بقلم:د. هشام أحمد كلندر - طبيب متخصص بالإدارة الصحية
[email protected]
Dr_hisham81@
دول العالم تواجه هذا الوباء بطرق مختلفة وتنتج البيانات بصورة متفاوتة. فالبيانات الإحصائية لكل بلد هي نتاج أنظمة اختبار ومعايير تشخيصية مختلفة، ودرجات متفاوتة من الشفافية.
استوقفتني بعض الإحصاءات العامة عن دولة الكويت المتعلقة بفيروس كورونا المستجد، حيث تتم مقارنتها بدول العالم ويتم تداولها بين أوساط المجتمع باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر.
من هذه البيانات هو عدد وفيات كورونا في الكويت نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة.
تأخذ هذه البيانات من الجداول والرسوم البيانية الأنيقة المقدمة على سبيل المثال من جامعة جونز هوبكنز والتي تبسط الواقع بطريقة قد تفهم بشكل مضلل وخاصة لغير المختصين.
للأسف تكون قراءة هذه البيانات بشكل سطحي وبعض الأحيان بشكل خاطئ. قد يعطي البعض بطريقة عرضه للوفيات مقارنة مع باقي الدول صورة سلبية للوضع القائم في الكويت.
أريد أن أبين أني لا أهدف هنا لتشخيص وتقييم جهود الكويت سواء بالسلب أو الإيجاب بخصوص التعامل مع جائحة كورونا، فقط أريد أن أوضح أن مقارنة الأرقام يمكن أن تكون خطيرة وإننا نجازف في صنع استنتاجات خاطئة من دولة إلى أخرى.
لذلك هل بالضرورة أن ارتفاع عدد الوفيات لدولة ما مقارنة مع الدول الأخرى دليل أو مؤشر على ضعف نظامها الصحي؟
تعد أعداد الوفيات الناتجة عن فيروس كورونا المستجد في البلدان مصدرا مغريا لتقييم خطورة الوضع في كل بلد، ولكن المقارنات الدولية معقدة في هذا المؤشر وخاصة عند قراءتها بصورة فردية دون الاعتبار للمتغيرات الأخرى المتعددة.
من الأسباب التي تجعلنا نخشى من البيانات المعلنة للوفيات واستخدامها بالمقارنات هو تفاوت الشفافية بين الحكومات.
بعض الحكومات تفضل إبقاء الأرقام منخفضة لأن العدد الكبير من الوفيات قد يكون مؤشرا سلبيا من وجهة نظرهم.
من الأمور التي يجب وضعها بعين الاعتبار أيضا أن الحكومات الوطنية لديها معايير مختلفة لكيفية تعريف حالات الوفيات وآلية الإبلاغ عنها.
كذلك لا يوجد بلدان متشابهان عندما يتعلق الأمر بتوافر الموارد الطبية والحصول على الرعاية الصحية وحتى الهيكل العمري للسكان والذي يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على عدد الوفيات.
البعض يحاول حساب نسبة الوفيات بناء على عدد الحالات المؤكدة الكلية. تتأثر تلك النسبة بشكل كبير بسياسة الفحص، حيث يؤدي نقص الاختبار التشخيصي للفيروس إلى جعل الموقف يبدو أسوأ مما هو عليه.
استنادا إلى عدد الحالات المؤكدة والوفيات المبلغ عنها، يبدو أن المملكة المتحدة لديها معدل وفيات مرتفع نسبيا، ولكن ليس هذا هو الحال بالضرورة، لأنه في المملكة المتحدة لا يخضع للاختبار إلا المرضى ذوو الأعراض الشديدة، حيث يطلب من الأشخاص الذين يعانون من أعراض خفيفة البقاء في المنزل دون الخضوع للاختبار.
أما بخصوص من يقارن عدد الوفيات الكلي الناتج عن فيروس كورونا المستجد لكل مليون نسمة دون الوضع بالاعتبار لمدى انتشار المرض وتعريف الوفيات بفيروس كورونا ومبدأ الشفافية بالإعلان وسياسة الدول بالتسجيل والتركيبة السكانية بشكل عام فالمقارنات ستكون غير دقيقة. فليس من الممكن مقارنة وفيات الدول مع اختلاف توقيت بدأ الوباء في تلك الدول.
على من يعتمد على هذا المؤشر بعمومه هل من الممكن أن نقول إن النظام الصحي لسريلانكا والنيبال وإثيوبيا وسورية وأوزبكستان وفنزويلا (من الدول القليلة بعدد الوفيات الكلي لكل مليون نسمة) أفضل من بلجيكا وبريطانيا وإسبانيا وفرنسا وأميركا وهولندا (من أكثر الدول بعدد الوفيات الكلي لكل مليون نسمة) دون الاعتبار للأمور التي سبق ذكرها؟!