ما حكم تكرار العمرة في السفر؟
٭ ما يفعله كثير من الناس اليوم من تكرار العمرة في السفرة الواحدة، ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم، وهم السابقون لكل خير وطاعة وعبادة، وهم الذين نقتدي بهم في ديننا، ونهتدي بهديهم. هذا القول الراجح في هذه المسألة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال أبو طالب: قلت لأحمد قال طاووس: «الذين يعتمرون من التنعيم لا أدري يؤجرون أو يعذبون»، قيل له: لم يعذبون؟ قال: لأنه ترك الطواف بالبيت، ويخرج إلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء».
فقد أقر أحمد قول طاووس هذا الذي استشهد به أبو طالب لقوله، رواه أبو بكر في الشافي.
وقال ابن القيم رحمه الله: «ولم يكن في عمره صلى الله عليه وسلم عمرة واحدة خارجا من مكة، كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة، لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة في تلك المدة أصلا، فالعمرة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرعها هي عمرة الداخل إلى مكة، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهده أحد قط، إلا عائشة وحدها بين سائر من كان معه، لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن ترجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين - فإنهن كن متمتعات، ولم يحضن، ولم يقرن - وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم، تطييبا لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحجة، ولا أحد ممن كان معه» انتهى من «زاد المعاد» (2/ 89، 90) فليس هذا العمل من عمل السلف الصالح، وفيه ما فيه من المشقة، وفيه من المزاحمة للناس ولاسيما وقت الحج وقت الزحمة، ما هو معلوم. والله أعلم.
دعم العمالة
ما حكم ما يسمى بـ «دعم العمالة» في الكويت؟
٭ أنشأت الجهات الرسمية عندنا بالكويت قانونا يشجع القطاع الخاص، وشرطهم توظيف الكويتيين لديهم، وذلك بواسطة عقد يتم بين الشركة وطالب الوظيفة، بحيث يكون له راتبان: راتب من الشركة، وراتب من الحكومة، ويسمى هذا الراتب بـ«دعم العمالة» ومعلوم أن رواتب الشركات أغلبها ضعيفة فمن أجل ذلك قامت الدولة بإعطاء الموظف في القطاع الخاص راتبا تشجيعا له لعمله في القطاع الخاص، وبعض الناس يحصل على هذا الراتب وهو لا يعمل لدى الشركة ولا يدري عن مكان العمل أصلا؟ الواجب في هذه المنحة، الالتزام بالشروط الموضوعة من قبل الدولة، لما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمون على شروطهم».
رواه البخاري تعليقا وأبو داود وإسناده حسن.
وعلى هذا يجوز أخذ راتب دعم العمالة، بشرط الالتزام بالعمل لصالح الشركة، سواء كان أداء العمل في البيت أو في الشركة أو بعض مكاتبها.
أما أخذ الراتب دون عمل ولا دوام بالشركة، ولا تقديم أي خدمات لها، فهذا لا يجوز، لأن الدولة إنما قدمت هذا الدعم لتشغيل الشباب، وليس لجلوسهم في البيت! وليس هذا الراتب هبة من الدولة، حتى يقول قائل: يجوز أخذه برضا صاحب الشركة ولو بغير عمل! والواجب على الموظف وصاحب الشركة أن يتقيا الله سبحانه، ولا يخونا الأمانة، ويوفيا بالعهد بينهما وبين الدولة.
وإن أراد صاحب الشركة أن ينفع أحدا من نفسه، فله أن يعطيه من مال الشركة التي يملكها، وليس من مال الدولة.