- تجارب المتعافين من السرطان تسهم في دعم المصابين خلال العلاج إذا ما تم تقديمها بأسلوب علمي
- معظم حالات السرطان يمكنها تلقي تطعيم «كورونا» وجميعهم مطالبون بالتشدد في اتباع الإجراءات الوقائية
- إجراءاتنا الاستباقية مكنتنا من استيعاب تزايد أعداد المرضى بسبب توقف العلاج في الخارج خلال «كورونا»
- برامج الوقاية والكشف المبكر متوافرة في الكويت وهي تسهم بشكل فعّال في ارتفاع نسب التعافي
- التاريخ العائلي مع السرطان والتدخين وشرب الكحول والسمنة من أهم مسببات الإصابة بالسرطان
حوار: ألين البيطار - العلاقات العامة
في ظل ما يشهده العالم من انتشار لأمراض وفيروسات جديدة تهدد حياة البشرية وآخرها فيروس كورونا الذي لم يقتصر أثره على الجانب الصحي فقط بل امتد ليشمل الجوانب المادية والاقتصادية والاجتماعية وحتى التعليمية، يبقى أن تطور العلم والطب من أهم الأسباب التي تساعد الإنسان على مواجهة مخاطر الأمراض، وأن هذا التطور المستمر يسهم في إعطاء الأمل لكل مريض في هذا العالم.
ورغم أن الطب في بعض الأحيان يقف حائرا أمام الأسباب الرئيسية المسببة لبعض الأمراض الخطيرة كمرض السرطان بأنواعه، إلا أن الأطباء والخبراء في جميع أنحاء العالم لا يتوانون في بذل جهود كبيرة لإيجاد العلاج المناسب للسرطان ومساعدة المصابين به على هزيمته والتعافي منه للتمتع بصحة جيدة لأطول فترة ممكنة من حياتهم التي يستحقون أن يعيشوها.
«الأنباء»، وبمناسبة اليوم العالمي للسرطان، التقت مدير مركز الكويت لمكافحة السرطان واستشاري الأمراض التنفسية والتأهيل الرئوي وأمراض النوم ونائب رئيس الجمعية الطبية د.علي الموسوي الذي أوضح أن معدل الإصابة بالسرطان في الكويت أقل من المستوى العالمي، مشيرا إلى إمكانية تلقي المصابين بهذا المرض للقاح «كورونا» ما عدا حالات استثنائية منهم.
وتطرق اللقاء إلى جهود الكادر الطبي في مركز الكويت لمكافحة السرطان وقيامهم باتخاذ إجراءات استباقية لاستقبال المرضى وعلاجهم في ظل تزايد أعداد المراجعين بسبب توقف العلاج في الخارج خلال جائحة «كورونا».
كما تحدث د.الموسوي عن الطرق السليمة للتعامل مع المرضى وتقديم الدعم النفسي لهم لتمكينهم من تجاوز مرحلة العلاج، مشيرا إلى أن تجارب المتعافين لها دور إيجابي في دعم المرضى إذا ما تم تقديمها بأسلوب علمي، وشدد الموسوي على ضرورة الابتعاد عن التدخين الذي يعتبر من المسببات الرئيسية للسرطان، فإلى تفاصيل اللقاء:
بداية، نود الوقوف على نسب الإصابة بالسرطان بشكل عام في الكويت، وهل هي في المعدل العالمي؟
٭ بشكل عام ولله الحمد نسب الإصابة بشكل عام وحسب إحصائيات عام 2018 فهي أقل من المعدل العالمي. وحسب إحصائيات عام 2018، فإن معدل الإصابة حول العالم هو حوالي 187 إصابة لكل 100000 نسمة، أما في الكويت فمعدل الإصابة هو 121 إصابة لكل 100000 نسمة، وهذا المعدل يشمل إجمالي الرجال والنساء وجميع أنواع السرطان تقريبا وهو معدل ولله الحمد أقل من المعدل العالمي وأقل بكثير من معدلات دول أخرى مثل دول أوروبا الغربية ودول أميركا الشمالية. ولكن، عند التركيز على سرطان الثدي ومقارنته بمعدل الإصابة العالمي الذي يبلغ 46 حالة لكل 100000 نسمة سنجد أنه في الكويت أعلى قليلا من المعدل العالمي إذ يبلغ 53 حالة لكل 100000 نسمة، ولكنها أيضا أقل بكثير من دول أخرى مثل بلجيكا وهولندا وغيرهما والتي تبلغ فيها نسب الإصابة اكثر من 100 حالة لكل 100000 نسمة، وهنا نذكر أن نسبة الإصابة تزيد مع زيادة عمر الإنسان لأن مرض السرطان مرتبط بشكل أو بآخر بتقدم عمر الإنسان، فكل ما تقدم في العمر وبالأخص بعد عمر الخمسين فإن نسبة الإصابة بمرض السرطان تزيد بشكل ملحوظ، كذلك التشخيص المبكر ووجود التكنولوجيا وتوفرها في التشخيص تزيد من قدرتنا على اكتشاف المرض مقارنة بالدول الأقل تقدما.
ماذا عن معدلات الشفاء بشكل عام؟
٭ في دراسة نشرت بخصوص معدلات التعافي من مرض السرطان في الكويت خلال الفترة من 2000 إلى 2013، تبين أن سرطان الكبد والبنكرياس والرئة هي أكثر أنواع السرطانات المرتبطة بضعف في معدل التعافي، في حين أن أنواعا أخرى مثل سرطان البروستاتا عند الرجال وسرطان الثدي عند النساء وسرطان المستقيم هي أكثر أمراض السرطان تعافيا عند البالغين. وبشكل عام، فإن سرطان الثدي لدى النساء في المرحلة الأولى وسرطان البروستاتا عند الرجال وسرطان الخصية وسرطان الغدة الدرقية من أكثر أنواع السرطان تعافى بعد الإصابة، وهذا بلا شك دليل على أهمية الكشف المبكر عن أمراض السرطان واتباع التوصيات العالمية والابتعاد عن التدخين وتأكيدا على أهمية برامج الوقاية مثل الكشف المبكر عن سرطان القولون وسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وهي برامج متوافرة في دولة الكويت ولله الحمد، فعلى سبيل المثال الكشف المبكر عن سرطان الثدي عند النساء يقلل نسبة الوفيات بنسبة 20%.
بحسب ما نقرأ ونتابع من تصريحات طبية وأبحاث أن مختلف أنواع السرطانات ليس لها أسباب محددة، لكن هل من نمط معين يساعد على الوقاية من الإصابة؟
٭ نعم، بعض أنواع السرطان قد لا نعلم له سببا معينا او محددا ولكن هناك أسبابا واضحة لأغلب أنواع السرطان وأكثرها انتشارا ويأتي على رأسها التدخين، فالتدخين مرتبط بنحو 12 نوعا من السرطان مثل سرطان المريء والرئة والكبد والبنكرياس والقولون والمثانة وغيرها، كما أن التدخين مرتبط بأكثر أسباب الوفاة حول العالم مثل الجلطات الدماغية وأمراض القلب والانسداد الرئوي المزمن، كما أن التاريخ العائلي المرتبط بأمراض السرطان وشرب الكحول والسمنة هي من الأسباب التي تزيد من فرص الإصابة بأمراض السرطان بشكل عام، أما الالتزام بالرياضة اليومية ونمط حياة صحي مع أكل متزن ومتنوع وغني بالفواكه والخضار والبعد عن الأكل المصنع وبالذات اللحوم المصنعة فهي بلا شك تسهم في إيجاد جسد صحي يقاوم مرض السرطان في حال الإصابة، لا سمح الله، ويزيد من فرص النجاة والشفاء والتعافي بإذن الله.
هل أثر توقف العلاج بالخارج في هذه الظروف على مصابي السرطان؟
٭ بلا شك، وقف العلاج بالخارج أثناء جائحة مرض «كوفيد ـ 19» وكذلك مع إغلاق المطارات للسفر فإن أعداد المراجعين زادت في مركز الكويت لمكافحة السرطان في جميع الأقسام، أضف إلى ذلك أن المستشفيات العامة توقفت فيها عمليات السرطان لفترة من الزمن، وجميع هذه العوامل زادت من اعداد المرضى، ولكن ولله الحمد قام مركز الكويت لمكافحة السرطان بخطوات استباقية لاستيعاب هذه الأعداد، فعلى سبيل المثال تم تفعيل أدوات تقديم الخدمات الطبية «عن بعد» باستخدام الإنترنت Tele-Medicine منذ بداية الجائحة، بالإضافة إلى تغيير نظام الدخول إلى العيادات الخارجية ليصبح بنظام الوقت مما ساهم في زيادة استيعاب أعداد المرضى وتقليل الازدحام في الوقت نفسه، إضافة إلى أن عيادات قسم الطب الأورام قامت بمعاينة مرضى أكثر بنحو 50% مقارنة بالعام الماضي، وعيادة الألم بنحو 20% مقارنة بالعام الماضي، من دون أي ازدحام يذكر. يذكر أن جميع خدمات المركز مثل الجراحات التخصصية والأدوية الكيماوية وأمراض الدم وعيادة الألم والعلاج الإشعاعي والمختبرات بكل أنواعها بما فيها المختبرات المتخصصة مثل مختبر الجينات والمناعة وجميع أنواع الأشعة التشخيصية والتداخلية وفي الطب النووي كانت مستمرة أثناء جائحة «كوفيد ـ 19» بل ان هناك خدمات جديدة تم تقديمها وتطويرها بالرغم من الصعوبات الكثيرة في هذه الظروف الاستثنائية.
هل تؤثر الحالة النفسية للشخص على إمكانية إصابته بالسرطان أو نسبة انتشار المرض خاصة مع زيادة المخاوف والقلق من الإصابة؟
٭ لا شك أن الحالة النفسية للمريض تسهم بشكل مباشر في إمكانية الشفاء من مرض السرطان، فعلى سبيل المثال انتشار مرض السرطان وعدم القدرة على السيطرة عليه قد يزيد في حال كان المريض يشكو من الخوف والشكوك والقلق مما قد يؤدي إلى عدم الالتزام بالإرشادات الصحية والأدوية ومواعيد المراجعة مع الطبيب المعالج، فهذا بشكل أو بآخر يزيد من فرص انتشار المرض، ومن هنا يأتي دور العائلة والأصدقاء بالإضافة إلى قسم الخدمة الاجتماعية والنفسية وعيادة الطب النفسي في مركز الكويت مكافحة السرطان. ولكن لم يثبت إلى الآن أن الحالة النفسية تسهم في زيادة فرص الإصابة بسرطان.
ما أهم العوامل التي تساعد المريض على تجاوز الفترات الصعبة خلال رحلة العلاج، وكيف يمكن دعمه للوصول على محطة السلام؟
٭ لا شك أن الإيمان بالله سبحانه وتعالى ثم الثقة في الكادر الطبي بالإضافة إلى الدعم النفسي والعائلي هي من أهم العوامل التي تساعد المريض على تجاوز هذا المرض، فكثير من مرضى السرطان قد يعاني من صدمة في بداية التشخيص، وهنا يأتي دور العائلة والأصدقاء بالإضافة إلى توفير مركز الكويت لمكافحة السرطان خدمات الدعم النفسي والمادي بواسطة قسم الخدمة الاجتماعية والنفسية وبمساندة الكثير من الجمعيات والمبرات المهتمة بدعم مرضى السرطان، مثل جمعية السدرة ومبرة الدعم الإيجابي وصندوق إعانة المرضى ونادي الأمل والهلال الأحمر الكويتي وجمع من الخيريين من أهل الكويت، أيضا الثقة في الكادر الطبي والدلائل العلمية المثبتة في التشخيص والعلاج تلعب دورا كبيرا مع الابتعاد عن الأشياء غير المثبتة والتي قد يلجأ إليها بعض مرضى السرطان.
هل ينصح بأخذ مريض السرطان للقاح كورونا، ولماذا؟
٭ بالنسبة للتطعيم ضد مرض «كورونا» لدى مرضى السرطان فالتوصيات العالمية تؤكد على أن مرضى السرطان يستطيعون تلقي التطعيم بدون أي موانع ما عدا في حالات استثنائية جدا وهي نفس الشروط التي تنطبق على عامة الناس، على سبيل المثال إذا كان المريض قد أصيب مؤخرا بمرض «كوفيد ـ 19» أو لديه الحساسية المفرطة. كذلك يجب تأخير التطعيم لمدة ثلاثة أشهر بعد زراعة نخاع العظم، وعلى الرغم من حداثة التطعيم وعدم وجود أدلة كبيرة فإنها توجه من قبل الخبراء يدعم إعطاء تطعيم «كوفيد ـ 19» لمرضى السرطان ممن يتلقون العلاج، ولا شك أن أفراد عائلة مريض السرطان أيضا ينصح بأخذهم التطعيم لتقليل فرصة نقل هذه العدوى له. في النهاية يجب على جميع المرضى مناقشة هذا الأمر مع طبيبه المعالج للوصول إلى أفضل قرار لصالح المريض. بالنسبة للإجراءات الوقائية فهي لا تختلف أبدا عن بقية الناس، ولكن لا شك فإن مرضى السرطان أكثر عرضة لهذه العدوى بسبب ضعف المناعة الذي قد يكون بسبب مرض السرطان أو بسبب الأدوية التي تعالج هذا المرض. وعليه يجب على مرضى السرطان الالتزام أكثر بالإرشادات الوقائية مثل لبس الكمام والتباعد الاجتماعي وتعقيم اليدين والابتعاد عن التجمعات.
هل تفيد عملية نقل تجارب المتعافين من السرطان المرضى الحاليين في تعزيز مقاومتهم للمرض؟
٭ لا شك أنني أؤيد مشاركة المرضى لتجاربهم فقد تكون مفيدة من الناحية النفسية، ولكن يجب أن تكون ضمن نطاق وأسلوب علمي، فما قد يصيب مريض قد لا يصيب آخر وان تشابها بالتشخيص، كذلك يجب الابتعاد عن الشائعات والتي قد تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي بدون أي دليل علمي مما يؤثر على ايمان المريض بكفاءة الخدمات الطبية والأدوية ومما يقلل من فرص نجاح علاجه.
هل من رسالة توعوية للمجتمع بمناسبة اليوم العالمي للسرطان؟
٭ رسالتي الأخيرة تشمل شقين: الأول ان مركز الكويت لمكافحة السرطان والعاملين فيه موجودون لخدمة المرضى وأقاربهم ونبذل قصارى جهدنا لتقديم أفضل الخدمات لهم، والثاني: أرجو من الجميع الابتعاد عن التدخين والمبادرة إلى الفحص المبكر عن السرطان.