- بوشميس.. هواية تربية النحل وإنتاج العسل عشق لا ينتهي منذ أكثر من 30 عاماً
- متوسط إنتاج الخلية الواحدة في الكويت كان يتراوح بين 25 و30 كيلو غراماً تقريباً وحالياً بين 3 و 5 كيلوات تقريباً والأسباب واضحة وفي مقدمتها التلوث وكثرة النحل
كريم طارق
بعد زيارتي السابقة لمنطقة أبوالحصانية، وبالتحديد مسجد هيا الإبراهيم، والالتقاء برواده، لمشاركتهم جمعتهم الفريدة بعد صلاة فجر الجمعة، والتي قد لا تجدها إلا في عدد قليل من المساجد، استطيع القول وبالعامية المصرية إن الزميل يوسف عبدالرحمن «جاب رجلي»، وأصبحت أحد عشاق هذه الجمعة المميزة التي يعقدها رواد المسجد اسبوعيا، هذه المرة كان اتفاقنا للقاء الأخ العزيز خالد الشميس (بوشميس) بعد أن علمت عن خبرته في مجال تربية النحل وإنتاج العسل، خاصة أنني مثل جميع العامة أعلم عن فوائد العسل العظيمة والتي ذكرها المولى عز وجل في كتابه الكريم حين قال سبحانه: (وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) النحل: 68 - 69)، ولكنني لا أعلم كثيرا عن طرق تربية النحل وخاصة في الكويت والمنتجات المختلفة التي من الممكن أن نستخرجها من خلية النحل.
ولهذا السبب حرصت على الالتقاء بـ«بوشميس» للحديث عن قصته وعشقه لهواية تربية العسل منذ أكثر من 30 عاما، وذلك بعد مناوشاته الودية التي لا تنتهي مع الزميل يوسف عبدالرحمن، فإلى التفاصيل:
في البداية، تطرق بوشميس إلى ولعه بتربية النحل وإنتاج العسل وذلك قبل الغزو العراقي الغاشم وبالتحديد منذ أكثر من 30 عاما، مشيرا إلى أن استخراج العسل في ذلك الوقت كان يشهد نتائج طيبة جدا في الكويت، لدرجة أن متوسط إنتاج الخلية الواحدة في الكويت تراوح بين 25 و30 كيلو تقريبا.
ويذكر بوشميس أيام دراسته في الهيئة العامة للزراعة قائلا: كان د.عطية يستشهد دائما بأن العسل الكويتي من أفضل أنواع العسل في العالم، وكنا نعتقد في ذلك الوقت أنها مجرد مجاملة، ولكننا تأكدنا من صحة معلومته بعد سنوات وسنوات عندما حل عسل السدر الكويتي في المرتبة الثالثة عالميا، ضمن مسابقة العسل التي ينظمها معرض العسل البريطاني في لندن.
الإنتاج الكويتي قديماً
وأشار إلى أن الكويت تتمتع بمعدلات عالية في الإنتاج مقارنة بكثير من الدول العالم، مرجعا السبب في ذلك إلى عدة عوامل، والتي تأتي في مقدمتها الأشجار ذات الرحيق عالي الجودة والكمية، لافتا إلى أن النحل في الكويت يعتمد على 3 أنواع أساسية من الأشجار وهي شجرة السدر المستخرج منه عسل السدر الذي تشتهر به الكويت، وشجرتا الكينا والصفصاف اللتان يستخرج منهما العسل الربيعي.
وأوضح بوشميس قائلا: ولهذه الأشجار الفضل في ارتفاع حجم إنتاج الكويت من العسل، إذ يعادل الرحيق المستخرج من شجرة السدر في الكويت هكتارا من الأزهار المزروعة في دولة أخرى، فقد كان أصدقاؤنا المختصون أو المعنيون في مجال إنتاج العسل بجمهورية مصر العربية يتعجبون من حجم الإنتاج المتوافر في الكويت وبجودة عالية تضاهي، وقد تتخطى أحيانا المتوافرة في مناحل مصر، وقد كنت أجيبهم دوما بأن السر في البركة المتوافرة في هذه الأرض الطيبة.
وتابع قائلا: ولكن مع الأسف في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم جراء التلوث البيئية الذي يعد أحد العوامل الرئيسية المؤثرة في حجم وجودة إنتاج العسل في العالم، تأثرت متوسطات الإنتاج العالمية من العسل بشكل ملحوظ، وواضح لدى جميع المختصين في هذا المجال، حيث إننا من الممكن أن نقيس درجة تلوث المدن بمنتجات العسل وجودتها، وبالطبع تأثرت الكويت كباقي الدول بهذا التلوث ليصل متوسط إنتاج الخلية من 3 إلى 5 كيلو تقريبا، والذي يعد أكبر دليل على مدى التلوث الذي نعيش فيه الآن، بعد أن كانت الخلية الواحدة تنتج ما يقرب من 25 كيلو من العسل.
مستقبل إنتاج العسل في الكويت
وفيما يتعلق بمستقبل تربية النحل وإنتاج العسل في الكويت، قال بوشميس: مع الأسف تشهد عملية إنتاج العسل في الكويت خلال السنوات الأخيرة تراجعا شديدا، ويعود السبب كما أشرنا إلى التلوث وكثرة المناحل، فكلما زاد النحل في المنطقة فمن المنطقي أن يقل متوسط إنتاج الخلية وجودتها، وذلك مقارنة بالأماكن التي تقل بها أعداد النحل، مشيرا إلى أن الحل لمعالجة هذا التراجع يقع على عاتق الهيئة العامة للزراعة، والتي نناشدها الإكثار من زراعة أشجار السدر والكينا والصفصاف، ليعود الإنتاج الكويتي من العسل إلى جودتها المعهودة.
وبسؤاله عن النحل الكويتي وخصائصه، أوضح أنه لا يوجد ما يعرف بالنحل الكويتي، مشيرا إلى أننا في الكويت نستورد هجينا من النحل الإيطالي الملقح مع النحل المصري المعروف بـ«الشغول» أي كثير الحركة، وذلك لاستخراج سلالة قادرة على تحمل حرارة الكويت، كما تكون قادرة على تحمل البرد أيضا، أما عن تكلفة تربية النحل أو الخلية الواحدة فأشار إلى أن تربية النحل غير مكلفة كما يتوقع البعض، إذ إن تكلف الخلية الواحدة 30 دينارا، بينما تكلفة الملابس الواقية من لسعة النحل 5 دنانير.
غذاء الملكة
وتحـــــدث بوشميس أيضا عن الفوائد «العظيمة» لغذاء الملكة والذي يتم استخدامه حاليا كعلاج للكثير من الأمراض المستعصية، فضلا عما يمنحه للجسم من طاقة ونشاط قد لا تجده في أي طعام أو شراب آخر.
وأضاف انه من السهل على مربي النحل أو ذوي الخبرة في المجال استحداث خلية جديدة من الخلية الأصلية، وذلك من خلال وضع غذاء الملكة في العين السداسية للخلية ومضاعفة غذاء الملكة فيها لسبعة أضعاف تقريبا، أما اليرقة الموضوعة في العين فتخرج نحلة مختلفة من حيث الشكل والطول والعمر أيضا، خاصة أن المتعارف عليه أن النحل الطبيعي يعيش من شهرين إلى 3 أشهر تقريبا، بينما تعييش الملكة الجديدة سبع سنوات تقريبا، والسبب في ذلك هو الغذاء السحري المعروف بغذاء الملكة والذي تمت مضاعفته لليرقة، التي أصبحت لها القدرة على أن تبيض 2000 بيضة تقريبا في موسم التكاثر.
كما تطرق بوشميس إلى مشتقات الخلية، لافتا إلى أن كثيرا من الناس يعتقدون أن «النحل يعني العسل»، ولكن الحقيقي أن العسل هو أول منتجات الخلية وليس آخرها حيث تحوي الخلية على حد تشبيهي صيدلية متكاملة، إذ يأتي بعد ذلك الشمع وغذاء الملكة، ثم حبوب اللقاح ثم العكبر وفي النهاية سم النحل.
وتابع قائلا: كما نطلق عليه في الكويت، العكبر بحر من الفوائد، فمن خلاله بإمكاننا معالجة أمراض مستعصية كثيرة، إذ يعد في حد ذاته أحد أقوى المضادات الحيوية على الإطلاق، فهو يعالج آلاف الأمراض ولكن دون أي آثار جانبية قد تتسبب الإنسان من العقاقير الطبية المصنوعة.
واستطرد بالقول بأن النحل يستخلص العكبر من براعم الأشجار، بينما يستخدمه النحل لتعقيم وتطهير الخلية، إذ يقوم النحل بدهن العيون السداسية ومداخل الخلية أيضا وذلك لمنع أي نحلة من الدخول دون أن تطهر نفسها وتعقمها، مشيرا إلى أن فاعلية تلك المادة على التطهير أقوى بكثير من «الديتول» المستخدم في المستشفيات، فضلا عن كونه خاليا من أي آثار جانبية، موضحا أن العكبر هو تلك المادة السوداء المحيطة ببرواز الخلية، حيث يظهر باللون الأسود نتيجة تراكمه عبر السنوات ليظهر بهذا الشكل.
جودة العسل
وبسؤاله حول العوامل المؤثرة في جودة العسل بشكل عام، أشار إلى أن جودة العسل تقاس بعاملين أساسيين وهما نسبة السكريات ونسبة الرطوبة أيضا، لافتا إلى أن هناك العديد من الأجهزة التي يمكن من خلالها قياس نسبة الرطوبة في العسل ولكنها غالية جدا وليست في متناول الجميع، وبالتالي كلما زادت نسبة الرطوبة في العسل قلت جودته، موضحا أن الأمر يختلف مع نسبة السكريات في العسل، فكلما زادت نسبة السكريات أصبح العسل أكثر جودة.
وبسؤاله عن أنواع العسل المتواجدة في السوق الكويتي، أجاب بالقول: يتصدر العسل الإيراني واليمني «الدوعني» والمصري «البرسيم وقصب السكر» وبعض الأنواع التي تستجلب من أوروبا، كما أن هناك نوعا جيدا يستجلب من روسيا.