- الخراز: أمر مشروع رغّب فيه الإسلام وشجّع عليه لأهميته
- الشطي: لا يوجد مانع من ممارسة الرياضة ولكن بشروط
- الغانم: من أشهر المبارزين في المعارك الإمام علي بن أبي طالب
شجع الاسلام على ممارسة الرياضة والمداومة عليها، حيث انها تنمي الجسد وتعلم القوة. فما مشروعية القيام بالرياضة للرجال والنساء؟ وما الضوابط الشرعية لذلك؟ وما الألعاب المتاحة للجنسين؟
في البداية، يقول د.خالد الخراز: ممارسة الرياضة امر مشروع قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغّب فيه وشجع عليه، وجعل تعليم الناشئة هذه الرياضات حقا لهم على من يتولى امرهم، وقد مارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الاسوة الحسنة رياضة العدو مع السيدة عائشة رضي الله عنها، فقد روي عنها انها قالت: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وانا جارية (اي صغيرة السن)، فقال لأصحابه: تقدموا، فتقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، فسابقته فسبقته على رجلي، فما كان بعد خرجت ايضا معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا، ثم قال: تعالي أسابقك، ونسيت الذي كان، وقد حملت اللحم (اي ثقلت)، فقلت: وكيف اسابقك يا رسول الله وانا على هذه الحال؟ فقال: لتفعلن، فسابقته فسبقني، فقال: هذه بتلك، كما مارس الرسول صلى الله عليه وسلم رياضة المصارعة مع ركانة بن يزيد، فقد روي عن سعيد بن جبير ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالبطحاء، فأتى عليه ركانة بن يزيد ومعه قطيع من الغنم، فقال له: يا محمد، هل لك ان تصارعني؟ فقال: ما تسبقني؟ (اي ما تعطيني ان سبقتك؟)، قال: شاة من غنمي، فصارعه فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ شاة من غنمه، قال ركانة: هل لك في العود؟ قال: ما تسبقني؟ قال: اخرى، وكرر ذلك مرارا، وفي كل مرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرعه، فقال ركانة: يا محمد، والله ما وضع احد جنبي الى الارض وما أنت بالذي تصرعني، فأسلم ركانة، فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم غنمه.
واشــــار د.الـــخراز الى ان رسول اللــــه صلى الله عليه وسلم قـــــد مارس رياضة الرماية مـــع نفر من قبيلة اسلم، فقــــد روي عن ســـلمة بن الاكـــوع قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من اسلم ينتـــصلون، اي يتسابقون في الرمي بالسهام، فقال: ارموا بني اسماعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وانا مع بني فلان (لأحد الفريقين)، فأمسكوا ايديهم، فقال: ماـــلكم لا ترمون؟ قالوا: وكيف نــــرمي وانت معهم؟ قال: ارمـــوا وانا معكم كلكم.
وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ارتاض على قيادة الخيل والعدو بها، فقد روي عن طلحة بن زيد ان المشركين اغاروا على سرح المدينة فنادى مناد: يا سوء صباحاه، فسمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب فرسه في طلب العدو، ولحقه أبوقتادة على فرس له، فطلب العدو فلم يلقوا أحدا وتتابعت الخيل، قال ابوقتادة يا رسول الله ان العدو قد انصرف، فإن رأيت ان نستبق فقال: نعم فاستبقوا، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقا، ثم اقبل عليهم فقال: أنا ابن العواتك من قريش، انه لهو الجواد البحر.
وحول ترغيب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ممارسة الرياضة والتشجيع عليها قال د.الخراز: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لجسدك عليك حقا».
وعن ممارسة النساء للرياضة لفت د.الخراز إلى ان ذلك جائز شرعا ولكن بشروط وضوابط يجب توافرها في كل عمل تقوم به النساء، ومن اهم هذه الضوابط عدم الاختلاط وعدم التبرج.
جائز بشروط
من جهته، قال د.بسام الشطي: الرياضة كما عرفها اهل العلم هي التمرن والتمرين الذي ينفع الإنسان في عاجله وآجله من خلال الحركات المتنوعة كحركات اليد او حركات الرجل او الرأس وغيرها، ولذلك ذكر الله في قوله تعالى (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) وأيضا لما ذكر الله عن سليمان عليه السلام انه تحصل على الخيل، وايضا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسابق مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وكان لدى النبي ناقته القصواء فكان لا يدخل في مسابقة إلا سبق، إلا في مرة واحدة عندما سبقوه فآلم ذلك الصحابة رضي الله عنهم.
قال صلى الله عليه وسلم «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير».
فالرياضة حق لجسدك عليك مؤكدا ان تعلم الرياضة حق للمحافظة على هذا الجسد.
وزاد الشطي: لا يوجد ما يمنع من ممارسة الرياضة، ولكن بشرط الا تضيع عليك العبادة، فالأصل في المسلم ان يكون له جدول يومي من قراءة القرآن وصلة الرحم والتعلم والتعليم والرياضة ايضا، كما اشار على ضرورة حفظ اللسان من السب والشتم عند ممارسة الرياضة والاهتمام باللباس والحشمة، حيث امر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ العورة وعدم اظهارها للناس، وبين د.الشطي ان من الشروط ايضا الا يلحق اللاعب الاذى في الآخرين، حيث حرم الله الايذاء في القرآن الكريم وفي السنة النبوية وكذلك ضرورة وجود النية الطيبة في ممارسة الرياضة وعدم البحث عن الشهرة والتكبر، وعدم الانشغال عن قضايا الأمة، فالمسلم جزء من هذه الأمة والأصل الاهتمام بأمر المسلمين.
ضوابط
أما عن انواع الرياضة التي عرفها المسلمون فيقول الشيخ صالح الغانم: مظاهر الرياضة البدنية في الاسلام كثيرة ويشتمل كثير منها على رياضة للأعضاء بالإضافة الى رياضة الروح واستقامة السلوك كالصلاة بما فيها من طهارة وحركات لمعظم اجزاء الجسم وكذلك الحج ومناسكه المتعددة، وزيارة الاخوان وعيادة المرضى والمشي في المساجد، وجميع انواع الأنشطة الاجتماعية تمرين وتدريب لأعضاء الجسم وتقوية له ومن بين هذه الرياضات المعروفة في الاسلام تسع رياضات وهي العدو الذي يعتبر تدريبا على سرعة المشي كما ان العدو داخل ضمن المسارعة الى الخير فيعتبر مسارعة روحية وجسمية وقد اشتهر ان العدو داخل ضمن المسارعة الى الخير فيعتبر مسارعة روحية وجسمية وقد اشتهر من العرب في سرعة العدو حذيفة بن بدر، وكذلك ركوب الخيل والمسابقة عليها، فقد اشتهر العرب منذ القدم بالفروسية وكان الناشئ منهم لا يصل الى الثامنة حتى يتحتم عليه ان يتعلم ركوب الخيل والله تعالى اشار اليها في قوله تعالى: (والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا) فهي من اهم ادوات الحرب، كما قال تعالى عنها في السلم: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالعناية بها، وقال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: «يا خيل الله اركبي» وقال: «اركبوا الخيل فإنها ميراث ابيكم اسماعيل»، وقد سابق النبي صلى الله عليه وسلم ايضا على الجمال فسابق على ناقته العضباء وكانت لا تُسبق، فجاء اعرابي على قعود فسبقها، فشق ذلك على المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ان حقا على الله الا يرفع من الدنيا شيئا إلا وضعه»، وذكر الجاحظ في البيان والتبيين ان عمر ارسل كتابا الى الامصار يقول فيه: «علموا أولادكم السباحة والفروسية وفي رواية ومروهم ان يثبوا على الخيل وثبا ورووهم ما سار من المثل وحسن من الشعر» وكان من اشهر المبارزين علي بن ابي طالب رضي الله عنه ومواقفه مشهودة في بدر والخندق وغيرهما.