بقلم الشيخ سعد الشمري
من أعظم أيام السيرة النبوية العطرة حادثة الإسراء والمعراج، حين أسري برسولنا الكريم بمعية جبرائيل من مكة إلى المسجد الأقصى، فأمَّ بالأنبياء جميعهم، ثم عرج به بالمعراج إلى السماء، وكلما مر بسماء لقي نبياً، آدم في الأولى ثم عيسى ويحيى في الثانية ثم يوسف في الثالثة ثم إدريس في الرابعة ثم هارون في الخامسة ثم موسى في السادسة ثم إبراهيم في السماء السابعة، ورفعت له سدرة المنتهى التي ينتهي عندها علم الخلائق، وهي شجرة عظيمة نبقها كقلال (جمع قلة وهي الجرة) هَجَر (الأحساء اليوم)، وورقها كآذان الفيلة، وعندها خاطب الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأعطاه الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة وأن من لا يشرك من أمته فله الجنة، ورأى البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة سبعون ألفا منهم كل يوم ثم لا يعودون إليه.
والبيت المعمور معظّم في السماء، كما أن الكعبة معظّمة في الأرض، وهو حيال الكعبة وقرب العرش العظيم، وقد رأى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم جبرائيل على صورته، وهو آية من آيات الله الكبرى، ولم يرَ الله عز وجل، بل قال: «نور أنَّى أراه»، ورأى أربعة أنهار سيحون وجيحون والفرات والنيل، باطنان وظاهران، ورأى الجنة ورأى النار، ثم رجع إلى مكة، وكانت هذه في بعض ليلة، ولما أصبح أخبر قريشا فكذبته وصدقه أبو بكر ويومئذ لقب بالصديق، وقد أنزل الله فيها قرآنا كما في أول سورتي الإسراء والنجم، ولمن أراد الاستزادة فليقرأ في تفسير ابن كثير، رحمه الله، ومع أن هذا الحدث عظيم لم يثبت بطريق صحيح بأنه في شهر رجب، وحتى لو ثبت فلا يجوز الاحتفال به ولا التهنئة، بل حسب المرء أن يقرأ في هذا الحدث ويتأمل ما فيه وما يدعو إلى العمل.