- صلة الجوار التاريخية بين الكويت والعراق زادت من شدة الألم ونتمنى للعراق الاستقرار والسلام
- جاسم العون أدخل الأموال في شاحنات خضار بالتنسيق مع الشيخ سعد رحمه الله
- عقدنا عدة محاضرات في الجامعات البريطانية لتوضيح جرائم النظام البعثي في الكويت
- أسسنا فرع جمعية إحياء التراث في لندن وعقدنا مؤتمرات وأصدرنا بيان استنكار وتنديد
- محمد القطامي تولى الاتصال وتوصيل سلام الأهالي من لندن إلى الكويت
- مؤتمر جدة والجولات على مستوى العالم من أبرز أعمال الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد
- الشيخ سعد العبدالله تولى الاتصال اليومي وعلى مدار الساعة داخل الكويت
محمد راتب
لم تكن أشهر الاحتلال العراقي الغاشم مجرد فترة سوداء على الكويت، بل كانت بقسوتها وبشاعتها أكبر من أن توصف في مرارتها على كل من أحب هذه الأرض الطيبة، أمام طعنة الغدر والنكران في فجر الثاني من أغسطس عام 1990 من المقبور صدام حسين، الذي لم يجد لوشائج الأخوة والجيرة والنسب والدين والعروبة أي رادع عن مخططه الدنيء لاستهداف كيان وسيادة الكويت، محاولا محوها من خارطة العالم وضمها إلى العراق، فأطلق العنان لزبانيته وجنوده ليمارسوا كل فنون الوحشية على أرض الكويت الطاهرة، ويرتكبوا أبشع صور التعذيب والسرقات والتخريب بوطننا الغالي، لكن بفضل المولى عز وجل، ومع الالتفاف خلف قيادة حكيمة من آل أسرة الصباح، وبالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، عادت الكويت حرة أبية عزيزة مستقلة. وفي شهر التحرير، شهر الأعياد الوطنية، حرصت «الأنباء» على الغوص في ملف تلك الفترة العصيبة، بمجموعة من اللقاءات الخاصة مع شخصيات كويتية كانت شاهدة عيان على محنة أهل الكويت سواء في الداخل أو الخارج، لنقدم صورة متكاملة عن كيفية تعامل الكويتيين مع تلك المحنة، وكيف تكاتف المواطنون خلف قيادتهم ليقدموا للعالم أجمع واحدة من أروع صور الولاء والانتماء، وليقوم كل منهم بدوره حتى علت كلمة الحق مدوية في وجه الطغاة، لتهب مختلف الشعوب إلى نصرة قضيتنا العادلة. شهادات حصرية من أصحابها نسترجع بها أصعب مرحلة مرت على تاريخ الكويت ولنأخذ منها العبر والعظات ولننتبه إلى أن تكاتفنا خلف قيادتنا السياسية سيظل سلاحنا القوي في وجه أي تحديات.
كان نبأ الغزو الصدامي صادما، فلم يجلس في بيته مقهورا على ما جرى، بل دفعه هذا الخبر الصاعق وهو في بريطانيا لعلاج ابنه، إلى تأسيس فرع جمعية إحياء التراث الإسلامي في لندن، وعقد المؤتمرات وإصدار بيان استنكار والتنديد بجريمة الغزو، والإمامة بمصلى في بيت تم استئجاره من قبل الشيخة د.سعاد الصباح، وإلقاء خطب الجمعة وعدة محاضرات في الجامعات البريطانية لتوضيح جرائم النظام البعثي في الكويت. هذا ما كان عليه النائب السابق د.عبدالرحمن الجيران الذي أجرت معه «الأنباء» حوارا أكد فيه أن الكويتيين كانوا ومازالوا وسيظلون ينظرون إلى جار الشمال بنفس النظرة على أنه أخ وشقيق، لكن للأسف فالكويتيون لم يستفيدوا من دروس الغزو، فلا يحمي الكويت بعد الله إلا أهلها. وفيما يلي التفاصيل:
بداية، حدثنا عن ذكرياتك في زمن الغزو الصدامي للكويت، وأين كنت في تلك الفترة؟
٭ وقعت هذه الأحداث عام 1990 وكنت في وقتها مرافقا لابني برحلة علاج في لندن، وأول ما سمعت الخبر من التلفزيون كنت في المستشفى وقت الفجر، فتملكني شعور بالاستغراب والاضطراب، خاصة أنهم أذاعوا نبأ قتل الشيخ فهد الأحمد ـ رحمه الله ـ فعرفت أن الأزمة كبيرة ومتشعبة ولاحول ولا قوة الا بالله.
ما الدور الذي قمتم به والجهود التي بذلتموها لخدمة القضية المحقة؟
٭ الدور الذي قمنا به من لندن أيام الغزو يتمثل في أنني تعرفت على الأخ العزيز محمد القطامي (بو لؤي) وكان له اهتمام بالاتصالات داخل الكويت وتوصيل سلام الأهالي من لندن إلى الكويت، وقد خصصت له السفارة الكويتية بلندن غرفة يقيم فيها، ويتصل بالداخل الكويتي لنقل السلام والاطمئنان من جميع أفراد الجالية الكويتية المقيمة في لندن، وقد اجتمعنا مع مجموعة من الإخوة أذكر منهم الأخ ناصر الحمدان، والأخ عبدالله صباح الفضلي، وأسسنا فرع جمعية إحياء التراث الإسلامي في لندن، وأخذنا الترخيص اللازم، وبدأنا المشوار منذ ذلك الحين، والذي تميز بعقد مؤتمرات لجماعة أهل الحديث، وإصدار بيان استنكار وتنديد لجريمة الغزو، ووقع على البيان جميع الجمعيات المعروفة بسلامة المنهج والعقيدة، كما قمت بالإمامة في مصلى ببيت تم استئجاره من قبل الشيخة د.سعاد الصباح، وإلقاء خطب الجمعة التي كان لها الأثر البالغ على أبناء الجالية الكويتية في تماسكهم وتلاحمهم ولله الحمد، كما عقدنا عدة محاضرات في الجامعات البريطانية لتوضيح جرائم النظام البعثي في الكويت، ولله الحمد استمر العمل جاريا في بريطانيا، حيث توسعنا فيه ودخلنا في مجال التربية والتعليم لدعم المدارس الإسلامية هناك، كما تم إنشاء مركز الإمام البخاري في مدينة مانشستر، وهو عبارة عن بيت تقام فيه حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وتعليم اللغة العربية، إلى جانب شرح كتاب التوحيد، وصحيح الإمام البخاري، ومازال بحمد الله العمل والدعوة إلى يومنا هذا بفضل الله ثم بتبرع من أحد المواطنين الكويتيين خلال الغزو العراقي، وهذا يؤكد مدى تأصل العمل الخيري في نفوس أهل الكويت فلم يمنعه الغزو ولا الظروف من مد يد العون والمساعدة حتى في أحلك الظروف.
ما الدور الذي قام به سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد- رحمه الله- وسمو ولي العهد الشيخ سعد العبدالله - رحمه الله - خلال تلك الفترة؟
٭ لقد قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، بدور كبير قبل وأثناء وبعد الأزمة، لكن الكثير لا يعلم هذا الدور، ولعل أبرز هذه الأدوار مؤتمر جدة الذي اختلطت فيه دموع الفرح والحزن، وامتزجت مشاعر الوطنية والتلاحم خلف القيادة الحكيمة لأسرة آل الصباح التي عرفناها في السراء كما عرفناها في الضراء، وكانت النتيجة التي لم يشهد العالم لها مثيلا وهي تحرير الكويت بفضل الله وحده.
وهذا إلى جانب الجولات على مستوى العالم للوفود الرسمية التي أمر بها صاحب السمو لشرح موقف الكويت. كما أن خطابه في الأمم المتحدة جعل العالم يقف له احتراما، ولقاءه الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الذي طمأن سموه وهنأه بعودته وعودة الشرعية، وهذا ما تم بفضل الله، ولهذا نقول للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد جزاك الله خيرا وأعلى قدرك ووسع لك في مدخلك في جنات النعيم على نصحك وحرصك على أبناء وطنك.
أما سمو ولي العهد آنذاك الشيخ سعد العبدالله رحمه الله فقد تولى الاتصال اليومي وعلى مدار الساعة بداخل الكويت، وكان مهندس هذا الاتصال الأستاذ جاسم العون (بوعبدالعزيز) حفظه الله من خلال الستالايت، حيث كان يتم إدخال الأموال في شاحنات خضار إلى داخل الكويت بالتنسيق مع الشيخ سعد العبدالله، رحمه الله، ليتم توزيعها على الأهالي بترتيب من الأخ بوعبدالعزيز.
كيف استطاعت الكويت الاستفادة من علاقاتها لتحرير البلاد؟
٭ لقد استثمرت الكويت علاقاتها المتوازنة ورسالة السلام التي تحملها والإنسانية التي تدعو إليها، كما استثمرت عدم الانحياز في سياستها الخارجية لإثبات موقفها المبدئي من رفض العدوان واحتلال الأراضي وتأكيد مبدأ الشرعية والسيادة على كل الأراضي الكويتية، فكانت النتيجة تلاحما دوليا لم يشهد التاريخ له مثيلا، ليؤكد سلامة سياسة الكويت وأحقيتها، وتم شجب العدوان والتنديد بصدام وحزبه.
كيف نظر الكويتيون في تلك الفترة إلى طعن العراق الصديق لهم في الظهر؟ وكيف ترون العلاقات الكويتية ـ العراقية اليوم؟
٭ الكويتيون كانوا ولازالوا وسيظلون ينظرون إلى جار الشمال بنفس النظرة وهي أنه جار وأخ وشقيق، والذي زاد من شدة الألم صلة الجوار التاريخية بين الكويت والعراق. ومازال أهل الكويت يتمنون للعراق الاستقرار والسلام.
كنائب سابق في البرلمان، كيف تنظرون إلى تطوير العلاقات السياسية مع العراق وتبادل الزيارات والوفود؟
٭ أعتقد أن العلاقات التاريخية بين الكويت والعراق يمكن تطويرها من خلال التعاون العلمي والأكاديمي من خلال جامعة الكويت والكليات العسكرية والمعاهد التطبيقية، وفتح المجال لجمعيات النفع العام الكويتية للعمل داخل العراق بالتنسيق مع الخارجية الكويتية، إضافة إلى زيادة مشاريع الاستثمارات خاصة في البنية التحتية وتكنولوجيا المعلومات وفتح المجال للقطاع الخاص وخاصة في مشاريع البنية التحتية.
ما الدروس التي استفادها الكويتيون من تلك المرحلة؟ وهل تعتقد أنهم استفادوا منها؟
٭ الدروس التي استفادها الكويتيون من الغزو يمكن أن تتلخص في أنه لا يحمي الكويت بعد الله إلا أهلها، مع الإخلاص في بناء الكويت، وأن بلادنا أمانة علينا المحافظة عليها، لكن هذه الدروس للأسف أصبحت في طي النسيان اليوم.
ما الرسالة التي توجهها الى كل مواطن؟
٭ الرسالة التي أوجهها لكل كويتي سواء عاش في فترة الغزو أو ولد بعد سنة الغزو، هي أن الكويت رائدة على مستوى العالمين العربي والإسلامي بتراثها وشعبها وإرادتها ومواقفها في المحافل الدولية تشرف كل غيور ومخلص من أبناء الأمة الإسلامية، وبالتالي لابد أن نعلم أن الكويت كما أعطت ولم تبخل فهي بحاجة إلى سواعد أبنائها وبحاجة الى عطاء المخلصين منهم لإعادة بنائها من جديد لتحقيق الاستقرار والتنمية، فأخلص في عملك سواء كنت صغيرا أو كبيرا، وقم بالواجب، ولا تنتظر من أحد جزاء ولا شكورا.