وهنا أستطيع القول ان أهم قطعة موسيقية بالنسبة لي هي «شهرزاد» لرمسكي كورساكوف لأنها كانت تمثل قمة الأرابيسك والموسيقى الكلاسيكية، لقد اعتاد أبي الاستماع لها دون توقف حينما كنت طفلا.
لقد كان فيها شيء من الدراماتيكية واتسمت بأجواء مسرحية.
وكانت الآلات الموسيقية فيها متنوعة، وهذا ما جعلها مصدرا لإلهامي لأصنع موسيقى تتحدث عن قصة ما.