أكد الخبير الفلكي عادل المرزوق أن حالة عدم الاستقرار في مناخ الكويت والمنطقة هذه الأيام نتيجة منخفض الهند الموسمي، مشيرا الى 6 أسباب اخرى تؤدي إلى هذا الطقس. وأشار إلى أن الغبار ليس سببه المنخفض الجوي المتمركز فوق الربع الخالي في جنوب الجزيرة العربية، وإنما الرياح الشمالية التي تهب علينا من الشمال بعد مرورها على الصحراء العراقية. وفيما يلي التفاصيل:
مبارك أولا على عودة إصدار «الأنباء» نسختها الورقية وإن شاء الله ننتهي من هذه الجائحة المقيتة قريبا بحول الله تعالى.
يتساءل الناس في هذه الأيام عن الحالة المناخية التي تمر بها منطقة شمال الخليج العربي وعن حالة عدم الاستقرار في الجو التي تمر بها هذه المنطقة ولذلك تكثر بينهم الأسئلة مثل هل سيزيد الهواء أم يخف؟ وهل يأتي الغبار أم لا؟ وأي فترة نحن في هذه الأيام؟
والإجابة عن هذه الأسئلة وأمثالها هي إجابات مكررة تتردد في كل عام في هذه الفترة وهي أن منطقة شبه الجزيرة العربية تدخل في هذ الفترة الزمنية بفترة مدتها 40 يوما تعرف محليا باسم فترة البوارح وتحديدا تسمى «البارح العود» الذي سوف تنتهي فترته في يوم 16 يوليو، حيث يلاحظ بعد هذا التاريخ انخفاض ملحوظ في الرياح النشطة المسببة للغبار وخصوصا الغبار العالق الذي يهب في النهار ويترسب في الليل والذي يميز هذه الفترة عن غيرها من الفترات المناخية.
وهنا نفسر وبوضوح أكثر ونشير إلى أن حالة عدم الاستقرار في مناخ منطقة شمال الخليج العربي في هذه الأيام هي نتيجة لوجود منخفض الهند الموسمي المتمركز فوق المحيط الهندي والذي يؤثر على طقس منطقتنا، فمع هبوب الرياح الشمالية أو الشمالية الغربية النشطة التي تأتينا من الشمال يكون مكان نشوئها ومصدر هبوبها هو من جنوب تركيا حيث تمر على صحراء الشام ثم تمر على صحراء وسط العراق ثم بعد ذلك تصل إلينا هذه الرياح وهي تحمل معها أحيانا الغبار والأتربة المتطايرة التي تميز هذه الفترة عن غيرها من الفترات المناخية في المنطقة.
ومن أهم الأسباب المؤدية إلى هذا الطقس المغبر ما يلي:
1 - يتمركز في هذه الفترة فوق منطقة شبه الجزيرة العربية عدة نطاقات من الضغط المنخفض منتشرة في كل شبه الجزيرة العربية.
2 - ان الرياح التي تسبب هذه العواصف رياح شمالية الى شمالية غربية وعادة يكون منبعها جنوب تركيا.
3 - ان الغبار والأتربة التي تصاحب هذه الرياح تحملها الرياح من الصحراء المتواجدة في وسط العراق بعد أن تكون مرت عليها الرياح الشمالية أو الشمالية الغربية.
4 - ان الرياح الشمالية التي تمر على المنطقة تكون متجهة الى جنوب شبه الجزيرة العربية وذلك لملء المنخفضات الجوية المتمركزة في وسط وجنوب شبه الجزيرة العربية.
5 - ان الرياح الشمالية التي تمر على المنطقة كثيرا ما تكون محملة بالغبار والأتربة التي تمنع الرؤية وخصوصا في السنوات التي تقل فيها كمية الأمطار الساقطة في الشام والعراق.
6 - ان الرياح الجنوبية الى الجنوبية الشرقية والتي تعرف باسم (رياح الكوس) تهب علينا من جنوب شبه الجزيرة العربية أو من المحيط الهندي.
لهذا نقول لك عزيزي القارئ «إن الغبار الذي يهب ويغطى سماء الكويت بين فترة وأخرى خلال فترة الصيف من السنة ليس سببه المنخفض الجوي المتمركز فوق الربع الخالي في جنوب شبه الجزيرة العربية كما يعتقد البعض، وإنما سببه الرئيسي هو الرياح الشمالية التي تهب علينا من الشمال بعد مرورها على الصحراء العراقية»، حيث تتأثر المنطقة وبقوة في هذه الفترة إلى وجود منخفض الهند الموسمي الذي يؤثر على حالة المناخ في منطقة شبه الجزيرة العربية خصوصا عندما يبدأ منخفض الهند الموسمي في التكون مع منتصف شهر أبريل أو شهر 4 من كل عام، فتبدأ الحالات المناخية المعروفة عند أغلب الناس في شبه الجزيرة العربية وشمال الخليج مثلما يعرف محليا بـ«سبق السرايات» والتي تبدأ يوم 15 أبريل مع بداية «نوء المؤخر» المتزامنة مع فترة الحميم التي تهب معها الرياح النشطة في هذه الفترة.
ونوضح هنا وبصورة أشمل ونشير الى أن منخفض الهند الموسمي ليس محصورا على منطقة شمال الخليج أو شبه جزيرة العربية فقط وإنما يتمركز هذا المنخفض في ثلاث مناطق رئيسية في العالم هي:
1 - يسيطر منخفض الهند الموسمي على مساحة واسعة من الجزيرة العربية تشمل شمال الخليج العربي حتى جنوب تركيا.
2 - تتأثر الهند كلها تقريبا بتأثير هذا المنخفض حيث تدخل الهند في موسم الأمطار ويؤثر هذا المنخفض في هبوب الرياح الموسمية الاستوائية المطيرة إلى الهند و جنوب شرق آسيا والمعروفة عالميا برياح «المونسون» ( Monsoon) أو الفترة المطيرة والتي كانت تعرف عند البحارة الكويتيبن الذين سافروا الى الهند في الماضي باسمها الهندي وهو اسم (البراصات) والتي تعني المطر في اللغة الهندية وفترة (البراصات) هذه تبدأ في الهند من يوم 15 أبريل حتى يوم 15 يوليو وهي نفس الفترة التي يكون فيها الخليج وشبه الجزيرة العربية في فترة الغلاق والكنه أو غيوب النجم الأحيمر وهبوب رياح السرايات العاصفة وهي الفترة التي لا تدخل فيها السفن في الماضي الى البحر.
3 - يتمركز تأثير منخفض الهند الموسمي على مناطق شبه القارة الهندية والمحيط الهندي ويمتد إلى جنوب الجزيرة العربية وكذلك على شمال بحر العرب وشبه الجزيرة العربية وصولا إلى تركيا في الشمال ولكن يزداد تأثير منخفض الهند الموسمي في شهر يونيو أو شهر 6 فتزداد مساحة تأثيره في شهر أغسطس أو شهر 8 لتشمل بعض مناطق فرعية أخرى منتشرة في القارات الثلاث مثل شمال أفريقيا والقارة الأوروبية وأجزاء من قارة آسيا.
وهذه المناطق هي كما يلي:
1 - المركز الرئيسي وهي الهند والذي أخذ منه الاسم فيتواجد في شمال شبه القارة الهندية.
2 - المنخفض الذي يطلق عليه اسم المنخفض الحراري العربي والذي يتمركز في جنوب شبه الجزيرة العربية في صحراء الربع الخالي.
3 - «منخفض الجزيرة العربية» الذي يتواجد في الكويت والمناطق الشمالية التي تقع خارج الحدود الكويتية.
4 - المنخفض الذي يطلق عليه اسم منخفض الجوف والذي يتواجد في منطقة الجوف في شمال المملكة العربية السعودية وشرق الأردن.
5 - بالإضافة الى وجود منخفضات أخرى فرعية أو ثانوية تتمركز غالبا في السودان وتركيا وسيبيريا والأجزاء الجنوبية الشرقية من القارة الأوروبية.
وتكون تأثيرات هذا المنخفض ارتفاعا في درجة حرارة الجو في المنطقة الـى درجات حرارة مرتفعة تصل في بعض الأحيان الى 50 درجة مئوية خلال الفترة الممتدة من يوم 6/6 الى يوم 15 /7 من كل عام، وهو يوم نهاية فترة البوارح وأيضا هو اليوم الذي تتعامد فيه الشمس على الكعبة المشرفة.
كما يسبب منخفض الهند الموسمي انخفاضا كبيرا في الضغط الجوي في المنطقة وتشكل منخفضا جويا هائلا في المنطقة وتكون أرقام الضغط الجوي منخفضة جدا فتصل خلال شهري ( 6 و7) (يونيو ويوليو) إلى أدنى من 990 مليبار. وهذه الفترة تعرف أيضا باسم «التويبع أو الدبران» والدبران نجم يتبع أو يدبر نجم الثريا ونوء الدبران يدخل مع دخول برج السرطان الفلكي، وهي فترة معروفة بانعدام الأمطار فيها في منطقة شمال الخليج العربي والتي تقول العرب عنها «ما ذكر وادي في التويبع سال».
بعد هذه الفترة مباشرة يبدأ منخفض الهند الموسمي يضعف شيئا فشيئا إلى أن يفقد مراكزه العديدة تباعا في شهر سبتمبر من كل عام ويزداد ضعفه إلى أن يتلاشى تماما في شهر أكتوبر بعد ما تكون درجات الحرارة التي تسببت في تكونيه قد انخفضت تماما إلى أن يبدأ في التكوين مرة أخرى في السنة القادمة.