- د. أحمد الكوس لـ«الإيمان»: اغتنموا هذه الليالي العشر وأحيوها واجعلوها موسماً للخيرات
- أكثروا من الدعاء وذكّروا من تعولون بأهمية هذه الأيام وحثوهم على فعل الطاعات
- على المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة إلى الله تعالى قبل أن يندم المفرط على ما فعل
من مواسم الطاعة العظيمة، العشر الأول من ذي الحجة، فقد فضلها الله تعالى على سائر أيام العام، وهناك من النصوص في القرآن الكريم والسنة الشريفة ما يدل على أن هذه العشر أفضل من سائر أيام السنة من غير استثناء شيء منها، حتى العشر الأواخر من رمضان. عن فضل الأيام العشر من ذي الحجة يحدثنا الشـــيخ د. أحمد الكوس.
يقول د. الكوس: فضل الله تعالى بعض الشهور والأيام عن سائر أيام السنة وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بنا لنتسابق على اقتناء هذه الفرص العظيمة لتجديد التوبة والنيل من رضوان الله تعالى، ومن هذه الأيام أيام العشر الأول من ذي الحجة، فهي أيام فضيلة وهذا الفضل يأتي كون الحجاج يذهبون إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، وأما المقيمون في بلادهم ولا يستطيعون أداء الحج فيمكنهم الاجتهاد في العبادة والطاعة في تلك الأيام العشر. روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء»، وفي رواية عند الإمام أحمد «فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد».
وبين لنا د. الكوس بعض الطاعات التي يمكن استغلالها خلال هذه الأيام المباركة، فقال: صيام هذه الأيام أو بعضها ولاسيما يوم عرفة وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسب عند الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده» رواه مسلم.
والمحافظة على الصلوات في المساجد والسنن الراتبة والاجتهاد بقيام الليل ولو بركعات قليلة مع الإكثار من قراءة القرآن فإن استطعت ختم القرآن خلال هذه الأيام فهذا طيب، وايضا التوبة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب حتى يترتب على الاعمال المغفرة والرحمة. وتأسف د. الكوس لما يحدث من كثرة الإعلانات في تلك الأيام عن حفلات مختلطة ورقص وغناء استعدادا لأيام العيد. وشدد الكوس على بر الوالدين وصلة الأرحام وزيارة المريض والتواصل مع الله والتناصح في الدين مع الإكثار من الصدقات ومساعدة المحتاجين والتفريج عن المكروبين والمعسرين. وقال: واذكر كل مسلم ومسلمة بالمداومة على الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأذكار الصباح والمساء والإكثار من التكبير والتهليل والتحميد، وأيضا الحرص على سنة الأضحية في يوم العيد وأيام التشريق وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم «ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفاحهما» متفق عليه.
شروط مهمة
وعلى من أراد الأضحية أن يتحرر من أخذ الشعر سواء حلقه أو التقصير من رأسه أو لحيته وسائر بدنه، وكذلك لا يقص أظافره لحديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره، وفي رواية «فلا يأخذ من شعره ومن أظافره حتى يضحي» وهذا يخص صاحب الأضحية لا أسرته أو أبناءه، والحكمة من ذلك التشبه بالمحرمين من الحجاج. كما على المسلم ان يحرص على أداء صلاة العيد في المصلى والاستفادة من خطبة الإمام ومعرفة الحكمة من العيد، وانه يوم شكر وطاعة وليس للهو المحرم والحفلات الماجنة والتبرج غير المشروع، كما علينا أن ننصح الأهل ومن نعول ونذكرهم بأهمية هذه الأيام، وحثهم على فعل الطاعات، وتجنب المنكرات، والإكثار من الدعاء لنفسك وأهلك، وأن يفك الله كرب إخواننا في فلسطين وبورما واليمن وسائر بلاد المسلمين وأن يحقن دماءهم.
المحرومون
وعن حكم من يستطيع الحج ولم يقم بأداء الفريضة، يقول عنهم د.الكوس: مسكين كل من كان ذي سعة وقوة ومقدرة ولكنه لم يحج إلى بيت الله الحرام، فوالله إنها لنعمة عظيمة أن يتيسر الحج، ففيها ينشرح الصدر وينخرط فيها المسلمون في دورة تدريبية إيمانية يزداد بها الإيمان وتصقل فيها القلوب، حيث تلهج الألسنة بذكر الله تعالى في كل يوم بل في كل ساعة، ويكبر المسلمون ويرددون شعار التوحيد «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، حيث يردد الحجاج الذين جاءوا من كل فج عميق شعار التوحيد لقوله تعالى: (ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، فهي أيام فاضلة ينتقل فيها الحجاج من منسك إلى منسك، يتدربون فيها على العبودية والخشوع.
أهمية الدعاء
وأكد د.الكوس على اهمية الدعاء والتذليل والخضوع لله تعالى والتعود على النظام والانصياع لله تعالى، وهكذا يعود المسلم من حجه وقد غفر له ذنبه مصداقا لقوله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) وقوله صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» وخير ما تزود به المسلم من هذه الرحلة الإيمانية هو التقوى (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)، وأما المحرومون فمساكين الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة والتهوا بالدنيا والشهوات. وقد ذكر لي أحد الاخوة ان أحدهم يرفض الحج لأنه يخاف أن يموت في الحج، سبحان الله، هذا هو المحروم، وآخر دفع مبلغا من المال لآخر يحج عنه مع انه في صحة جيدة الا انه يقول بفخر لأنه لا يحب الجلوس مع رعاع الناس والفقراء وهو صاحب الأموال والمناصب، فعلى المسلم أن يستفتح هذه العشر بتوبة نصوح الى الله عز وجل، ثم يستكثر من الأعمال الصالحة، ولنبادر باغتنام تلك الأيام قبل أن يندم المفرط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يجاب عما سأل: فاغتنموا هذه الليالي العشر وأحيوها واجعلوها موسما للخيرات والبر والتقوى والعمل الصالح.