بقلم:د.سارة صلاح عبدالله الغانم
كثيرا ما يأخذني عملي الأكاديمي إلى التفكير في كيفية المساهمة الفاعلة لصناعة المستقبل الوطني، فمجال الصيدلة في العالم يعيش حراكا تطويريا في المجالات التقنية والبحثية، وحتى لا أشتت القارئ سأحلّق بكم في تاريخ مهنة الصيدلة بين ماضيها وحاضرها وما نتوقعه لمستقبلها، فالبشر منذ بدء الخليقة يسعون للصحة، وقد اشتهرت بعض الحضارات بالصيدلة والطب وبرز المعالج بالأعشاب في الحضارة الصينية منذ أكثر من 2000 عام قبل الميلاد والحضارة الفرعونية منذ أكثر من 1100 عام قبل الميلاد، لذلك ارتبطت الصيدلة بالطب، وكان الشخص الذي يشخص هو نفسه الذي يحضر الدواء من الأعشاب الموجودة في البيئة المحيطة بهم.
في القرن الثامن بدأ تخصص الصيدلة يظهر بوضوح كتخصص منفصل عن الطب في بلاد الرافدين ومن ثم انتشر في أوروبا وتمت تسميته بالكيميائي لتبدأ معها مرحلة إبداعية في تاريخ الصيدلة، حيث بدأ اكتشاف واصطناع الأدوية الحديثة وتشكيل المستحضرات الصيدلانية المبتكرة، مما استدعى الحاجة لمهارات متخصصة لخلط الأدوية وتصنيعها.
وتوسعت مهنة الصيدلة ليدخل من ضمن نطاقها عملية تنظيم وتسجيل الأدوية وبيعها للمرضى مع فهم أكثر لكيفية إسداء النصائح ولأن التطور يعني الحياة المتجددة قفزت المهنة من التركيز على المنتج الدوائي إلى نقلة نوعية محورها المريض، واستدعى معها توسيع نطاق ممارسات الصيدلي لتشمل أيضا مراجعة الخطة العلاجية للمريض للتأكد من سلامة وكفاءة العلاجات المختارة بالتعاون مع الفريق الطبي ولأن التطور المهني لا يتوقف عند حد معين، فإن التعليم الصيدلي يتطور لتلبية المستجدات والاحتياجات ليساعد على إكساب دارسي الصيدلة المعلومات والمهارات الجديدة، فمن المهم أن يكون التعليم الصيدلاني سباقا ليتعلم من الأمس ويطور مهارات صيادلة اليوم والمستقبل ويتمتع بمرونة التطوير والتغيير بما يلائم احتياجات المجتمع.
الصيدلة، مهنة جميلة وممتعة وذات مجال جاذب لتنوع فرص العمل فيها، فمثلا الصيدلي مطلوب للعمل في شركات الأدوية والمصانع، والمختبرات والهيئات الرقابية، ومراكز الأبحاث والصيدليات الأهلية، والمستشفيات والمراكز الصحية، ومما يحز في الخاطر أن مهنتي عانت كثيرا في وطني الغالي، فحصرت في مجال صرف الدواء فقط لا غير، فدعونا نزيل عنها الغبار ونجتهد لتتناغم مهام الصيدلي التقليدية والمستحدثة على حد سواء، دعونا نفتح عقولنا وأنظارنا لهذه المهنة العظيمة، دعونا نمد لكم ولقطاعنا الصحي يد العون والمعرفة لنحصل جميعا على رعاية صحية متقدمة.. إنها بداية مرحلة الانطلاق للارتقاء بالمستوى الصحي بدولتي الغالية الكويت، فشكرا لكل من ساهم وسيساهم في رسم خارطة طريق مهنة الصيدلة.