- الفيلي: فكرة الدفاع عن الوطن تحتاج إلى ضبط قانون أكثر منه إلى تعبير إنشائي في التعامل معها
- الكندري: مراجعة تشريعية لقانون المطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية للتداخل الجسيم فيما بينها
- الهندياني: لا يمكن مقارنة حرية الرأي والتعبير بمن يتجاوز إلى السب والقذف فإن هذا الأمر يخرج عن نطاق حرية التعبير
- العتيبي: يفترض وضع قوانين للحدّ من الظواهر السلبية وغير الأخلاقية في المجتمع وللحدّ من تلك التجاوزات التي بدأت في الانتشار
- الشريف: النص القانوني قاعدة تنطبق على الجميع فلا يمكن اعتبار الفعل ذاته معاقباً ويدخل في دائرة التجريم
ثامر السليم
بعد إعلان النائب عبدالله الكندري تقديمه تعديلات على قانوني المطبوعات والنشر والجرائم الإلكترونية وإلغاء تجريم المغردين الذين يدافعون عن وطنهم، معللا ذلك بأنه من غير المقبول ان يسجن شباب الكويت لأنهم يدافعون عن وطنهم بينما الآخرون يتكرر تعديهم على الكويت دون عقاب.
استطلعت «الأنباء» آراء عدد من أساتذة كلية الحقوق بجامعة الكويت، وإليكم التفاصيل:
وفي البداية، أكد أستاذ القانون الخاص بكلية الحقوق في جامعة الكويت د.فايز الكندري انه لابد ان تكون هناك مراجعة تشريعية لقانون المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية، مشيرا الى ان السبب يعود الى أن هذه المراجعة ترجع الى التداخل الجسيم ما بين أحكام هذه التشريعات حيث يظهر عليها التباين في تحديد المختص بمن يقوم بمثل هذا الفعل.
وأضاف الكندري ان المقترح الذي تقدم به النائب عبدالله الكندري أتوقع ان به صعوبة، والسبب يعود في ذلك الى انه لا يمكن إلغاء التجريم في قانون المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية ولايزال قائما في النصوص التقليدية مما يترتب عليه تباينا، لافتا الى انه على سبيل المثال فإن السب والقذف جرائم مستمرة فمتى قمت بالسب والقذف عن طريق الصحف أو المرئي والمسموع او الصحف الإلكترونية فليس عليها حبس مثلا، ففعل واحد إذا ارتكب بنمط تقليدي تعاقب عليه وإذا ارتكب بغيرها لا تعاقب عليه، إذن هناك شبهة دستورية كونه نفس الفعل.
وأشار إلى ان إلغاء العقوبة يجب ان تكون شاملة وليس مقتصرا على قانون المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية، لافتا الى ان هذا المقترح ليس بجديد وطرح في السابق من قبل نواب سابقين آخرين وتم التعليق عليه في حينه، إذن الأمور لابد ان تؤخذ بشكل عام من خلال مراجعة التشريعات بشكل عام وفلسفتها وفلسفة العقوبة.
وأكد انه يجب علينا ان ننظر ماذا نريد من العقوبة هل نريد بها الحبس ام ان نكتفي بالغرامة، وبالتالي علينا ألا نميز في قانون السب والقذف في قانون الجزاء وفي قانون السب والقذف في قانون المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية وهذا الأمر فيه شبهة دستورية والأمر لا يمكن ان يستقيم على هذا النحو وهذا الوجه.
وأوضح ان قانون المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والجرائم الإلكترونية فيه من التداخل جسيم بين أحكامه وازدواجية حتى التصنيف لهذه التشريعات جدا متدنية لهذا التداخل، مؤكدا ان ما طرحه النائب عبدالله الكندري يخرج عن منطق فلسفة التشريع وبه شبهة دستورية وفيه ممايزة ما بعدها ممايزة يجب ان نراجع الفلسفة التشريعية لعقوبة السب والقذف هل نحن مصرون على ان تبقى مقابل سجن ام سجن وغرامة؟
حرية التعبير والانتقاد
أما أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.خالد الهندياني فقال: لم أطلع على المقترح الذي تقدم به النائب عبدالله الكندري ولكنه في مضمونه إلغاء الحبس عن المغردين شيء إيجابي ولكن ينبغي حفظ حقوق الآخرين ومراعاة أمورهم، لافتا الى انه لا يمكن مقارنة حرية الرأي والتعبير بمن يتجاوز ذلك الى السب والقذف فإن هذا الأمر يخرج عن نطاق حرية التعبير وبالتالي كان الواجب والأولى معاقبته سواء بالحبس او بالغرامة المالية.
وأشار الى انه في إطار حرية التعبير والانتقاد دون تجريح او سب فإنه ليس من المفترض ان تصل الأمور الى العقوبة أصلا ومن غير المنطقي ان أقوم بانتقاد أحد ومن ثم أجرم وأحبس عليه، لافتا الى ان حرية التعبير يكفلها الدستور والقانون والقواعد العامة ما لم تتجاوز حرية التعبير فيدخل في إطار السب والقذف والإهانة فإن هناك عقوبات أخرى تعالجه فمن يقوم بالتعدي بالسب على شخص في وسائل التواصل الاجتماعي كما يقوم بالتعدي عليها بالسب مباشرة وهناك عقوبة على السب والقذف في القانون الجنائي فالجأ لها.
ولفت الى ان الأمر وصل الى معاقبة أشخاص لمجرد تعبيرهم عن إرادتهم او انتقادهم لموقف معين فبالتالي تمت معاقبته وهذا أمر غير مقبول، مؤكدا ضرورة ألا يحبس الشخص بمجرد التعبير عن رأيه طالما ان هذا التعبير لا يدخل في سياق السب والقذف.
الأمم الأخلاق
من جانبه، قال أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.منصور العتيبي ان المقترح الذي تقدم به النائب عبدالله الكندري لابد ان يشتمل على ضوابط فلا يحق لأي شخص ان يدافع عن وطنه ان يتجاوز الحدود، مؤكدا ان القانون كفل حرية الانتقاد للأشخاص ولكن بحدود دون تعد او تجاوز في حدود الآداب العامة.
ولفت الى انه يفترض وضع قوانين للحد من الظواهر السلبية وغير الأخلاقية في المجتمع للحد من تلك التجاوزات التي بدأت في الانتشار في وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا الى «انما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا»، فالأمم والشعوب بالأخلاق والعادات والتقاليد.
وأكد ان الدفاع عن الوطن والتغني به يكون وفق حدود وضوابط وشروط دون الاعتداء على الخطوط الحمراء او التجاوز على قانون أمن الدولة المقرر عبر الاعتداء على رئيس الدولة او التلفظ عليه بألفاظ لا تليق، لافتا الى ان حريتك تكون بالتعبير عن رأيك بآداب وأخلاق دون تجاوز او تعد على الآخرين.
وأشار الى انني مع تعديل النائب عبدالله الكندري متى ما تقدم بتعديل مقترحات من شأنها ان تكون وفق حدود واحترام للآخرين وحقوقهم دون تعد على الآخرين، داعيا الى تشريع قانون يجرم قلة الأدب وقلة الأخلاق للحد من الظواهر السلبية المنتشرة سواء في المجتمع او شبكات التواصل الاجتماعي المدافعين عن الوطن.
من جانبه، قال الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د.محمد الفيلي انه من الناحية المهنية يجب ضبط من المقصود بالمدافعين عن وطنهم وهذا التعديل ليس له قيمة في ظل وجود مواد في قانون الجزاء تجرم تعريض علاقة الدولة مع الدول الأخرى الى مخاطر تجرم وتقرر فيها التجريم في أكثر من مكان بالنسبة للعلاقة مع الدول الأخرى، مشيرا الى ان مثل هذا التعديل مع كامل تقديري للنوايا الطيبة فيه إلا انه من الناحية الفنية ليس عملا مفيدا.
وأضاف اننا لسنا بصدد فراغ تشريعي بقدر ما نحن بصدد تخمة تشريعية ونحن بصدد قوانين متعددة تجرم ذات الفعل، فالأفعال المنظمة في «المرئي والمسموع» جزء كبير منها يجد له تجريما في قانون الجزاء ولذلك نحن أمام ازدواج في التجريم وإشكالية عقوبات شديدة التجريم، مشيرا الى ان فكرة الدفاع عن الوطن تحتاج الى ضبط قانون أكثر منه الى تعبير إنشائي في التعامل معها خاصة انه توجد هناك أحكام قضائية مشددة في قضايا التعبير سواء في «المرئي والمسموع» او في الجرائم الإلكترونية وهذا التشدد في التجريم يخلق واقعا قانونيا مضرا بالحريات وسياسيا غريبا لأن هناك فينا ما يحيط بنا بالدول لأسباب سياسية لن ندخل فيها يبدو ان هناك هجوما ممنهجا على الكويت والطرف الثاني لا يحرك أي تجريم في المواجهة على الكويت فيما الكويت قوانينها مليئة بعقوبات، مشددة وهذا الأمر يحتاج الى إعادة نظر سواء على المستوى التشريعي او على المستوى القضائي.
الإعفاء من العقاب
من جهته، قال أستاذ القانون بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.مسلط الشريف ان المقترح الذي تقدم به النائب عبدالله الكندري غير صحيح من الناحية القانونية لأنه لا يمكن اعتبار «الجنسية» سببا للإعفاء من العقاب، لافتا الى انه يفترض ان النص القانوني قاعدة عامة مجردة تنطبق على الجميع بغض النظر عن الجنسية فلا يمكن اعتبار الفعل ذاته معاقب ويدخل في دائرة التجريم اذا ارتكبه شخص وافد مثلا بينما لا يعتبر كذلك اذا ارتكب ذات الفعل شخص كويتي.
وأضاف ان حرية التعبير والرأي ليست مطلقة بل هي مقيدة بعدم المساس بكرامات الناس وهذا القيد وضعه المشرع الدستوري، فحرية التعبير مكفولة في حدود القانون بمعنى ألا تتجاوزه الى الإضرار بالآخرين ولو تركت دون قيد لأصبحت فوضى لا ضابط لها، مشيرا الى اننا لسنا بحاجة لمراجعة تشريعية فكل ما نحتاجه هو توعية بحقيقة الفهم الصحيح لهذه النصوص الحالية.