التحكيم نظام قانوني يحل محل القضاء في انهاء بعض الخلافات بين الاطراف، فهو اتفاق بين طرفي النزاع على طرح الموضوع المتنازع عليه على طرف آخر يقومون باختياره او تقوم المحكمة بتعيينه في حال عدم الاتفاق عليه من قبل الاشخاص المتنازعين، وسنتحدث باختصار عن الشروط الواجب توافرها في المحكم في مبحثنا التالي:
فقد نصت المادة 174 الفقرة الاولى من قانون المرافعات الكويتي على انه «لا يجوز ان يكون المحكم قاصرا او محجورا عليه او محروما من حقوقه المدنية بسبب عقوبة جنائية او مفلسا ما لم يرد اليه اعتباره». وهذه الفقرة توضح شروط المحكم ونستخلصها بالآتي:
1 ـ ان المحكم يجب ان يكون شخصا طبيعيا، فإن ما ذكرته المادة أنه لا يجوز ان يكون قاصرا او محروما من ممارسة حقوقه المدنية او محجورا عليه، وأن ذلك لا ينطبق الا على الشخص الطبيعي، ونستخلص من ذلك ان المحكم لا يجوز ان يكون شخصا اعتباريا او معنويا كشركة او هيئة او مؤسسة عامة.
2 ـ ان المحكم يجب ان يكون كامل الاهلية، ويعتبر هذا الشرط من الشروط المهمة جدا، حيث ان فاقد الاهلية المدنية لا يستطيع ادارة شؤونه المدنية بنفسه، وبالتالي، طبيعيا لا يمكن ان يقوم بإدارة شؤون غيره، كما ان المحروم او المفلس يفقدان حسن السمعة والنزاهة اللذين يجب ان يتوافرا في المحكم.
وقد جاء بشريعتنا الاسلامية السمحة ان التكليف يتطلب البلوغ والعقل، فإن كان المحكم فاقدا لهذين الشيئين فليست له ولاية على نفسه، وطبيعي ألا تكون له ولاية على غيره، ويجب ان نفرق بين الحرمان من الحقوق السياسية والحرمان من الحقوق المدنية، فالاول لا يمنعه من ان يكون محكما، فالحرمان من الحقوق السياسية لا ينقص من ادراكه ولا من الاهلية المدنية، وبالتالي لا يعد ناقصا للأهلية.
3 ـ ألا يكون المحكم ممنوعا بنص التحكيم بالقانون، فهناك بعض الاشخاص ولاسباب كثيرة منها طبيعة العمل يمنعها القانون من القيام بالتحكيم إلا بوجود إذن، ومثال ذلك القاضي، حيث انه لا يمكن ان يكون محكما الا بناء على موافقة مجلس القضاء وفقا لما نصت عليه المادة 29 من قانون تنظيم القضاء رقم 23 لسنة 1990.
4 ـ ان يكون المحكم محايدا ومستقلا ليست له صلة بنزاع وليس طرفا او له مصلحة فيه. يبين هذا الشرط ألا يكون للمحكم اي مصلحة او صلة بالخصوم من اي جانب تجعله ميالا برأيه لأحد الطرفين، ويجب ان تتوافر الاستقلالية من بداية الحكم الى حين صدور قرار المحكم، والاستقلالية هنا تكمن في عدم خضوعه لأي سلطة او تأثيره برأي الآخرين.
5 ـ في حال تعدد المحكمون، يجب ان يكون عددهم وترا، اوجب القانون ان يكون المحكم واحدا، وفي حال تعددهم لابد ان يكون عددهم وترا، مثال ذلك يجب ان يكون عددهم واحدا او ثلاثة او خمسة او سبعة، وهذا التشكيل يتعلق بالنظام العام، واجاز المشرع ان يكون العدد زوجيا باتفاق اطراف النزاع، فإن هذا الاتفاق لا يبطل ولكن يتم تعيين من يكمل العدد وفقا لما جاء في اتفاق التحكيم، فإنه لم يبين ذلك تولى القضاء تعيين إكمال العدد، وطبيعيا فإن الهدف من وراء فردية عدد أعضاء التحكيم هو سهولة الأخذ برأي الأغلبية.
6 ـ يجب أن يقبل المحكم مهمة التحكيم، وإثبات هذا القبول كتابة كما نصت المادة 178 في فقرتها الأولى من قانون المرافعات الكويتي« يشترط قبول المحكم بالإيجاب بمهمة التحكيم ويجب اثبات هذا القبول كتابة بعقد التحكيم».
اما في حال رفض المحكم القيام بالمهمة بعد تعيينه فإن ذلك لا يؤدي الى بطلان اتفاق التحكيم ويمكن الاتفاق على محكم آخر.
حمود سالم السهيل
قسم القانون