- أزلنا الورم من عظمة الوجنة اليمنى لمريض تماثل للشفاء
- الورم نادراً ما يصيب عظام الفك بل يصيب العظام الطويلة بنسبة 2%
أجرت اللقاء: حنان عبد المعبود
أعلن استشاري جراحات الجمجمة والوجه والفكين بمركز طب الأسنان بمستشفى الأميري، د.محمد عبد الكريم المصري، عن اجراء جراحة نادرة ناجحة تعد السابعة من نوعها في تاريخ الطب العالمي لإزالة ورم خبيث لشاب في منتصف العقد الثاني من العمر.
وأوضح د.المصري في لقاء اختص به «الأنباء» ان هذا الورم النادر الحدوث هو «ساركوما يوانج» والذي أصاب المريض في منطقة يصعب التعامل معها لأنها حول حجاب العين والعصب المغذي لعضلات الوجه.
وبين د.المصري أنه تم خلال العملية فتح جرح من أسفل الرقبة الى أعلى الرأس حتى يمكن السيطرة على كامل الورم وإزالته بدقة، مشيرا إلى أن المريض خرج من المستشفى معافى بعد أسبوع.. وعن تفاصيل الورم والجراحة النادرة كان لـ«الأنباء» اللقاء التالي:
بداية ما هذا الورم؟ وما الذي يجعل منه حالة نادرة عالميا؟
٭ ان هذا الورم خبيث ويصيب العظام، وهو ورم نادر جدا وقليل الحدوث في عظام الوجه خاصة في الوجنة، وقد أجريت أشعة مقطعية للورم للوقوف على حالته بشكل دقيق، وتبين انه يتغلغل خلف عظمة الوجنة، كما تم عمل عدد آخر من مختلف أنواع الأشعة، حيث تأكدنا انه ذلك الورم النادر والذي يعد حالة معقدة، وصعوبته تكمن في ان المنطقة تحتوي على عصب الوجه والشرايين العميقة التي تدخل خلف الفك العلوي، وبالتالي لابد أن تكون الجراحة في منتهى الدقة.
إزالة كاملة
هل يزال الورم وحده؟ أم تتم إزالة أجزاء محيطة به؟
٭ الورم لابد وان يزال كاملا قدر الإمكان، وبما انه أصاب العظام في هذه المنطقة ففي هذه الحالة لابد وان نستبدل الجزء الذي ستتم ازالته بالكامل ولهذا استعضنا عنها بشبكة من التيتانيوم، وهي مادة لا يلفظها الجسم وإنما يتقبلها من أجل الاستعاضة عن الجزء المزال وكذلك لدعم العين وحتى تثبت في مكانها بعد ازالة العظام المصابة.
ما حجم الورم كاملا؟ وهل يتم الاستعاضة لنفس المساحة؟ أم أقل منها؟
٭ الورم هو «ساركوما يوانج» والذي أصاب عظمة الوجنة اليمنى وهي إصابة نادرة، وحجمه كان كبيرا بالرغم من كونه في الوجه، الا أنه كان يبلغ 15 سم في 10 سم وتمت ازالته كاملا، كما تمت الاستعاضة بنفس الحجم من التيتانيوم.
كيف بدأت معاناة المريض مع الورم وصولا الى الجراحة؟
٭ المريض غير كويتي ومقيم في البلاد ويبلغ من العمر 24 عاما، وقد عانى من الألم لأكثر من 8 أشهر، وقام بمراجعة المركز، ولكن مع الوضع العالمي في انتشار وباء كورونا وكذلك ظروف المريض نفسه الذي كان ينوي السفر ولكن مع الوضع العالمي أيضا لم يتمكن من السفر وقام بالمراجعة مرة أخرى لإجراء الجراحة، والتي قام بها فريق من الجراحين في وحدة جراحة الوجه والفك والفم بمركز طب أسنان الأميري، وتم اجراؤها في المستشفى واستغرقت 3 ساعات تم خلالها ازالة الورم بالكامل مع الاستعاضة عن العظام المزالة بشريحة من التيتانيوم والذي لا يعتبر جسما غريبا، حيث لا يلفظه الجسم.
السيطرة على الورم
وخلال العملية الجراحية تم فتح جرح من اسفل الرقبة الى أعلى الرأس حتى يمكن السيطرة على كامل الورم وإزالته بدقة، لأن الورم في منطقة صعبة في التعامل معها لأنها حول حجاب العين والعصب المغذي لعضلات الوجه، ولهذا كان لابد من اجراء عملية كبرى لإزالة الورم وفي الوقت نفسه الاستعاضة عن الجزء المزال في عظام الوجنة بحيث لا تؤثر ازالته على شكل المريض.
والجزء الذي تمت ازالته هو جزء عظام الوجنة مع جزء من جدار حجاب العين، وتمت ازالته بالكامل وتعويضه بالشريحة المعدنية.٫
ما بعد الجراحة
وماذا عن حالة المريض بعد الجراحة؟
٭ إن المريض بعد اجراء الجراحة تعافى بشكل جيد وخرج من المستشفى بعد أسبوع من اجرائها، على أن يستكمل علاجه بمركز الكويت لمكافحة السرطان، مع متابعة الحالة.
وهل توجد احتمالات لرفض الجسم للشبكة المزروعة لتعويض العظام؟
٭ فيما يختص بشبكة «التيتانيوم» التي تمت الاستعاضة بها فلا توجد نسبة لرفض الجسم لهذه الشريحة التي تتم بها الاستعاضة ليبدو الوجه طبيعيا، وهذه الشريحة من مادة يستخدمها أطباء العظام في تثبيت الكسور، ومتفق عليها عالميا، وهي مكونة من مادة خاملة «التيتانيوم» والتي لا تؤثر على الجسم، حيث يتقبلها ولا يلفظها إطلاقا.
حياة طبيعية
هل يمكن للمريض ممارسة حياته بشكل طبيعي؟ وهل من تأثير مستقبلي للجزء المزروع؟
٭ ليس هناك أي تأثير مستقبلي سلبي على المريض، وعادة في مثل هذه الحالات ننتظر لمدة عام، حتى يتم التأكد من أنه ليس هناك ارتجاع للورم، وبعد هذا يمكن الاستعاضة لهذا الجزء بعظام من أجزاء الجسم الأخرى، كما أنه من الممكن ان يظل المريض بالشريحة كما هي دون الاستعاضة بالعظام، وهي لن تؤثر على شكل المريض أو ممارسته للحياة العادية، ولكن على المريض أن يستكمل علاجه بالعلاج الإشعاعي والكيماوي بعد ذلك.
عودة الورم
هل هذا النوع من الأورام يمكن ان يعود مرة أخرى؟
٭ هذا النوع بالرغم من كونه نوعا نادر الحدوث وعادة ما يظهر في الشرائح العمرية الصغيرة، وهناك نسبة كبيرة في الارتجاع تصل الى 60% وفي مناطق معينة يمكن استئصاله بالكامل مع استئصال جزء من الأنسجة السليمة من حوله، وفي مناطق أخرى أحيانا يصعب ان يستأصل مع الأنسجة الموجودة حوله، فهو مرض نادر ومن الامراض التي يصعب التعامل معها.
وهذا الورم الخبيث يندر أن يصيب عظام الفك أو العظام الأخرى، فعادة ما يصيب العظام الطويلة مثل الساق واليد بنسبة 2%، ولكن في الوجه نادرا ما يحدث بشكل كبير وهذه الحالة هي رقم 7 في تاريخ الطب، حيث لم تسجل إلا 6 حالات في العالم، وهذه الحالة السابعة على مستوى التاريخ الطبي.
الأكياس الورمية
وهناك الكثير من الأورام التي تصيب الفكين، وأمراض من العظم والغدد اللعابية وأمراض من مكونات الأسنان منها الحميد والخبيث، ونتعامل معها بشكل كثير جدا، وهي موجودة بكثرة خاصة الأكياس الورمية التي تحدث بالفكين والتي يكون أغلبها حميدا والقليل خبيثا.
ما الذي يستدعي مراجعة الطبيب والشعور بأن هناك مؤشرا خطر؟
٭ هناك الكثير من الأورام تكتشف بالصدفة أثناء عمل أشعة على الأسنان، ولكن هناك دلائل أخرى منها شعور المريض بأن الأسنان تتحرك، أو هناك تغيير في وضعها بشكل غير طبيعي أو غير معتاد، وكذلك ظهور أي ورم تحت اللثة، فهنا لابد من مراجعة الطبيب وعمل الأشعة اللازمة والتأكد من ظهور ورم من عدمه.
الحرب العالمية الثانية
برزت أهمية هذا التخصص عالميا بعد الحرب العالمية الثانية، حينما كانت كل إصابات الوجه والفكين لابد وان يجتمع طبيبا جراحة تجميلية وأسنان معا وبعدها نشأت الفكرة في جمع التخصصين وبدأتها سويسرا، وتلتها الاسكندرية في المركز في كلية طب الأسنان بالإسكندرية الأول في الشرق الأوسط للجراحات المتخصصة، التي تعالج التشوهات الخلقية والمكتسبة، وكسور الوجه والفكين والجمجمة، أورام الوجه والفكين، وأورام حول حجاب العين، وأورام الغدد اللعابية، وأورام الفم من أورام خبيثة أو حميدة، وزاد عليها عمليات«التكميل» حيث إنها جزء من تخصصنا، ولا أفضل تسميتها «تجميل»، وكذلك هناك الجراحات الميكروسكوبية، وجراحات الشفة الأرنبية ومشاكلها.
د.محمد المصري في سطور
استشاري جراحات الجمجمة والوجه والفكين بمركز طب الأسنان بمستشفى الأميري، د.محمد عبد الكريم المصري، حاصل على بكالوريوس الطب البشري 1975، وماجستير الجراحة العامة عام 1979، وبكالوريوس طب الأسنان عام 1983، ودكتوراه في جراحات الجمجمة والوجه والفكين عام 1984.
الجمع بين «البشري» و«الأسنان»
وعن تخصصه الذي يجمع بين الطب البشري وطب الأسنان قال «التخصص يجمع بين الطب البشري وطب الأسنان، وهو تخصص بدأ في الشرق الأوسط في جامعة الإسكندرية التي تعد أكبر مدرسة بالشرق الأوسط، حيث في هذا التخصص لابد وان يكون الطبيب «بشري» وحاصلا على ماجستير الجراحة وعمل بالجراحة العامة 3 سنوات وبعدها يكمل في مجال الأسنان، وهذا ما طبق عالميا، وقد بدأ هذا التخصص بجامعة الإسكندرية منذ عام 1970، وقد واكبتنا الدول الأخرى بعدها في ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأتها المملكة المتحدة عام 1984، وكذلك ألمانيا».