- لا نقبل بأي حال من الأحوال بأن يتعرض المعلم لأي إهانة ونأمل إقرار قانون حماية المعلم قريباً
محمد هلال الخالدي
من جديد عادت روح التفاؤل والثقة والحماس للعمل والعطاء في نفوس أهل الميدان التربوي، بل وفي نفوس الطلبة وأولياء الأمور من خلال ما لمسوه من «أفعال» ونهج إصلاحي صادق وواضح في جهود وزير المالية ووزير التربية ووزير التعليم العالي د.نايف الحجرف، والذي أصبح أهل الميدان التربوي يجمعون على حسن أدائه ويثقون في قدرته الفائقة على حسم الأمور بما يخدم العملية التعليمية.
وفي لقاء متميز على برنامج «تو الليل» في تلفزيون الوطن مع الإعلامي الرائع بركات الوقيان، أعلن الوزير الحجرف مساء أمس الأول أنه قام بتوقيع قرار صادر من مجلس الخدمة المدنية ينص صراحة على حفظ جميع البدلات والامتيازات المالية التي قررها قانون 28/2011 (كادر المعلمين الجديد)، مؤكدا بذلك حسم الصراع القانوني الذي امتد قرابة عشرة أشهر وتدخلت فيه عدة جهات مثل مجلس الأمة وديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية وإدارة الفتوى والتشريع وجمعية المعلمين.
وبكل تواضع وأمانة يحسبان للوزير الحجرف، اعترف بوجود خطأ في تفسير بعض بنود القانون من قبل ديوان الخدمة المدنية، الأمر الذي تسبب في كل هذه الربكة، وقال إن إدارة الفتوى والتشريع حسمت الخلاف القانوني وقالت بوضوح إن تفسير ديوان الخدمة المدنية لبعض البنود قد جانبه الصواب، وأضاف الحجرف: اننا بشر ولسنا معصومين وجل من لا يخطئ، والمهم أننا أعدنا الأمور إلى نصابها السليم آملين أن يحقق ذلك الاستقرار الوظيفي والتشجيع المتوقع للمعلمين.
مشروع فصل الترقيات
ورغم أن د.نايف الحجرف ومنذ توليه مسؤولية الوزارة في فبراير الماضي قد واجه كما هائلا من المشكلات التي معظمها مشكلات فنية يفترض أنها من صميم عمل القيادات التربوية، مما استحوذ على معظم جهود الوزير من أجل تجاوزها وحلها طالما أثبتت هذه القيادات عجزها وفشلها الذريع، ورغم ذلك، لم تمنعه هذه «المشتتات» من الانجاز والتطوير وليس مجرد حل المشكلات، فقد كشف الحجرف عن واحد من أهم المشاريع التي ستنقل وزارة التربية من حال إلى حال، وذلك من خلال ما أعلن عنه بمشروع فصل الترقيات بمسارها الأكاديمي عن المسار الإداري، وأشارت المصادر التربوية الى أن الحجرف أدرك منذ البداية وجود خلل كبير لا يمكن تجاوزه أو السكوت عنه يتمثل في تداخل المسارين الأكاديمي والإداري بصورة لا يمكن أن تخدم التعليم، وأضافت المصادر أن الحجرف لديه اهتمام كبير جدا بقضية إصلاح النظام التعليمي من الداخل بصورة تليق بمكانة الكويت وتاريخها الثقافي المشرف، وهذا ما أكده الحجرف بإعلانه عن مشروع فصل مسارات الترقيات والتسكين للمناصب الإشرافية بحيث تقتصر الترشيحات للوظائف ذات المتطلبات الأكاديمية على المعلمين فقط، بينما تقتصر المناصب الإدارية على الإداريين بما يمنع لاحقا من وصول أصحاب الوظائف الإدارية لمناصب تتطلب بالأساس خبرات علمية وعملية في مجال التدريس والتربية، خاصة أن صناعة القرار التربوي يشارك فيها بنهاية المطاف القيادات العليا التي تشغل هذه المناصب التربوية، وبالتالي من غير المعقول أن تستمر عملية الاكتفاء بالشروط العامة للترشح للوظائف الإشرافية ذات المسار الأكاديمي وهي مجرد توافر سنوات خبرة (دون تحديد أن تكون خبرة أكاديمية وتربوية)، الأمر الذي نتج عنه وصول بعض الأشخاص ممن لا يتمتعون بخبرة تربوية وتخصص علمي في هذا المجال إلى أعلى المناصب التي تحدد وترسم السياسة التعليمية. ويؤكد المراقبون والمهتمون بالشأن التربوي أن نجاح مثل هذا المشروع الكبير سيكون بمثابة نقلة نوعية في مسيرة النظام التعليمي في الكويت تحسب للوزير الحجرف، بل وصفها البعض بأنها الخطوة التي ستعيد «تعديل الهرم المقلوب» إذا ما كتب لها النجاح.
التعليم الالكتروني
وردا على سؤال من إحدى المعلمات حول رفض التوجيه الفني للعلوم السماح للمعلمين بتحضير الدروس باستخدام الكمبيوتر، أوضح الوزير الحجرف أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، وأن الانتقال إلى التعليم الالكتروني أصبح ضرورة يفرضها عصرنا المتسارع للحاق بركب العالم المتقدم، وأكد أن مشروع التعليم الالكتروني هو هدف استراتيجي لوزارة التربية، موضحا أن المقصود بالتعليم الالكتروني ليس مجرد توزيع أجهزة حاسوب على الطلبة، إذ ما الذي سيفعله الطالب بجهاز حاسوب جامد إذا لم يكن هناك معلم متمكن وقادر على التعامل مع البرامج والتطبيقات المختلفة وتوظيفها لخدمة العملية التعليمية؟! وإذا وجد المعلم المتمكن فكيف سيستفيد من إمكانات هذا الجهاز إذا كانت المناهج التعليمية كلها تقليدية ولا تعطي المعلم والمتعلم فرصة التفاعل الايجابي الذي ينمي قدرات المتعلمين؟ وواصل الحجرف بحرفية تدل على امتلاكه أدوات القيادة الناجحة، وهو أمر غير مستغرب من أكاديمي مارس التدريس لعدة سنوات، وقال بأن مشروع التعليم الالكتروني يفترض منا جميعا أن نشجع المعلمين على استخدام الكمبيوتر وتوظيفه لخدمة العملية التربوية، من خلال التحضير الالكتروني وعمل الدروس وعرضها بطرق متميزة ومحببة للمتعلمين والاستفادة من الامكانات الهائلة لهذا التقدم التكنولوجي الكبير الذي يشهده عصرنا.
تجديد الدماء
وبذكاء إعلامي ربط الزميل المتميز بركات الوقيان حديث الوزير الحجرف عن تطوير التعليم بمشاريع وأفكار جديدة تدل على أن الحجرف يعمل وفقا لرؤية واضحة وأن لديه مشروعا حقيقيا لتطوير التعليم في جوهره وبعيدا عن تضييع الوقت والجهد والأموال في قضايا هامشية، ربط هذا بقرار مجلس الوزراء الصادر عام 2006 والقاضي بإحالة من تجاوزت خدمته 30 عاما للتقاعد من الموظفين ومن أمضى 35 عاما من القياديين.
فأوضح الحجرف أن مجلس الوزراء يستهدف بهذا القرار تجديد الدماء في مؤسسات الدولة وإعطاء فرصة جيدة للشباب للعمل وتوظيف طاقاتهم وحماسهم لتطوير العمل ومواكبة العصر، وأكد أن تجديد الدماء في أي مؤسسة هو جزء من كيان هذه المؤسسة.
تمهين التعليم
وحول حماية المعلمين في ظل تزايد حالات الاعتداء عليهم والتي أثارها أحد المعلمين في اتصاله، أوضح الحجرف أنه لا يقبل بأي حال من الأحوال أن يتعرض المعلم لمثل هذه المواقف، مؤكدا أن هناك مشروعا لقانون حماية المعلم معروضا على اللجنة التعليمية بمجلس الأمة، وأضاف: نأمل أن يتم إقراره ليرى النور قريبا.
وأكمل الحجرف حديثه حول المعلم وأهمية دوره ومكانته في المجتمع، وقال بأن الوزارة ماضية في مشروع تمهين التعليم، بحيث تصبح مهنة التعليم خاضعة لشروط ومتطلبات علمية وخبرات عملية مستمرة طوال فترة عمل المعلم، وذلك من خلال اختبارات للقدرات والمهارات ينظمها المركز الوطني لتطوير التعليم.
وأكد الحجرف أن الاستثمار بتطوير وتنمية مهارات المعلمين استثمار ناجح يعود بالفائدة على المجتمع ككل، مضيفا أنه في السابق كانت كلية التربية بجامعة الكويت وكلية التربية الأساسية في التطبيقي تستقبلان أعدادا قليلة من الطلبة، بينما اليوم نشهد كما كبيرا وطلبا متزايدا على مهنة التدريس، وهذا يدل على تحقيق الأهداف التي وضعت في مشاريع سابقة لجعل التدريس مهنة جاذبة، وأكمل لكن هذا يتطلب منا المزيد من العمل لضمان جودة التعليم والذي يهمنا بصورة أكبر.
وفي ختام البرنامج وفي آخر 30 ثانية، حرص الحجرف على تهنئة جموع المعلمين وأن يبشرهم بانتهاء 60% من العمل فيما يتعلق بصرف مستحقاتهم من الأثر الرجعي، الأمر الذي استقبله المعلمون بارتياح كبير ظهر مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي التي امتلأت بعد اللقاء مباشرة بالإشادة بخطوات الوزير الحجرف الإصلاحية.