- الكويت «هي صوت الحكمة ومصدر القوة للسلام» وهذا ما جعلنا شركاء طبيعيين في زمن التوترات الإقليمية والعالمية
أشاد رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في البلاد د.كريستيان تودور بالإجراءات الوقائية التي تقوم بها الكويت في مواجهة جائحة كورونا المستجد (كوفيد-19) واستجابتها السريعة والفاعلة باتخاذ تدابير سريعة لحماية صحة وسلامة جميع السكان من مواطنين ومقيمين.
وأضاف تودور في تصريح خاص لـ«كونا» إن الكويت استجابت «بسرعة كبيرة وحازمة وفاعلة» وبدأت بفرض قيود للمواجهة في وقت كان فيه عدد المصابين منخفضا جدا.
وأوضح ان الكويت كانت من أولى الدول على المستوى الإقليمي التي تبنت إجراءات حاسمة بدت جذرية في ذلك الوقت ولولا هذه التدابير لكان الوضع أكثر صعوبة، داعيا الجميع للالتزام بالمتطلبات الصحية واحترامها «حتى نبقى أصحاء ونتغلب على هذه الأزمة معا».
وقال انه بالرغم من هذه الأوقات العصيبة فإن الكويت تقوم بمساعدة الدول الأخرى للحد من انتشار المرض، مثمنا قرار الكويت تقديم 60 مليون دولار لتمويل منظمة الصحة العالمية المخصصة للعمل ذي الصلة في البلدان الأكثر تضررا مثل العراق وفلسطين وسورية.
وثمن مشاركة الكويت في مؤتمر الاستجابة العالمية لمواجهة فيروس كورونا في مايو الماضي وتعهدها بتقديم 40 مليون دولار إضافية وهو المؤتمر الذي نظمه الاتحاد الأوروبي مع العديد من الحكومات والمنظمات الشريكة من أجل جمع الأموال للاسراع في تطوير ونشر التطعيم والعلاج وتشخيص المرض.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية فيما بعد (كورونا) توقع تودور انه مع خروج الكويت والاتحاد الأوروبي من الوباء ان «يكون مستقبل علاقاتنا الثنائية ممتازا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولدينا كل الأدوات في أيدينا لتعزيز علاقاتنا».
وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، قال ان إنشاء بعثة الاتحاد الأوروبي في الكويت في 14 يوليو 2019 شكل «تغيرا ملموسا في علاقاتنا بعد ان أصبح الاتحاد الأوروبي متواجدا أكثر في الخليج مما مكننا من تعميق شراكتنا مع الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي».
وأشار الى ان الاتحاد الأوروبي يعتبر الكويت شريكا متزايد الأهمية «وطموحنا أن يكون لدينا تعاون شامل ومتعدد الأبعاد يغطي الحوار السياسي والاقتصاد والتجارة والتعاون القطاعي والإقليمي»، مؤكدا عمق وقوة العلاقات بين الجانبين تاريخيا.
وقال ان الكويت لعبت دورا رئيسيا في تعزيز المشاركة من إقليم إلى إقليم بين الاتحاد ومجلس التعاون في إطار اتفاقية التعاون بين الاتحاد ودول المجلس عام 1988، مبينا أن العلاقات الثنائية شهدت في الآونة الأخيرة تقدما ملحوظا.
وألمح إلى ان الكويت كانت السباقة في منطقة الخليج بتوقيع اتفاقية تعاون مع دائرة العمل الخارجي الأوروبية في يوليو 2016 والتي توفر منصة لإجراء مشاورات سياسية منتظمة تغطي التحديات الإقليمية المشتركة في الشرق الأوسط اضافة إلى العلاقات الثنائية.
وأفاد بأن الاتفاقية تشمل الاستشارات القطاعية في مجالات الطاقة «بما فيها النظيفة والمتجددة» والأمن ومكافحة الإرهاب والتعاون الإنمائي ومجالات اخرى ذات اهتمام مشترك.
وشدد على ان العلاقات الاقتصادية هي أيضا محور تركيز مهم حيث ان الاتحاد هو الشريك التجاري الثالث للكويت التي تعد مستثمرا رئيسيا في أوروبا منذ امد طويل.
وقال ان هناك أمثلة عديدة لهذا التعاون منها عبر الهيئة العامة للاستثمار، حيث ينخرط الجانبان في حوار منتظم حول التجارة والاستثمار وقضايا الاقتصاد الكلي على المستوى الثنائي وضمن إطار مجلس التعاون الخليجي.
ونوه بحرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز هذا الحوار لدعم رؤية كويت جديدة (كويت 2035) لتنويع اقتصادها واستكمال وتعزيز العلاقات الراسخة التي تتمتع بها الدول الأعضاء في الاتحاد بالفعل مع الكويت.
وأكد تودور أنه في سياق ما بعد (كوفيد- 19) ستزداد أهمية الانتقال إلى اقتصاد مستدام ومرن ومحايد للمناخ، لافتا الى أن «اغتنام الفرصة لتحفيز انخفاض الانبعاثات والتحول لإعادة التدوير والمرونة لاقتصاداتنا سيحدث فرقا كبيرا لفترة طويلة تتجاوز التعافي من الوباء».
وقال ان أولئك الذين «يتعافون بشكل أفضل» سيتمكنون من الخروج من الأزمة أسرع وأقوى و«أرى التعاون في هذا المجال مربحا للجانبين حيث يمكن للكويت أن تستفيد أيضا من التقدم في جدول أعمال التنويع كأداة لمعالجة الآثار السلبية لتدابير الاستجابة لتغير المناخ والأزمات العالمية مثل الأوبئة».
واعتبر ان الاستثمارات في التقنيات الخضراء النظيفة ستساعد على خلق فرص العمل والنمو وبالتالي الإسراع في التعافي الاقتصادي الذي تشتد الحاجة إليه في مرحلة ما بعد (كوفيد -19)، مشيرا الى ان التمويل في المناخ والاستثمارات المستدامة سيكون ضروريا للمساعدة على التعافي بشكل أفضل.
وأشار الى أهمية تدابير كفاءة الطاقة في قطاعات مثل التنمية الحضرية والبناء والتجديد والاسكان والاقتصاد النظيف واعادة التدوير والطاقات المتجددة والنقل المستدام والتنقل الذكي والسياحة المستدامة والزراعة المستدامة وسلاسل القيمة الزراعية.
وأكد اهتمام الاتحاد بتعزيز التعاون الوثيق مع الكويت في مجال التأهب للأزمات، لافتا الى أن الأزمة الصحية الأخيرة أبرزت بوضوح أهمية الجهود العالمية الموحدة في هذا المجال.
وقال إن الاتحاد الأوروبي هو ثالث أكبر شريك تجاري للكويت التي كانت مستثمرا رئيسيا في أوروبا منذ فترة طويلة، معربا عن تطلع الاتحاد الى مواصلة تطوير تعاونه مع هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الكويتية في الأشهر المقبلة نحو تسهيل الاستثمار الأوروبي ونقل المعرفة الأوروبية إلى الشركات الكويتية.
وعلى مستوى الأفراد، ذكر ان الاتحاد يوفر فرصة للطلاب والباحثين ومؤسسات التعليم العالي والبحث من الكويت مع تمويل مخصص لدعم المرشحين من منطقة الخليج للمشاركة في برامج أوروبية للبحث العلمي.
وحول التعاون الأمني، قال إن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والأمن شهد تقدما ملحوظا مع زيارة منسق مكافحة الإرهاب بالاتحاد الأوروبي في مارس 2019 حيث تم إطلاق ثلاثة مشاريع محددة مع وحدة الاستخبارات المالية الكويتية بشأن تمويل الإرهاب ومع وزارة الإعلام حول الخطاب البديل لمواجهة عنف التطرف ومع مكتب المدعي العام لتعزيز التعاون القضائي بين الاتحاد والكويت.
ولفت الى أن الاتحاد قدم من خلال (مركز التميز للأبحاث الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية) المساعدة المادية والتقنية المهمة لـ«مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ» في الكويت من خلال إطلاق مشروع لتثبيت أحد أنظمة دعم القرار الرائدة في العالم.
وتوقع انه عند الانتهاء من المشروع أن يحصل «مركز مجلس التعاون لإدارة حالات الطوارئ» على هذا البرنامج الأوروبي الرائد بما يدعم اتخاذ القرار في حالات الطوارئ الإشعاعية بمجرد أن تسمح الظروف بذلك.
وأعرب عن تطلعه إلى دفع هذا العمل إلى الأمام و«مواصلة تطوير تعاوننا الأمني في المجالات الجديدة ذات الاهتمام المشترك».
وتوقع تودور مع استكمال إنشاء البعثة أن «نكون قادرين على لعب دور أقوى وأكثر فعالية في تسهيل التعاون وبناء الجسور بين الشعبين الكويتي والأوروبي».
ولفت الى أن أحد أهداف البعثة هو تأسيس علامة تجارية للاتحاد الأوروبي في الكويت للتغلب على فكرة منتشرة على نطاق واسع مفادها أن الاتحاد يتعلق بـ«شنغن» فقط «لذلك نحن نحاول زيادة الوعي بالاتحاد من خلال استخدام أدوات مختلفة».
وقال «نحاول أن نكون أقرب إلى الجمهور الكويتي وخاصة الشباب باستخدام منصات التواصل الاجتماعي التي تحظى بشعبية كبيرة هنا وقد شاركنا مؤخرا بلقاء مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي يركز على الشباب».
وحول آخر التطورات في اتفاقية التعاون الثنائي بين الكويت ودائرة العمل الخارجي الأوروبية في مواجهة التحديات الإقليمية قال انه يتطلع إلى عقد اجتماع كبار المسؤولين في الأسابيع المقبلة عبر الاتصال المرئي المكلف بمراجعة التقدم المحرز في تنفيذ ترتيبات التعاون وتقديم التوجيه بشأن مواصلة تطوير العلاقات الثنائية.
وأعرب عن الأمل في نجاح الاجتماع في تحديد فرص جديدة للتعاون في الركيزتين الثانية والثالثة لترتيب التعاون في الاتفاقية أولا بالتعاون مع الصندوق الكويتي في مجال المشاريع المشتركة للتعاون التنموي والمساعدات الإنسانية وثانيا في مجال الطاقة المتجددة والبحث والتطوير.
وقال إنه من الواضح أنه في السياق الحالي للاضطراب الاقتصادي وعدم اليقين الناجم عن «الصدمة المزدوجة» لوباء (كوفيد-19) وانهيار أسعار النفط العالمية سيكون لدى الاتحاد الأوروبي والكويت أسباب أكثر من أي وقت مضى لاستكشاف أوجه التعاون الممكنة للعمل على مساعدة الكويت على تنويع اقتصادها وبالتالي تقليل اعتمادها الشديد على إنتاج النفط وتصديره.
وعن خطوات الاتحاد الاوروبي الفعلية لدعم رؤية «كويت 2035» لتنويع الاقتصاد، أكد أن الاتحاد لديه خبرة واسعة وتجربة كبيرة في المجالات ذات الصلة بهذه العملية خاصة في المجال الاقتصادي الرئيسي للرؤية مع الأخذ بالاعتبار القضايا الاجتماعية والبيئية.
وقال إن تجربة الاتحاد الأوروبي مهمة أيضا خاصة في سياق اتفاقيات التجارة الحرة «الحديثة» مع تضمين اللوائح لضمان الاستدامة في مجالات مثل حقوق الإنسان وحماية البيئة.
وأشار إلى أن ربط الكويت بمجالات العمل في الاتحاد الأوروبي من خلال استخدام أدوات مختلفة سيسهل التحقيق الملموس للحوار خاصة على مستوى التجارة الإلكترونية بين المنشآت الامر الذي يولد فرص الأعمال والفرص التجارية لكل من الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي ويسهم بدوره في تنفيذ الأهداف الاقتصادية لرؤية «كويت 2035».
وحول دور الكويت والاتحاد الأوروبي في المجال الإنساني والجهود المبذولة لمواجهة التحديات الدولية، ذكر أن الكويت من بين كبار المانحين العرب وتعد حليفا مهما للاتحاد في المجال الإنساني و«نأمل أن تستمر الكويت في لعب دورها المهم كمساهم قوي في المساعدة الدولية على المستوى العالمي».
وقال إن الاتحاد الأوروبي والكويت أبديا استعدادهما للتعاون في معالجة التحديات الدولية بشكل مشترك من خلال المشاركة في رئاسة العديد من الفعاليات الدولية المهمة مثل مؤتمرات بروكسل حول دعم مستقبل سورية والمنطقة ومؤتمر الكويت الدولي حول إعادة إعمار العراق والمؤتمر الدولي لمواجهة محنة (الروهينغيا).
وأوضح أن المؤتمر التالي سيعقد في 30 يونيو الجاري في «شكل افتراضي»، آملا أن يشارك وزير الخارجية الكويتي.
وأكد أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى آفاق أوسع من التعاون مع الكويت في هذا المجال ويرحب بقرار الكويت استضافة مؤتمر دولي حول التعليم في الصومال بالمستقبل القريب والمشاركة في مؤتمر المانحين لدعم إعادة إعمار السودان.
وفيما يخص سياسة الكويت الخارجية، قال: إن الكويت «هي صوت الحكمة ومصدر القوة للسلام» وهذا «ما جعلنا شركاء طبيعيين في هذه الأوقات الصعبة في زمن التوترات الإقليمية والعالمية كما قال الممثل السامي نائب الرئيس الأسبق للاتحاد الأوروبي في افتتاح بعثة الاتحاد الأوروبي إلى الكويت في 14 يوليو 2019».
وشدد على أن الكويت أصبحت شريكا للاتحاد الأوروبي باعتبارها واحدة من أكثر دول الخليج تماثلا في التفكير في منطقة مليئة بشكل متزايد بعدم الاستقرار والصراع.
ولفت إلى أن الكويت والاتحاد الأوروبي يتوافقان بشكل وثيق في العديد من القضايا الرئيسية بالسياسة العالمية وحول إيجاد حل عادل ومنصف للقضية الفلسطينية وضمان الاستقرار والسلام والازدهار للعراق والسلام والأمن الإقليميين من خلال الجهود المبذولة لتعزيز الحوار وتهدئة التوترات.