- المحكمة الدستورية تحصّن قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد
- أكدت أنه لا يمسّ استقلال القضاة ولا يجردهم من ضماناتهم
- عدم إخضاع من هم بدرجة وزير لأحكامه لا يعد مثلباً دستورياً
مريم بندق - عبدالكريم أحمد
وصفت مصادر حكومية حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن المقدم من 6 قضاة في هيئة مكافحة الفساد بالخطوة المستحقة التي تعزز عمل الهيئة، مؤكدة أنه تم تحصين الهيئة، ويخضع القضاة كغيرهم لقانون مكافحة الفساد وتقديم ما يطلب منهم حسب نص القانون والذي على رأسه إقرارات الذمة المالية.
وبموجب الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية أمس برئاسة رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز رئيس المحكمة الدستورية المستشار يوسف المطاوعة، سيطبق قانون الهيئة على كل من رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، رئيس ومستشاري المحكمة الدستورية، والجهاز الفني للمحكمة ورؤساء المحاكم والقضاة.
وتنفيذا لنص قانون مكافحة الفساد ولائحته التنفيذية، ستخضع إقرارات الذمة المالية المقدمة منهم إلى الفحص عن طريق لجان تتكون من رئيس وأربعة أعضاء، يكون من بينهم ذو خبرة قانونية وآخر ذو خبرة مالية، وتتولى فحص إقرارات الذمة المالية الخاصة بالفئات المحددة.
وردا على سؤال حول موعد تقديم الإقرارات، أجابت: يتفق عليه في اجتماع مشترك يعقد لاحقا بعد نشر الحكم.
وكانت المحكمة الدستورية قد أصدرت حكما في العام 2015 بإبطال هيئة مكافحة الفساد، مشيرة إلى أنه لا ضرورة مبررة لقانون يتطلب الأناة والانتظار.
وفي مزيد من التفاصيل فقد أصدرت المحكمة الدستورية، أمس، حكما برفض الطعن المباشر بعدم دستورية القانون رقم 2 لسنة 2016 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، وبذلك يحصن القانون.
وكان 6 من أعضاء السلطة القضائية قد طعنوا على القانون، حيث رأوا أنه يخل بمبدأ المساواة وينتهك الخصوصية والحرية الشخصية ويخالف مبدأ أصل البراءة التي جبل الإنسان عليها والمساس بالذمة المالية دون مسوغ قانوني، فضلا عن تعارضه مع مبدأ فصل السلطات واقتتاته على استقلال القضاء وإهداره الضمانات المقررة لأعضاء السلطة القضائية، مشيرين إلى أن نصوص القانون منحت لأشخاص تابعين للسلطة التنفيذية من غير رجال القضاء سلطة جمع المعلومات والأدلة والاطلاع على السجلات والوثائق لمجرد وجود شبهة جريمة فساد أو محض شكوى كيدية ما قد يعسف بحصانة أعضاء السلطة القضائية.
وأكدت المحكمة بحيثيات حكمها أن التزام أعضاء السلطة القضائية بأحكام القانون باعتبارهم من الخاضعين لأحكامه وتقديمهم إقرارات الذمة المالية إلى الهيئة التي أنشأها المشرع لهذا الغرض، لا يتضمن أي مساس باستقلالهم ولا يجردهم من الضمانات الأساسية التي كفلها لهم الدستور والقانون.
وأضافت المحكمة: يظل اتخاذ أي إجراء قبل رجال السلطة القضائية معقودا لجهة قضائية هي النيابة العامة بعد اتباع ما استلزمه القانون من إجراءات تتمثل باستئذان المجلس الأعلى للقضاء وموافقته على اتخاذ ذلك الإجراء، ومن ثم لا تكون النصوص المطعون عليها قد تضمنت مساسا بمبدأ فصل السلطات أو اعتداء على استقلال القضاء.
وتابعت: أما عن القول بانتهاكها الحق في الخصوصية واعتدائها على الحرية الشخصية فمردود، بأن القانون إذا استهدف تحقيق غاية وطنية تقتضيها المصلحة العامة للبلاد في مكافحة الفساد صيانة للوظيفة العامة وحفاظا على المال العام، لا يعد انتهاكا للحق في الخصوصية والحرية الشخصية.
وأردفت: كما أن الادعاء بمخالفة نصوص القانون أصل البراءة على النحو الذي أشار إليه الطاعنون في طعنهم وفي حدوده فهو ادعاء غير صحيح ذلك أن جرائم الفساد المنصوص عليها في ذلك القانون لا تثبت بغير الأدلة التي تقدمها النيابة العامة للتدليل على قيام الجريمة في كل ركن من أركانها ونسبتها إلى فاعلها، ولم تفترض نصوص تلك المواد أية قرينة تحكمية في حق المتهم ترتب نقل عبء نفيها إليه.
وردت المحكمة على ما أثاره الطاعنون من وجوب إخضاع من هم في درجة وزير ويعملون في جهات ذات أهمية ولا يشغلون وظيفة تنفيذية لأحكام ذلك القانون أو استبعاد أعضاء السلطة القضائية من الخضوع لأحكام القانون، بقولها إن ذلك في حد ذاته لا يعد مثلبا دستوريا، إذ إن دور هذه المحكمة لا يتجاوز وظيفتها القضائية بمعاييرها وضوابطها إلى وظيفة التشريع. يذكر أن المحكمة أصدرت حكمها برئاسة المستشار يوسف المطاوعة وعضوية المستشارين خالد سالم علي ومحمد جاسم بن ناجي وخالد أحمد الوقيان وعلي أحمد بوقماز، وحضور أمين السر محمد عبدالله الرشيد.
عبدالهادي لـ«الأنباء»: على المجلس تعديل مثالب القانون
قال مقدم الطعن على قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد، المحامي عادل عبدالهادي إن القانون بات محصنا من حيث الدستورية بعد قضاء المحكمة برفض الطعن عليه.
ورأى عبدالهادي أن المثالب التي تعتري بعض نصوص القانون تستوجب التعديل من قبل مجلس الأمة، مشيرا إلى أن هذا التعديل مستحق وهو معروض الآن أمام اللجنة التشريعية. ودعا الهيئة بعد تحصين قانونها إلى أن تقوم بدورها الأمثل وبالشكل المطلوب بلا أية ضغوط ذهنية حالت في السابق دون أن تقوم بواجبها بالشكل التام.