عبدالكريم العبدالله
أكد رئيس المنظمة الاسلامية للعلوم الطبية د.محمد الجارالله أن «الرحم الصناعي» يعتبر طفرة صحية قادمة لا محالة، حيث انها نجحت في المختبرات وبدأت بشائرها في الظهور الى العلن بين البشر مع التكتم الشديد على الأمر، مشيرا في الوقت ذاته الى أن فوائدها الجمة من شأنها أن تنقذ حياة ملايين الاطفال من الموت وتحقق آمال عشرات الملايين من الازواج والزوجات في الإنجاب، وهم من كانوا لا يحلمون بهذه النعمة الإلهية بسبب مشاكل الرحم.
ودعا د.الجارالله، في تصريح صحافي، المنظمات الاسلامية الى المبادرة بدراسة التبعات الشرعية والقانونية لهذه الطفرة الصحية المتوقعة، وعدم الانتظار عشرات السنوات حتى تنفق البشرية تريلونات الدولارات، ويموت الآلاف كتجارب. وأوضح أن الخطوات الاولى قد نجحت وبدأت بشائرها الصحية تظهر، مطالبا بوضع الضوابط الشرعية والقانونية بأسرع وقت. وبين أن «الرحــــــــم الصناعي» عبارة عن جهاز يسمح بالحمل خارج الجسم مثل كيس بلاستيكي حيوي يحتوي على السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين في رحم أمه، علما أن ذلك يحدث عن طريق آلة متصلة بالحبل السري تماثل الى حد كبير مضخات الدم وغسيل الكلى، ويزود فيه الجنين بالأوكسيجين والمكونات الغذائية التي يحتاج إليها في درجة حرارة الجسم، بحيث ان الرحم الاصطناعي بشكل عام يؤمن الظروف نفسها الموجودة في رحم الأم، ما يسمح له بالنمو حتى المستوى المطلوب ليتخطى مرحلة الخطر.
وعـــن الضوابــــط القانونية والدينية، قال د.الجارالله إن هنــاك عدة ضوابط بهذا الشأن تتمثل أولها بـ «الشخصية القانونية»، وهي متى يتحول الجنين إلى شخص يمتلك حقوقا قانونية وأخلاقية؟ وهذه مسألة معقدة ومثيرة للجدل، والتي تمت مناقشتها على مدى عقود، ويرى البعض أن الشخصية القانونية تبدأ في الحمل، في حين يعتقد آخرون أنها تبدأ بعد الولادة، أو في وقــــت ما بينهما، علما أن هذا الســـــؤال له آثار مهمة على الوضع الأخلاقي والقانوني للأجنـــة التي تنمو في الأرحام الاصطناعية. واضاف: ان من الضوابط أيضا هي حقوق ومسؤوليات الوالدين، بالاضافة الى «تجارة الإنجاب»، بحيث تكون هناك مخاوف من أن تطوير تكنولوجيا الرحم الصناعي يمكن أن يؤدي إلى تجارة الإنجاب، علما انه من شأن ذلك أن يشمل تجارة التكنولوجيا، أو استخدام الأمهات البديلات، أو أشكال أخرى من الاستغلال، وهنا من المهم معالجة هذه المخاوف لضمان استخدام التكنولوجيا بطريقة مسؤولة وأخلاقية.
وتابع: تشمل الضوابط أيضا «الهندسة الوراثية»، والتي تتمثل في مخاوف من أن تستخدم تكنولوجيا الرحم الصناعي مع الهندسة الوراثية، ومن الممكن أن يشمل ذلك تلاعب الجينات لتحسين بعض الصفات أو القضاء على بعض الأمراض، ومع أن للهندسة الوراثية القدرة على تقديم العديد من الفوائد، إلا أنها تثير أسئلة أخلاقية مهمة يجب معالجتها.
واشار الى أن من الضوابط أيضا الموافقة المستنيرة، والتأكد من فهم الأفراد الذين يختارون استخدام التكنولوجيا للمخاطر والفوائد المتعلقة بها، أما الأمر السادس فهو الوصول والعدالة، ويتعلق هذا بالحرص على أن تكون التكنولوجيا متاحة لجميع الأفراد الذين قد يستفيدون منها. وأوضح د.الجارالله أن الاعتبارات الثقافية والدينية هي أيضا من الضوابط التي يجب أن تتوافر، والتي تختلف من ثقافات وديانات متعددة في آرائها ومعتقداتها تجاه تكنولوجيا الرحم الصناعي، علاوة على الآثار الاجتماعية والاقتصادية المحتملة لتبني تكنولوجيا الرحم الصناعي.
وقال إن من الضوابط التي يجب وضعــــــها بعين الاعتبار ايضا هي الخصوصية والأمــــان عبر الحفاظ على سرية المعلومات الطبية الحساسة وحماية التكنولوجيا من اختراقات الأمان المحتملة، هذا بالاضافة الى النتائج الصحية طويلة الأجل والتي تتمثل بالنتائج الصحية المحتملة طويلة الأجل للأشخاص الذين يولدون عن طريق تكنولوجيا الرحم الصناعي. وذكر أن من الضوابط ايضا تغييـر الأدوار الجندرية، بحيث يمكن أن يحول تطويـر تكنولوجيــــا الرحم الاصطناعي الأدوار الجندرية التقليدية، حيث سيتمكن الرجال من حمل الأطفال وإنجابهم، مما يمكن أن يؤثر على ديناميكيات الأسرة والمعايير الاجتماعية، فضــلا عــن «هياكل الأسرة»، والتي تمكن من تبني تكنولوجيا الرحم الاصطناعي على نطاق واسع إلى تغيير في هياكل الأسرة التقليدية، حيث سيتمكن الأفراد أو الأزواج الذين لا يستطيعون الحمل بشكل طبيعي من الإنجاب، ويؤدي هذا إلى تنوع أكبر في هياكل الأسرة ويمكن أن يتحدى المفاهيم التقليدية لما يشكل أسرة. وعن المواقف تجاه الإنجاب، أكد د.الجارالله انها يمكن أن تغير تطوير تكنولوجيا الرحم الاصطناعي، حيث ستتيح خيارا جديدا للأفراد الذين لا يستطيعون الحمل بشكل طبيعي، والذي يمكن أن يؤدي إلى قبول أكبر للطرق غير التقليدية للإنــــجاب ومنهج أكثر شمولا لتخطيــط الأسرة، وهنا يأتي دور الضوابط التشريعية لكبح جماح هذا الامر الخطير.