- التراجع الكبير من 308.6 أطنان عام 1982 إلى 3.7 أطنان عام 2018 دليل شحها
- وجوب التوصل لاتفاقيات إقليمية تضمن وصول مياه عذبة كافية للخليج لتخفيف ملوحته
- عدم تواجدها في الأسواق رفع سعرها من نصف دينار إلى 3.5 دنانير
- إعادة تأهيل الشعاب المرجانية أحد حلول عودتها للتكاثر مرة أخرى
- تنظيم المصيد ووضع حد للتلوث البحري.. ربما يعيد فرص إحياء «الحمرة»
دارين العلي
سمكة الحمرة.. من منا لم يتذوقها او يرها في اسواق السمك! منذ فترة ليست بالقصيرة وهذه السمكة الغنية لم تعد متواجدة بالصورة التي اعتدنا عليها، وهنا يكمن السؤال..هل باتت مهددة بالانقراض؟وطبقا لدراسة أعدها معهد الكويت للأبحاث العلمية، خلصت إلى أن هذه السمكة شبه مهددة بالانقراض طبقا لمنظمة الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ما يحتم على الجهات المعنية التحرك ميدانيا للتحقق من العوامل السلبية لهذا الاختفاء الشبه كلي لسمكة الحمرة من مياه الكويت وإيجاد السبل المثلى لإعادة التوازن البيئي لهذه المنطقة. وأشارت الدراسة التي أعدها فني الأبحاث الرئيسي طلال دشتي بمساعدة باحث علمي مشارك محمد علي، إلى أن من أكثر الأدلة وضوحا على شح هذه السمكة هو انخفاض كميات المصيد والعرض في الأسواق إذ تبين إحصائيات الإدارة المركزية للإحصاء ان الانزال بلغ 308.6 أطنان في عام 1982 وانخفضت الى 3.7 أطنان في عام 2018، وبات من النادر اليوم تواجدها وصيدها في المياه الكويتية، وأغلب المستورد منها يأتي من إيران والسعودية وبعض الدول الأخرى.
أوردت الدراسة عددا لا يستهان به من الأسباب الكامنة وراء وضع هذه السمكة على سكة الزوال، وأبرزها الانحسار الكبير للبقع المرجانية المحيطة بالجزر المرجانية الكويتية (أم المرادم وكبر وقاروه) وكذلك المرجان المتواجد قبالة سواحل الكويت ما أدى إلى انخفاض أعداد الحمرة كونها من الأسماك التي تعيش وتتكاثر في الشعاب المرجانية ومحيطها.
وتحدثت عن التلوث المستمر في منطقة شمال الخليج العربي الناتج من المصانع ومحطات الكهرباء والماء والمواقع النفطية، وخصوصا المياه الإقليمية للكويت، بالاضافة إلى المؤشرات المناخية والتغيرات السلبية كدرجة الحرارة وزيادة نسبة الملوحة بسبب قلة تدفق مياه شط العرب في منطقة شمال الخليج العربي ما دفع هذه السمكة إلى الابتعاد عن مناطق الكويت البحرية مع أنواع أخرى من الأسماك.
الصيد الجائر
وأشارت الدراسة إلى أسباب أخرى ومنها أن معدل نمو السمكة يفوق نضوجها، فهي تصل الى الحجم التجاري قبل البلوغ، فيتم اصطيادها، دون أن تتاح لها الفرصة للتكاثر.
ومن الأسباب التي أوردتها الدراسة أيضا، تعدد وسائل صيد سمكة الحمرة واحترافية الصيادين ومعرفتهم لأماكن تواجدها ومسارات حركة تلك السمكة، فقد أدى ذلك الى الوفرة الكبيرة في صيدها، وازدهار الرياضات المائية وخصوصا الصيد تحت الماء باستخدام البندقية المائية، ما أدى إلى ارتفاع المصيد في خلال فترة زمنية محددة ما منع السمكة من التكاثر.
القيمة التجارية
وعن القيمة التجارية للحمرة، بينت الدراسة أنه في العقود السابقة لم يكن لسمكة الحمرة قيمة تجارية بين أغلب الكويتيين وكان الإقبال عليها من قبلهم «ضئيل» جدا مقارنة بالأنواع التجارية الأخرى مثل الهامور والزبيدي والسبيطي والشعوم والنقرور. وكانت كميات إنزال سمكة «الحمرة» عالية تبعا لجداول الإدارة المركزية للإحصاء، ويرجع السبب إلى الصيد الجائر الواقع عليها، فأصبح سعر الكيلو 0.5 دينار، فيقبل عليها الوافدون وكذلك أصحاب المطاعم والشركات، حتى تناقصت تدريجيا وشحت من الأسواق، لأسباب لم يتم البحث فيها او الالتفات إليها من قبل الجهات المختصة، فأصبح وجود الحمرة الكويتية في الأسواق المحلية نادرا.
وأكدت الدراسة أن هذا الأمر يعود إلى عدم تواجد هذا النوع من الأسماك في المياه الكويتية، إذ إنه ثبت ومن خلال مشاريع المسح القاعي للأسماك في معهد الكويت للأبحاث العلمية والذي قام به الباحثون وعلى مدى عقود من الزمن، وجود القليل من هذا النوع في المصيد، ومن خلال الزيارات الميدانية ومراقبة الأسعار في الأسواق المحلية لوحظ ارتفاع اسعار الأسماك في الأسواق المحلية، فارتفع سعر سمكة الحمرة حتى وصل سعر الكيلو من 3 إلى 3.5 دنانير، إذ يتم استيراد الكثير منها من الدول المجاورة.
مخاطر انقراضها
وأوضحت الدراسة أن عدم تواجد هذا النوع أو أي نوع اخر استيطاني الأصل في المنطقة سوف يسبب حالة من عدم الاتزان البيئي ويترك آثارا سلبية قد لا تظهر جلية إلا على المدى البعيد، وكذلك يصبح التركيز الاستهلاكي من قبل المجتمع على الأنواع الأخرى ويصبح اجهادا حقيقيا لكميات تلك الأنواع.
وقالت ان البيئة البحرية الكويتية يجب ان تبقى زاخرة بالأنواع المختلفة لضمان استمرار السلسلة الغذائية المتكاملة واستدامة للمخازن السمكية، وهذا يساعد على استدامة الأمن الغذائي البحري للمنظومة المجتمعية الكويتية.
الحلول المقترحة
أوردت الدراسة عددا من الحلول التي من شأنها وقف استنزاف هذه لسمكة ومنها ما عمد إليه المعهد بالتعاون مع الجهات الأخرى في الدولة كالهيئة العامة للبيئة والهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية بتقنين الصيد ومنعه في بعض المناطق في المياه الإقليمية الكويتية في بعض المواسم للسماح للأسماك من مختلف الأنواع ومنها «الحمرة» بالتكاثر.
وأكدت الدراسة على أهمية إعادة تأهيل الشعاب المرجانية وهي من المناطق التي تعيش فيها سمكة الحمرة، حيث لفتت إلى أن المعهد قام بالعديد من الدراسات لإعادة تأهيل هذه الشعاب ما يسمح وعلى المدى البعيد بعودة التكاثر لهذه السمكة وأنواع أخرى مجددا.
وشددت على أهمية الالتفات لموضوع التلوث البحري ومصادره ومحاولة التقليل منه قدر الإمكان وأهمها التلوث النفطي وتلوث البلاستيك وتلوث المصانع وابتكار طرق جديدة لمحطات التقطير لفلترة مياه البحر دون المساس بالأحياء البحرية قدر الإمكان لافتة إلى أن المعهد يعد حاليا مشروعا علميا لمحطات تحلية المياه في هذا الشأن.
اتفاقيات إقليمية
وتحدثت عن أهمة الدور الذي يجب أن يقوم به الدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية وهي إيران والعراق والكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات وعمان والتشاور فيما بينها بشأن منسوب المياه العذبة الذي يصب في الخليج العربي، ففي العراق وإيران هناك سدود على الأنهار تحبس المياه للشرب وللزراعة ولتوليد الكهرباء مما يقلل نسبة المياه العذبة التي تصب في الخليج العربي وبالتالي ازدياد الملوحة الذي يؤثر بدوره على العديد من الأسماك خصوصا في فترة حياتها الأولى كالزبيدي والصبور والحمرة وأنواع أخرى كثيرة.
وشددت الدراسة على أنه يجب على تلك الدول أن تصل إلى اتفاق فيما بينها مفاده الوصول إلى حل يضمن لتلك البلدان حقها من المياه العذبة للشرب والزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية ويضمن كميات كافية من المياه العذبة لتصب في الخليج كي تحميه من ارتفاع الملوحة، كما يجب أن يشمل هذا الاتفاق أيضا تركيا وسورية، فنهر الفرات ينبع من تركيا ويمر في سورية والعراق ويصب في الخليج العربي. وهناك أيضا سدود كثيرة في كل من سورية وتركيا، والتي لازالت تبني السدود في مشروع قومي كبير لتوفير المياه ينتهي عام 2047، فلو أخذت هذه الأمور بعين الاعتبار من المؤكد سينعكس ايجابا على البيئة البحرية وبالتالي على تكاثر الأسماك والأحياء البحرية الأخرى مجددا في الكويت والخليج العربي عامة.
سمكة الحمرة في سطور
ينتمي هذا النوع من الأسماك إلى مملكة الحيوان، شعبة الحبليات، طائفة العظميات، رتبة الأسماك، عائلة النهاش، الجنس Lutjanus، النوع malabaricus (الاسم العلمي Lutjanus malabaricus)، من عائلة Lutjanidae الاسم الإنجليزي (Malabar Blood Snapper)، الاسم المحلي في دول الخليج العربي الحمرة وقد سميت بهذا الاسم في منطقة الخليج لأن لونها يبقى أحمر طوال فترة حياتها.
أماكن تواجدها
تتواجد سمكة الحمرة في بعض مناطق غرب المحيط الهادئ، وفي المحيط الهندي وشرق جزر افريقيا وصولا إلى خليج عدن وبحر العرب، ويمتد تواجدها في مياه الخليج العربي والبحر الأحمر جهة الشمال، كذلك تتواجد في شبه جزيرة ميلاو الفلبينية واليابان وشمال أستراليا.
أين تعيش؟
تعيش سمكة الحمرة في مناطق عديدة كالشعاب المرجانية البعيدة عن الشواطئ وفي أعماق تصل إلى 150 مترا، وتفضل المياه العكرة، ولديها القدرة على السيطرة على المنطقة بإزاحة الأسماك الأخرى لكي تقلل المنافسة على إيجاد الغذاء المناسب لها.
التغذية
تعتبر سمكة الحمرة ليلية التغذية، وتعتمد في تغذيتها على الأحياء اللافقارية المتواجدة في القاع والقشريات، والبالغ منها يتغذى على صغار الحبار(الخثاق) وكذلك بعض أنواع الأسماك الصغيرة.
نضوجها ونموها
تصل سمكة الحمرة إلى مرحلة النضوج الجنسي للذكور والاناث في الأطوال من 40-50 سم. ويتم التلقيح في موسم التزاوج خلال الأشهر الدافئة والحارة من السنة لهذه العائلة من الأسماك، وتعمر الحمرة إلى 46 سنة حسب دراسات معهد الكويت للأبحاث العلمية ويصل طولها إلى 100سم.
ويجدر بالذكر إلى أن العديد من الأسماك تفقس من بيوضها ذكورا وعندما تكبر تتحول إناثا (مثال: الزبيدي) والعكس صحيح (مثال: الهامور) إلا أن بعض الأنواع تفقس ذكورا او إناثا ولا يتغير جنسها أبدا ومنها سمكة الحمرة وعموم العائلة التي تنتمي لها هذه السمكة.
أدوات الصيد
لصيد هذا النوع من الأسماك توجد عدة طرق، منها (الخيط والميدار)، خيط القاع الطويل (المشبك) وشباك الجر الخلفي (الكوفة) والمصائد الفخية (القرقور) والشباك الخيشومية (الليخ) والبندقية المائية وكذلك مصائد الأسماك الشاطئية (الحظرة).
اهميتها في دولة الكويت
بداية لم تكن لهذه السمكة أهمية على صعيد المواطنين وكان يقبل عليها الوافدون فقط والشركات والمطاعم لانخفاض سعرها إلا أن الكويتيين باتوا يقبلون على هذا النوع من الأسماك ويزداد الطلب عليه لما له من قيمة غذائية ووفرة في كتلة البروتين السمكي، ويمتاز بسهولة إعداده والطعم الجيد وعادة يكون شوكه قليلا مقارنة ببعض الأنواع، وشوكته تكون كبيرة الحجم نوعا ما بحيث يسهل إخراجها، ويعتبر سعر الكيلو منه أقل من الأنواع الأخرى التجارية والذي يتراوح أسعار الكيلو منها من 5 ـ 14 دينارا، إذ لا يزيد سعر الكيلو عن 3.5 دنانير، وقد ارتفع إلى هذا السعر بعد انخفاض تواجده في السوق بعد أن كان في وقت سابق يبلغ نصف دينار فقط كما أن الشركات والمطاعم تعتمد بصورة كبيرة على سمكة الحمرة.