- المناع: لا يجوز إبعاد كويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها.. وأي دولة ينتشر فيها الفساد فهي في خطر
- الجزاع: حل المشكلات يتطلب العودة للجذور التاريخية والتفريق بين النظرية والتطبيق
محمد راتب
اعتبر الشيخ مشعل الصباح أن الدولة ليست تشريعا برلمانيا أو تنفيذا حكوميا فحسب، بل هي كيان وروح يشعر بما يحلم به المواطن ويسعى لتحقيقه، مؤكدا أن أصحاب الرأي المتفرد والتوجه الاوحد يضعون العقبات في وجه اصحاب الحقوق والحريات من قبيل الاستبداد بالرأي.
جاء ذلك خلال ندوة أقامها الشيخ مشعل الصباح تحت عنوان: «الحقوق والحريات» بمشاركة كل من د.عايد المناع والباحث جاسم الجزاع في مقر ملتقى نجلاء النقي الثقافي بحضور حاشد من الشخصيات والمحامين والناشطين ووسائل الاعلام العربية والدولية.
وأوضح الشيخ مشعل الصباح أنه وبالنظر إلى ما هي عليه الحريات والحقوق في دول العالم المتقدم فإننا نجد أنفسنا مضطرين للمقارنة بين نموذج من الحكومات تمنح الحقوق وبرلمانات تحمي الحريات، وبين حكومات تكبل الحريات في ظل برلمانات تضيع الحقوق، مبينا أن هناك حقوقا طبيعية وبديهية لا تحتاج إلى قوانين وتشريعات، وفي المقابل هناك حقوق قانونية تضاف إلى السابقة فتؤيدها وتحميها، وهذا ما جعل الدول المتقدمة تحترم هذين النوعين وبهما تصل إلى بر الأمان والتقدم والرقي والحضارة في كل الجوانب.
واستدرك أن الوضع في ظل الحكومة ذات التوجه الواحد والبرلمان المتعاون معها يتسم بالنظرة الاستعلائية على المواطنين ويصنفهم وفق الطبقة، إلى طبقة مرفهة ذات ثراء فاحش، وأخرى مهمشة من المواطنين ينظر لهم على أنهم عبء على الدولة فيما إذا تم توفير بعض الحقوق لهم.
وأضاف أن من صور هذه الحكومات والبرلمانات أن تجد الدولة تغدق على الدولة الأخرى المنح والعطايا والقروض في مقابل عدم تطوير الدولة والنهوض بالاقتصاد والاستثمار وحماية البيئة وتنويع مصادر الدخل، كذلك ترى فئات المخترعين والمبدعين واهل الثقافة والتراث مهمشة ولا اهتمام بها.
وشدد الشيخ مشعل الصباح على أن العلم والتعليم هو الجانب الأهم من جوانب الحياة الكريمة بل هو اهم عناصر بناء المجتمع وتقدم الدولة وحضارة الأمم، فالعلم يسهم في خلق جيل قوي واع يحافظ على ثروات البلد ومقدراتها.
وشدد على حق الإنسان في الحصول على عمل مناسب في ظروف عادلة ومرضية مع مقابل مادي يوفر الحياة الكريمة وضمن بيئة تنافسية تضمن له الحصول على المناصب العامة في الدولة من دون تدخل عنصر أو طرف، موضحا أن من الحقوق الأصيلة توفير الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين دون استثناء، وعدم تعطيل أحلام المواطن أو اعتقال شخصيته، موضحا أن هذه الامور ليست منة من الدولة، وإنما هي واجبات في حالة المرض او الشيخوخة او العجز تحت اي مسمى كان.
وحمل الشيخ مشعل الصباح اصحاب الرأي الواحد المسؤولية في توظيف الاعلام الفاسد وتلفيق التهم الى كل شخصية صاحبة فكر او مبدأ يحاول أن يجمع طبقات المجتمع على حدة ثم دمجها في مقترح وطني عام سعيا نحو الدولة المدنية الحديثة، مستشهدا بقول احد الصالحين «إن الباطل جندي من جنود الحق لأنه عندما يعلو يؤلم الناس بشراسته فيصيح الناس اين الحق فيظهر الله الحق».
وفي ختام كلمته، قال ان «الباطل يتجلى بأسمى معالم الحق إذا امتلك القوة والحق من دون قوة تمكنه يتحول إلى باطل إلا إذا كان الايمان في يقين الانسان اقوى من الباطل وادواته فينتصر الحق»، متوعدا باستمرار تنظيم الندوات خلال الفترة المقبلة.
وبعد ذلك قام د.عايد المناع بإلقاء كلمة تناول فيها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهدين الدوليين، بالاضافة إلى البيان الاسلامي الغني بالمواد الداعمة للحريات والحقوق، مشيرا إلى ان الدساتير التي نعتمد عليها اخذت من التشريعات الدولية.
واضاف ان الحقوق هي مجموعة المتطلبات التي يجب توافرها لكل شخص في اي مجتمع دون تمييز بين الافراد او الجماعات لاعتبارات تتعلق بالجنس او النوع او اللون او العقيدة او الاصل الوطني او اي اعتبار آخر، فالحقوق اصيلة لا يحق اصلا للفرد ان يتنازل عنها.
واوضح أن الحرية مكفولة للجميع مع التساوي في الكرامة والحقوق، مبينا أن هذا الاعلان يضمن للانسان الكرامة وممارسة حياته الطبيعية دون منة او قيد، كما أن العهد الدولي مكَّن الانسان من حقوق العمل وتكوين النقابات والانضمام إليها والضمان الاجتماعي والتأمينات وتوفير اكبر قدر من الحماية والمساعدة للاسرة والحصول على مستوى معيشي كاف في الغذاء والملبس والمسكن والتمتع بمستوى من الصحة الجسمية والعقلية والتمتع بالتعليم في كافة مراحله والمشاركة بالحياة الثقافية والتمتع بمنافع التعليم والتكنولوجيا، وعدم اخضاع احد للتعذيب او الحط بالكرامة.
ثم تحدث عن ان الدستور الكويتي استمد الكثير من مواده من التشريع الاسلامي والدساتير العالمية، حيث يتحدث عن أنه لا يجوز اسقاط الجنسية او سحبها إلا بحدود القانون، كما لا يجوز ابعاد كويتي عن الكويت او منعه من العودة إليها، وفي المادة 29 منه ان الناس سواسية في الكرامة الانسانية ومتساوون لدى القانون بالحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين..، موضحا ان المادة 30 من الدستور ذكرت أن الحرية الشخصية مكفولة ولا يجوز القبض على انسان او حبسه او تفتيشه او تحديد اقامته او تقييد حريته في الاقامة والتنقل إلا وفق القانون ولا يعرض اي انسان للتعذيب او المعاملة الحاطة بالكرامة.
اما الباحث والدكتور في ادارة الاعمال جاسم الجزاع، فقال إنه لا توجد حلول للمشاكل إلا بالرجوع إلى الجانب التاريخي للمشكلة، فكل ما يعترينا من مشاكل له جذور تاريخية بعيدة جدا، فالامم السابقة لها تاريخ، وقد سقطت لوجود فساد ينخر اجهزة الدولة في كل النواحي، وعندما جاء الاسلام جاء بنموذج تشريعي وسياسي واجتماعي هو الصحيح والافضل عالميا لكونه يحتوي على خيري الدنيا والآخرة.
وذكر أن علينا أن نفرق بين النظرية والتطبيق، فالنظرية الصحيحة لا تتحمل الاخطاء في التطبيق، فإذا اخطأ المطبق فالخطأ شخصي، كما أن تاريخ الدول الاسلامية لا يمثل بالضرورة التشريع الاسلامي وما قضى به الله تعالى، فعندما نقرأ التاريخ علينا أن نفرق بين الاطروحات الاسلامية وافعال السلاطين والساسة.
وتحدث عن أن التشريع الاسلامي جاء بآيات كثيرات، إضافة إلى افعال الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، مستشهدا بما قاله عمر «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا»، موضحا أن الاسلام ينص على ان كل انسان يولد حرا، والاستبداد قد يولد نظاما يقهر الشعب، ولكن كل علماء الادارة يقولون ان الاستبداد قد يقوم الدولة ولكنها ستسقط يوما.
واشار د.الجزاع إلى أن الكثير من حقوق المواطن في التشريع الكويتي مأخوذة من التشريع الاسلامي من حيث حق الامن وعصمة الدماء، وتأمين الحاجات الضرورية حتى لغير المسلمين، وحق القضاء العادل والشكوى، مبينا أن في التاريخ الاسلامي الكثير من القصص التي تدل على هذا وتشير إليه.