في الفترة بين يومي 7 و10 يوليو عام 2018، وبدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ، قام صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بزيارة ناجحة للصين، وقرر رئيسا البلدين بالإجماع إقامة شراكة استراتيجية صينية ـ كويتية، ما كان بمنزلة فتح فصل جديد في العلاقات الثنائية.
خلال العامين الماضيين منذ إقامة الشراكة الاستراتيجية بين الصين والكويت، يتطور التعاون الثنائي في مختلف المجالات باستمرار، وتم تحقيق نتائج رائعة. حيث تعمقت الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين باستمرار، وتكثفت التبادلات الرفيعة المستوى.
يدعم الجانبان بحزم المصالح الأساسية لبعضهما البعض، ويحافظان على التنسيق والتعاون في الساحة الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة. ويعمل الجانبان بنشاط على تنفيذ التوافقات الهامة بين زعيمي البلدين، وتم عقد الاجتماع الأول في إطار الآلية التنفيذية للتعاون الثنائي بنجاح، والاجتماع الأول للجنة التوجيهية الصينية ـ الكويتية المعنية بوضع الإطار العام والمخططات والدراسات لمشروع «مدينة الحرير والجزر الخمس الشمالية»، والدورة السادسة للجنة الكويتية ـ الصينية المشتركة للتعاون الاقتصادي والفني والتجاري.
تقدم التعاون الصيني ـ الكويتي دول المنطقة في مجال تقنية الجيل الخامس للاتصالات، وشاركت الشركات الصينية بنشاط في مشاريع الطاقة والإسكان والبنية التحتية في الكويت، وأصبحت الهيئة العامة للاستثمار من الجانب الكويتي أول مؤسسة أجنبية تستثمر في قطاع القطارات فائقة السرعة في الصين.
وازداد الحجم التجاري بين البلدين باستقرار. كما أصبح التواصل الشعبي في ازدهار مستمر، حيث تمت إقامة الأنشطة الفنية المتنوعة والمعارض الثقافية الملونة، وشهدت التبادلات بين محافظات ومدن البلدين زخما حيويا، وتعمق الفهم المتبادل والصداقة بين الشعبين باستمرار.
وفي العام الحالي، شهد مستوى علاقة الشراكة الاستراتيجية والتعاون والمنفعة المتبادلة بين الصين والكويت، المزيد من التطور خلال المكافحة المشتركة لجائحة فيروس كورونا المستجد، وجسد ما بادرت به الصين والكويت من تبادل الدعم والمساعدة بروح الفريق الواحد أمام الأزمة، المصير المشترك لهما في أزهى صوره، حيث وجه الرئيس شي جين بينغ وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الرسائل لبعضهما البعض للإعراب عن الدعم والمساعدة المتبادلة، وتبرع الجانب الكويتي للجانب الصيني بمستلزمات مكافحة الجائحة في الوقت الحاسم، بينما قدم الجانب الصيني عدة مرات التسهيلات للجانب الكويتي لشراء المواد والمستلزمات في الصين، كما قام الجانب الصيني أيضا بإرسال فريق الخبراء الطبيين إلى الكويت للمساعدة ودعوة وزارة الصحة والجهات العسكرية للمشاركة في العديد من الاجتماعات الافتراضية بشأن تبادل الخبرات والتجارب لمكافحة الجائحة لإيجاد سبل التعامل معها بشكل مشترك. وفي الوقت نفسه، توافدت الشركات الصينية والمواطنون الصينيون في الكويت للتبرع بمستلزمات الوقاية للجانب الكويتي، حتى ان شركة صينية أهدت سكن عامليها للجانب الكويتي كمركز للحجر الصحي رغم الصعوبات التي كانت تواجهها، ما عكس بوضوح تمسك البلدين والشعبين بمفهوم المستقبل المشترك للبشرية، وعزمهما الثابت لمجابهة الجائحة معا.
إن القصص المثيرة حول تبادل الصين والكويت الدعم والمساعدة لمكافحة الجائحة دليل آخر على صمود الصداقة الصينية ـ الكويتية أمام الاختبارات، وحيويتها المتجددة عبر التاريخ، باعتبارها منبعا لا ينضب للقوة الدافعة بالتنمية المتواصلة لعلاقة الشراكة الاستراتيجية بين الصين والكويت. أما إذا نظرنا إلى المستقبل، فسنجد إمكانيات هائلة تكمن في التعاون الصيني ـ الكويتي في مختلف المجالات، ونثق بأننا سنتمكن من الارتقاء بالعلاقة الصينية ـ الكويتية إلى مستوى جديد.
يجب علينا الالتزام بريادة قيادتي البلدين وتعزيز التنسيق الاستراتيجي. إن الجانب الصيني على استعداد للعمل مع الجانب الكويتي معا على التنفيذ بلا تردد للتوافقات الهامة التي تم التوصل إليها بين قيادتي البلدين، وتفعيل الدور الريادي الذي تلعبه التبادلات العالية المستوى بشكل كامل لتطوير العلاقة الثنائية، والحفاظ على التواصل والتنسيق الدائمين فيما يتعلق بالعلاقة الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك لتوسيع نطاق التوافق وتوطيد وتعميق الثقة السياسية المتبادلة، ومواصلة تبادل التفاهم والدعم مع الجانب الآخر فيما يخص المصالح الجوهرية والهموم الكبرى.
يجب علينا تعزيز التضامن والتعاون، وبذل الجهود المشتركة للتغلب على التهديدات الأمنية غير التقليدية. تتداخل القضايا الأمنية التقليدية وغير التقليدية في عصر العولمة الاقتصادية، حيث يتعين على الصين والكويت وبشكل أكثر إلحاحا الدفع بالتعاون الاستراتيجي والعمل المشترك على مكافحة الجائحة وتقوية الدعم المتبادل في وجه التحديات العالمية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد. إن الجانب الصيني على استعداد للمضي قدما في تعزيز التعاون الصحي بين البلدين، وتقاسم الخبرات حول سبل الوقاية والسيطرة والتشخيص والعلاج باستمرار، وتحفيز التعاون في مجال تطوير اللقاح، سعيا لإنشاء مجتمع صحي مشترك بين الصين والكويت.
يجب علينا الكشف عن الطاقة الكامنة لتوسيع التعاون العملي في كل المجالات. تعتبر الصين والكويت شريكين طبيعيين في البناء المشترك لـ «الحزام والطريق». ويحرص الجانب الصيني على مواصلة دفع التلاحم بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية الكويت 2035» والمشاركة النشطة في إنشاء المنطقة الاقتصادية الشمالية الكويتية وغيرها من المشاريع الهامة ومساعدة الكويت على تحقيق تنويع الاقتصاد، بما يشكل نماذج جديدة يحتذى بها للتعاون الاستراتيجي الثنائي بشكل مستمر. كما سنواصل توسيع تعاون الجانبين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والمال والتجارة والاستثمار ودفع انتعاش الاقتصاد لإطلاق القوة الكامنة والحفاظ على التعددية والتجارة الحرة بشكل مشترك.
يجب علينا توثيق التبادل الإنساني والثقافي لتعزيز تواصل الشعبين. ويرغب الجانب الصيني في تعزيز التنسيق مع الجانب الكويتي بشأن جعل الترتيبات الخاصة بإصدار التأشيرات أكثر سهولة في وقت مبكر لتسهيل التبادل على مستوى الأفراد، وتكثيف التعاون بين المراكز الفكرية والإعلام والشباب لتقوية الترابط الثقافي والسياحي بين البلدين، ودفع تأسيس أول مركز ثقافي صيني في منطقة الخليج في الكويت في أسرع وقت ممكن، الأمر الذي سينشئ جسرا للتواصل الخالص بين الشعبين.
إن الصين والكويت صديقان حميمان يتبادلان الثقة، وشريكان عزيزان يتعاونان بإخلاص. سيصادف العام المقبل الذكرى الـ 50 لتأسيس العلاقات الديبلوماسية الصينية ـ الكويتية. ونحن على استعداد لبذل الجهود المشتركة مع الجانب الكويتي للارتقاء يدا بيد بعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية ـ الكويتية إلى مستوى جديد وخدمة البلدين والشعبين بصورة أفضل، مما يضخ قوة دافعة جديدة للسلام والنمو في المنطقة ويقدم مساهمات جديدة في بناء مجتمع المستقبل المشترك بين الصين والدول العربية.