- الزعبـي: لـم نستطع صنـع الإنسان القادر علـى استيعاب الآخريـن
- التكويت وضع المواطن الجيد في وظيفة ما ولكن تعيينه لمجرد أنه كويتي خطأ
- الغبرا: «الإعلام» سلاح ذو حدين.. يمكنه تعزيز العنصرية أو القضاء عليها في مهدها
- «تويتر» شهد الكثير من الإهانات ضد البدون والوافدين خلال الفترة الماضية
- النجار: هناك عنصرية «قانونية» وأخرى اجتماعية وسياسية واقتصادية
أعدتها للنشر: آلاء خليفة
نظمت «منصة حوار» ندوة بعنوان «الانعكاسات السياسية والاجتماعية للخطاب العنصري» بمشاركة مجموعة من الأكاديمين والمتخصصين وهم: د.غانم النجار، د.علي الزعبي، د.حنين الغبرا، د.فهد المطيري، للحديث عن العنصرية في سياقها المحلي في الكويت والخليج بشكل عام لاسيما التي تظهر في وقت الأزمات.
في البداية، قال محمد اليوسف من منصة حوار ان الندوة سياسية تناقش أزمة قديمة تفاقمت مع الظروف ومع قرب موعد الانتخابات وهي الخطاب العنصري، موضحا ان رجلا من ذوي البشرة السوداء قتل في أميركا على يد ضابط أبيض فصاح العالم بما فيه العرب بينما لو نظرنا الى أنفسنا لوجدنا اننا ايضا متهمون بالعنصرية تجاه الوافدين، مستغربا ظهور خطابات عنصرية مؤخرا مثل «كلونا الوافدين وأخذوا وظائفنا والكويت للكويتيين، وأنا عنصري من أجل الكويت، والوافدون خطر على الهوية الوطنية» وغيرها من الخطابات التي بدأت تتفشى في المجتمع، لافتا الى ان هذا الخطاب الشعبوي قد يحمل نفسا عنصريا في نظر البعض بينما يرى آخرون انه مستحق حيث يقدم ابن البلد على الوافد الذي يعتبر ضيفا.
من جانبه، أوضح أستاذ الانثروبولوجيا بكلية العلوم الاجتماعية د.علي الزعبي ان العنصرية شيء من الهمجية سواء بين أفراد فئة المجتمع الواحد او تمارس ضد الجماعات الأخرى الوافدة وغيرها، لافتا الى ان العنصرية واقع متجذر وراسخ في المجتمع الكويتي وأحيانا تبرز كردة فعل، وقمنا بعمل دراسة على طلبة الصف الابتدائي الأول واكتشفنا انهم في هذا العمر يعرفون إذا ما كانوا سنة او شيعة، حضرا او بدوا، وبالتالي فهم اكتسبوا العنصرية من الأسرة او المجتمع الصغير.
وذكر الزعبي انه مع الأسف كل جماعة في المجتمع تعتقد ان لها ميزات خاصة عن الجماعات الأخرى وهذا بسبب اننا لم نخلق الإنسان القادر على استيعاب الآخرين منذ تأسيس الدستور الكويتي عام 1961 وانما كررنا الإنسان العشائري القبلي الفئوي العنصري المذهبي.
فلا التعليم ولا الدولة استطاعوا خلق أشخاص قادرين على استيعاب الآخر، موضحا ان المجتمع الكويتي حاليا يلقي اللوم على الوافدين خلال الأزمة الحالية قائلا: لقد خرجنا من تاجر الإقامة وذهبنا الى الوافد ومسببات اخرى طائفية، مؤكدا ان التبرير مبني على الضعف وليس على قدرة الإنسان على التحليل المنطقي.
وأفاد بأن الولاء للوطن يعني احترام جميع الفئات التي تعيش على هذه الأرض فمثلا في أولوية الدوار ليست للقادم من جهة اليسار إنما «للمواطن» ليس فقط في الكويت انما في الكثير من الدول العربية وعلينا ان ننظر الى التنوع الموجود في المجتمع الكويتي على انه أمر إيجابي، مؤكدا اننا بحاجة الى تنمية ثقافية في المجتمع حتى نستطع ان ننقل المجتمع من هذا الفكر الانغلاقي الانعزالي الى القدرة على استيعاب الآخر.
وأضاف: التكويت هو وضع المواطن الكويتي الجيد في وظيفة ما ولكن تعيين الكويتي لمجرد انه كويتي «سيزيد الطين بلة»، موضحا ان الخطاب العنصري سوف يستخدم في الانتخابات البرلمانية القادمة في الكويت وخاصة مصطلح التكويت والمواطن والوافد.
أنواع العنصرية
ومن ناحيتها، ذكرت أستاذة الإعلام النقدي بجامعة الكويت د.حنين الغبرا، ان هناك عدة أنواع من العنصرية منها العنصرية المتضمنة والعلنية والإنكارية، موضحة ان من يتحدث عن ان هناك مبالغة في الحديث عن العنصرية يدخل في نطاق العنصرية الإنكارية، وهناك حالات كثيرة من العنف التي رصدت من قبل الكويتيين ضد الوافدين والبدون أوصلت البعض منهم الى الانتحار.
وأشارت الى ان الإعلام سلاح ذو حدين يمكنه تعزيز العنصرية أو القضاء عليها في مهدها من خلال ما يتم عرضه، لافتة إلى ان «تويتر» شهد الكثير من الإهانات والسباب ضد البدون والوافدين مؤخرا، مبينة ان حب الوطن والدفاع عنه لا يعني اضطهاد او قمع أشخاص كونهم من بلد آخر، لاسيما الذين يساهمون في بناء البلد والعنصرية موجودة بين الكويتيين انفسهم في تعاملهم مع بعضهم البعض.
بدوره، أفاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والخبير الدولي المعتمد لدى الكثير من المنظمات الدولية د.غانم النجار انه لا يوجد سياق محلي للعنصرية فهي عابرة للمسافات وموجودة في كل مكان وعلينا ان نفرق بين نوعين من العنصرية فهناك عنصرية مقننة «قانونية» واضحة ومنها العنصرية في جنوب أفريقيا وأميركا وإسرائيل وزيمبابوي وهناك العنصرية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، مبينا ان في قضية جورج فلويد لولا وجود الكاميرات من حوله لاتخذت القضية مجرى آخر، موضحا انه اذا دخلت الدولة في الموضوع وأصبحت جزءا من تشجيع العنصرية فستكون المشكلة أكثر فداحا.
وتابع: اصبحنا نشمت في الآخرين بعنصريتهم ونفرح بعنصريتنا ونغلفها بقوانينا وعاداتنا بل وننكر وجودها من الأساس وفيما يخص البدون قال النجار: أصبحت هناك عملية عزل للبدون تحولت من عزل اقتصادي وسياسي الى عملية اضطهاد لحقوقهم الأساسية بالاضافة الى العزل المكاني مما خلق حالة من تضليل المعلومات والكثير من الناس لا يعلمون ان العدد الأكبر من البدون موجودين في الكويت منذ زمن طويل، مشددا ان على الدولة اتخاذ إجراءات حاسمة لإنهاء معاناة البدون وإغلاق هذه القضية «الجارحة نفسيا».
وتحدث عضو منصة الدفاع عن بدون الكويت د.فهد المطيري وقال انه عند مقاومة الخطاب العنصري تجد من يؤكد انها وطنية وليست عنصرية، لافتا الى ان الوطنية شعور إيجابي يؤدي الى سلوك إيجابي تجاه الدولة ولكن اذا وصل الى درجة متطرفة لن يصبح وطنية بل عنصرية.
وذكر المطيري أن مفردات الخطاب العنصري القائم على خطاب كراهية يخلط بين الشعور الوطني الخاص وينقله الى العام ليتحول الى عنصرية قائمة على كراهية الأجانب، موضحا ان العنصرية حالة خاصة من التمييز ضد الآخر على أساس العرق او الإثنية، مبينا ان انتماء الشخص لدولة معينة يعني انتماءه الى قائمة من الحقوق والواجبات ولكن ما يحدث في الكويت ليس انتماء طبيعي كالموجود في الدول البدون أكثر ضحايا الخطاب العنصري.