- 32 من 191 دولة توقف فيها التعليم استخدمت الإنترنت وأنهت العام الدراسي
- هناك قرار ببحث التعلم عن بُعد منذ 18 عاماً والتأخير تتحمله الإدارات الجامعية
- أزمة «كورونا» تستوجب لجوء صانعي السياسات التعليمية للتعلم الطارئ بإطار محدود
- التوسع باستخدام مصطلح «التعليم عن بُعد» بشكله الحالي سيكون له أثر سلبي كبير
أعدها للنشر: شافعي سلامة
قال د.فواز سالم الحصينان إن إنهاء العام الدراسي جريمة تعليمية وسيخلق كارثة لأنه سيتسبب في خلق فجوة بالتعليم والكم المعرفي والتحصيلي لدى الطلاب. وشدد الحصينان في دراسة أعدها حول التعلم الإلكتروني على أنه مكمل للتعليم التقليدي وليس بديلا عنه، لافتا إلى أن 32 دولة حول العالم استخدمت الإنترنت في العملية التعليمية وأنهت العام الدراسي. بدأت الدراسة بطرح مجموعة من الأسئلة هي: أزمة التعليم على مستوى العالم تتعمق بكل يوم يطول بها أمد جائحة كورونا.. فهل التعلم عن بعد هو الحل؟! ومن يدعو إلى إلغاء العام الدراسي على حق أم مخطئون؟! وما الطريق الأمثل لاستمرار عملية التعليم في هذه الجائحة؟!
وللرد على هذه الأسئلة، قال الحصينان إنه أول شهرين من أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد تأثر أكثر من 1.5 مليار طالب وطالبة بتوقف التعليم بالمدارس ومؤسسات تعليمية بـ 191 دولة بالعالم، وتقسمت كالآتي: 100 دولة لم تعلن عن خطط لإعادة فتح المدارس، 65 أعلنت عن خطط لإعادة فتح جزئي أو كامل (أوروبا ودول آسيوية منها الكويت)، 32 دولة استخدمت الإنترنت وأنهت العام الدراسي.
وفي إجابة عن السؤال «هل إلغاء العام الدراسي قرار جيد؟!» قال إن أخطر قرار يتخذ هو إنهاء العام الدراسي والذي يعتبر جريمة تعليمية وسيخلق كارثة بخلق فجوة بالتعليم والكم المعرفي والتحصيلي لدى الطلاب، فالتعليم عملية متصلة تعتمد مناهج كل مرحلة على المرحلة السابقة خصوصا بالعلوم والرياضيات والقراءة والتي تحتاج كل مرحلة الى مهارات ومعلومات تعتمد على المرحلة التي تسبقها ولذلك صممت مناهج التعليم من مرحلة رياض الأطفال الى المرحلة الثانوية وما بعد الثانوية بشكل متواتر.
التعليم والتعلم عن بُعد
وخلال الدراسة ذكر الحصينان ملاحظة مهمة مفادها أن الكثير من الأكاديميين يقع بخطأ فادح وهو عدم التفريق ما بين مصطلحي التعليم والتعلم، فمن الخطأ استخدام مصطلح «التعليم عن بعد» Distance Teaching والأصح «التعلم عن بعد» Distance Learning وهناك اختلاف جذري بينهما.
ولمزيد من التوضيح لهذه الفكرة أضاف ان مع انتشار مصطلحات تربوية جديدة تزامنا مع التحول في نظرية التعلم من جهة ومع ظهور تقنيات جديدة من جهة أخرى، فإنه يلاحظ ان تربويين كثرا مازالوا يستخدمون مصطلح تعليم وكأنهم يعتقدون ان مصطلح تعلم يلغي دور المعلم (او النظام التعليمي الوسيط)، رغم علمهم بحدوث تحول جوهري في النموذج التربوي هدفه ان يصبح المتعلم بؤرة التركيز انطلاقا من النظرية البنائية، وكمتعلم له درجة عالية من التحكم، وتوجيه تعلمه فرديا ومن خلال التعلم بالمشروع وحل المشكلة مع زملائه في تعلم تشاركي او تعاوني لتنمية مهارات التفكير العليا ومهارات ق21.. الخ.
وذكر عددا من المصطلحات كأمثلة في هذا الشأن ومنها:
٭ تعليم متنقل Mobile Learning (تعلم متنقل).
٭ تعليم مدمج Blended Learning (تعلم مدمج).
٭ تعليم إلكتروني ELearning (تعلم إلكتروني).
٭ تعليم تشاركي Collaborative Learning (تعلم تشاركي).
٭ تعليم تعاوني Cooperative Learning (تعلم تعاوني).
٭ تعليم بنائي Constructivie Learning (تعلم بنائي).
٭ تعليم عن بعد Distance Learning (تعلم عن بعد).
٭ أهداف تعليمية Learning Objective (أهداف تعلم).
بعد ذلك تطرقت الدراسة الى مسألة «هل التعلم عن بعد بديل عن التعليم التقليدي؟» حيث جاءت الإجابة بأن التعلم الإلكتروني ليس بديلا عن التعليم التقليدي، بل هو مكمل او جزء من كل ولا يقدم تعليما كاملا او يغطي التعليم التقليدي الشمولي، والذي يشمل أهدافه النفسية والحركية والمعرفية والتي يصعب تحقيقها بالتعلم عن بعد.
فقد أوضحت جامعة ستانفورد الشهيرة نقطة مهمة وهي أ، التعلم الإلكتروني Online Education محدد لفئات منها الطلاب الذين لديهم وظائف ويريدون ان يواصلوا تعليمهم او لديهم ظروف خاصة او الكبار في السن ويريدون زيادة المعرفة لديهم، وبرسوم مخفضة جدا، لأنك لا تحصل على تعليم كامل بل تتعلم ذاتيا بجودة ومستوى أقل.
تنفيذ القرارات الحكومية في وقتها هو التحدي
ولفتت الدارسة إلى توجه حكومي منذ فترة طويلة إلى الاستفادة من التعلم الإلكتروني، حيث ذكرت أن وزير التربية ووزير التعليم العالي أصدر في العام 2002، اي قبل 18 عاما، قرارا ببحث التعلم عن بعد ووضع الخطط والاستراتيجيات والبنية التحتية واللوائح التنظيمية.. الخ، فالتأخير كل هذه السنوات تتحمله الإدارات الجامعية المتعاقبة المسؤولية عن ترك الملف، الأمر الذي تحملت الإدارة الحالية في الجامعة بتشكيل لجنة لتنفيذ التعلم عن بعد وفق خطة الوزارة بتفعيل التعلم عن بعد خلال شهر أغسطس المقبل، وهذا قرار جريء ويحسب للإدارة الجامعية الحالية.
وفيما يتعلق بوجود أثر إيجابي لمستقبل التعلم عن بعد بشكله الحالي قال الحصينان إن التوسع باستخدام مصطلح «التعليم عن بعد» بشكله الحالي سيكون له اثر سلبي كبير وبالغ بفتح المجال لمؤسسات تعليمية رديئة بتقديم منتجات تعليمية عن بعد هابطة هدفها ربحي ولا تلبي احتياجات السوق وجودة مخرجات التعليم، والتي بدأت تظهر آثاره السلبية بدول خليجية بإعلانات لمدارس عن بعد.
وفي إجابة عن سؤال مهم عن أفضل الطرق لاستمرار التعلم في هذه الجائحة، قالت الدراسة إنه في هذه الأزمة يستوجب ان يلجأ صانعو السياسات التعليمية للتعلم الطارئ Emergency Edu وفي إطار محدود بهدف استمرار التعلم ونقل المعلومات للطلاب، مع الحرص كل الحرص على حضور الطلاب بتقديم الاختبارات التحصيلية داخل المؤسسة التعليمية لأهمية الأمر ولضمان عدالة التقييم للمتعلمين وهو الأهم ولاستحالة ضبط الاختبارات عن بعد.
التفكير النقدي
وفي إطار الإجابة عن التساؤل «لماذا لا نحذو حذو المؤسسات التعليمية العالمية في تفعيل التعلم عن بعد؟» قال الحصينان في الدراسة إن لجوء بعض الدول للتعليم الإلكتروني Online Education له عدة إبعاد تتوافق مع فلسفة التعليم لديهم والتي تقوم على التفكير النقدي Critical Thinking، وان التعليم لدى الغرب يتمحور حول الطالب نفسه وقدرته على التعلم الذاتي بكتابة المقالات والأبحاث عن طريق البحث الذاتي عن المصادر بالمكتبات والمجلات العلمية.. الخ، على عكس دولنا التي يتمحور التعليم حول المعلم نفسه وهو المصدر الرئيسي من خلال شرحه للمادة وإعطاء المعلومات وقياس التحصيل العلمي عن طريق الاختبار التحصيلي Achievement Test، الأمر الذي يصعب القيام به عن بعد.
الأزمة المالية والتعلم عن بُعد
من جانب آخر، مؤسسات التعليم بالغرب تمر بأقسى أزمة مالية بتاريخها، فهي تعتمد على تمويلها بشكل أساسي على الرسوم الطلابية للطلاب الأجانب وكذلك عن طريق سكن الطلاب الجامعي، وفي هذه الجائحة غادر الطلاب لبلدانهم ما شكل ضغطا ماليا على مواردها فهي تريد عدم فقدانها للطلاب بالتواصل معهم بالتعلم عن بعد ومحاولة من هذه الجامعات بالتخفيف عن العبء المالي باللجوء للتقنية وكذلك للضغط على الحكومات الفيدرالية للحصول على حزم مالية كمساعدة لتغطية نفقاتها ووضعها في سياسات الإنعاش الاقتصادي، مع انها أكدت انها لن تستغني عن التعليم التقليدي.
التعليم الإلكتروني كمصطلح ومجال له نماذجه ومعاييره
يعتمد التعليم الإلكتروني على بيئة متكاملة من العوامل المترابطة فيما بينها
يتجاوز التخطيط الجيد للتعليم الإلكتروني مجرد تحديد المحتوى الذي يقدم إلى الاهتمام بدعم أنماط التواصل المختلفة اللازمة لعمليات التعلم، وهذا يتطلب أن يُنظر لعملية التعلم بكونها عملية اجتماعية ومعرفية في آن واحد
عادة ما يستغرق إعداد مقرر للتعليم الإلكتروني ما بين ستة إلى تسعة أشهر، وعادة من يقدمون التعليم الإلكتروني لن يكونوا في وضع جيد من أدائهم إلا بعد تقديم المقرر ثلاث مرات
بلا شك ستكون هناك دراسات لتقويم جودة التدريس الطارئ عن بُعد، لكن المهم في تصميم الدراسات البحثية أن تحدد الأشياء التي ينبغي ألا تقومها