فـي البـــدايـة لا أعلم من أين أبدأ حديثي، وبأي موقف أو موضوع أستشـهد بـه عن فقيــدنا.. عــن صاحب المواقف التي لا تنسى، والدي ومثلي الأعلى الذي قضى حياته كلها محافظا على دينه وصلاته التي لم ينقطع عنها في مسجده طوال عمره، الا بعد ان حال المرض دونهما بشهادة كل من عاشرك بحياتك ، ومنهم حاليا الشيخ حمد غازي الحربي بوغازي امام مسجدنا مسجد «الزريج» الذي ابكى المصلين بالحديث عنك رحمك الله.
وأحمد الله تعالى انني ورثت منك يا والدي تركة كبيرة جدا من السمعة الطيبة والنيرة ومن الأصدقاء والمواقف التي تذكر بالخير ولن تنسى، وكم من الأعمال التي لا استطيع ان احصيها ياوجه الخير.
بويوسف لم تزعج إنسانا او تضايق احدا او تجرح شخصا بكلمة او تظلم احدا بحياتك، لم تتحدث عن احد بسوء امامي أو امام من عرفك، فكنت من الناس الذين يحبون الخير بحياتهم، وكنت دائما تسعى لعمل كل شيء يسعد من حولك، وكنت لا ترد احدا قصدك في حل مشكلة او طلب حاجة ولا تتهرب من اي مسؤولية عليك حلها.
كنت صديق الكبير والصغير. لم يشتك منك جار او صديق، بل كنت خير معين لهم،، لم يذكر عنك الا عفة اللسان والابتسامة الدائمة والقصص الحكيمة التي يستفيد منها كل من حولك، فكانت قصة برك بوالدك شاهدة بحياتي وستبقى ماثلة أمامي ماحييت.
كنت تملك علاقات واسعة مع كبار الاسرة الحاكمة وكبار الشخصيات في البلد، ولم تكن تبحث من ورائها عن ثراء او مصلحة خاصة، ولم تمد يدك الى احد غير الله سبحانه وتعالى.
افنيت حياتك في بر والدك وكنت تسهر على راحته ولم تفارقه للحظة، وكنت تطلب رضاه وسعادته الى ان فاضت روحه، رحمه الله، إلى بارئها، كتبت قصه للأجيال في بر الوالدين، وعز الله ان كل من عرفك كان يشهد بذلك وكنت مضربا للأمثال بحسن بر والدك. وكنت خير معين لوالدتي المرحومة لأكثر من ٣٠ سنه بفترة مرضها وهي طريحه الفراش ولم تبحث عن رفاهية الحياة بقدر حرصك على تربية شقيقاتي واخوي يوسف وعلي، وكنت خير معين لنا جميعا ولم تتركنا نحتاج احدا بوجودك، كنت حمامة مسجد بشهادة الجميع، وكنت دائما تسابق المصلين للصفوف الاولى، ولم تبحث عن سعادة لك بقدر حبك لأبنائك وبناتك ووالدك ولجميع اهلك ومن حولك.
وكنت دائما تقول اللهم اصلح ماعطيت، ومن بعد ولادتي بسنتين مرضت والدتي بمرض التصلب المنتشر ولم تيأس على ما اصابها وتعبت معها بجميع المستشفيات بالكويت وخارج الكويت، الى ان توفاها الله عام ٢٠١١، سائلين الله تعالى لها جنات الخلد بإذن الله يا ام يوسف.
ولم تكن والدا لي فقط ولكن كنت صديقا لي وتعلمت منك صلة الرحم ودروس الحياه وشاهدت بعينيك مخافة الله، وكنت تردد دائما: اللهم لك الحمد والشكر، وحتى آخر ايامك بقي قلبك معلقا بالمسجد بفضل لله.
ابكيتنا وودعتنا الى ربك الغفور الرحيم.. الى رب كريم عطوف، نسأله تعالى ان يسكنك فسيح جناته الفردوس الأعلى.
اللهم ارحم والدنا واعف عنه وثبته عند السؤال، اللهم أكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
ابن الفقيد
أحمد منادي النمران