يقول الله سبحانه وتعالى (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفراً لظلوا من بعده يكفرون)، هؤلاء الذين يفرحون في الخير فرح الأشر البطر فيتكبرون على المنعم عليهم في هذا الخير، واذا جاء السوء يئسوا وقنتوا، هؤلاء يقول الله سبحانه وتعالى إنهم حينما يرون زرعهم قد اصفر يعني آل إلى أن يصبح هشيما يعني ينتهي (ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون) بالله ويجحدون نعمته، يعني هذا الكافر عندما يمر بسوء لا يذكر نعمة مرت عليه أبدا، يقول أنا عمري كله في همّ، ولم أر من الله نعمة، الله سبحانه وتعالى يقول هؤلاء انفسهم حين نزل المطر استبشروا وكانوا من قبله يائسين، فلما أخذت دورة النبات دورتها واصفر الزرع ردوا مرة ثانية وقالوا لم نر خيرا، ليس هناك إله، ليس هناك رب يعبد ولا يحمد، نسأل الله العافية.
تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم
لذلك يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم مسليا له لما يلاقيه من عنتهم (انك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين)، هؤلاء شبه الله حالهم بحال الميت الذي لا ينتفع بالسمع، وهذا الذي تناديه وهو أصم وقد أعطاك ظهره ومضى كيف يلتفت إليك؟ لا يلتفت إليك، نعم الصوت موجود لكن الذي هناك لا ينتفع به.
لا ينتفع بشيء
يقول سبحانه وتعالى (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم)، عطلوا أسماعهم عن سماع الحق، وعطلوا أعينهم عن النظر الى الحق فأصبحوا كالأموات وكالصم وكالعمي، كما قال عز وجل في سورة البقرة (صم بكم عمي فهم لا يرجعون)، يقول الله سبحانه وتعالى (إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون)، يقول له ايها الرسول ما ينتفع بهذا الحق وبهذا الخير وبهذا القرآن وبهذا الدين الا من فتح قلبه للحق، من فتح قلبه للحق سيعرف ان هذا حق، وسيتبعه ولا يتكبر عنه بل سيسلم له ويؤمن به وبكل ما جاء به رسولنا صلى الله عليه وسلم.
أطوار خلق الإنسان
الله سبحانه وتعالى بعد ان بين للإنسان آياته الكونية قال له انظر في نفسك، يخبرنا عن اطوار البشر واحوالهم في اجسادهم وانفسهم، يقول سبحانه وتعالى (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة)، الله سبحانه وتعالى خلقكم من ضعف، من نطفة من ماء مهين، فعلام تتكبر ايها الانسان؟ يخبرنا الله عز وجل عن اطوار خلق الانسان فيقول خلقتك ضعيفا من ماء مهين، ثم جئت جنينا ضعيفا، الله سبحانه وتعالى هو الذي هداك لثدي امك وهو الذي هيأ ثدي امك لإرضاعك وانت لا تملك قوة ولا حولا، يقول سبحانه وتعالى (ثم جعل من بعد ضعف قوة)، ثم يأتي الشباب، والانسان مازال في حياته يتقوى ويتقوى حتى يصل الى ذروة الشباب فيكون في كمال قوته الجسدية والذهنية والنفسية، هذه القوة في الشباب، (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) هذا هو الكبر وهذه هي سنة الله، ذلك الانسان، سبحان الله، لا يعاند سنة الله في خلقه، اذا عاند سنة الله عز وجل يتعب، الله سبحانه وتعالى قال انه خلقك من ضعف ثم قوة ثم تعود ضعيفا وشيبة، فيأتي الانسان هنا وخاصة بعض النساء هدانا الله واياهن في هذه المرحلة التي هي ضعف الشيبة تريد ان تعود الى الشباب، فيصبح من هيئتها ما تعرفون، حسنا والداخل؟! الداخل لن يتغير، يتغير الخارج (تشد من هني لباچر ما يخالف) لكن الله سبحانه وتعالى قال (من بعد قوة ضعفا وشيبة) تعاند من؟ تعاند ربك؟ غير ممكن، اذا كان زكريا عليه السلام قال في الآية (قد وهن العظم مني)، هذا الطبيعي للانسان عندما يكبر عظامه تبدأ بإيلامه عندما يبدأ يضعف، هذه حال الدنيا، هذه الحالة التي خلقها الله عز وجل، خلق الانسان فيها فإذا علم الانسان ان هذه سنة الله في خلقه ارتاح الى ذلك وركن الى امر ربه ولم يعاند في هذه الدنيا، يقول الله سبحانه وتعالى (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) قال (يخلق ما يشاء) سبحانه.
هذه الاطوار بأمر الله وبحكمة الله وبقدرة الله، هل تستطيع ان تكبر طفلا بارادتك؟ لا تستطيع، هل تستطيع ان تقول لهذا الطفل الذي هو سنه اكبر الآن واصبح عشرة، ليس بيدك، بيد الله عز وجل، هل تستطيع لهذا الشيب والضعف ان تقول له توقف، لا تستطيع لأنها مآلك الى ضعف ثم ضعف، الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء من الناس من البشر، خلق سبحانه وتعالى آدم من غير ام ولا اب، خلقه من تراب وخلق حواء من ضلع آدم، وخلق عيسى بأم بلا اب، هكذا سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار، يقول الله سبحانه وتعالى (يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) علم الله في خلقه لا يعزب عنه شيء، سبحانه الله عالم بكل شيء عالم بهمسات قلبك، اذا خاطبت نفسك الله عز وجل سيسمع ويعلم وهو سبحانه وتعالى القدير لأنه قادر على كل شيء، اذا اراد امرا يقول له كن فيكون هو وحده الذي له ذلك اما انت ايها الانسان فأنت لا شيء بيدك تدور في ملكوت الله عز وجل.
ألقيت المحاضرة في مسجد فاطمة الجسار بالشهداء