ونحن بين يدي سورة يس، ويس سورة عظيمة والقرآن عظيم، وهي سورة مكية مدارها إثبات الميعاد والوحي والرسالة تنزل في الآيات القوارع المتسارعة على القلوب والأذهان حتى تنفتح هذه القلوب الكافرة وتنفتح هذه الأذهان المغلقة الى الحق وإلى ما في كتاب الله عز وجل من نور وخير وهدى، فالله سبحانه وتعالى أقسم بالقرآن الكريم، أقسم بالقرآن الذي أسماه القرآن الحكيم، وأقسم بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه حقا من المرسلين، والله عز وجل إذا أقسم فإنه يقسم بعظيم، سبحانه وتعالى، فإن هذا القرآن تنزيل من الله رحمة للعالمين، فحري بنا أن نعرف مكانة القرآن وأن نعظم النعمة التي أولانا إياها الله رب العالمين، فإنه فضل عميم وخير كثير، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا به، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، قال صلى الله عليه وسلم: «إن لله أهلين» يعني أهل في الأرض، فقيل: من يا رسول الله؟ قال: «هم أهل القرآن»، اللهم اجعلنا منهم واجعله حجة لنا لا حجة علينا، الله عز وجل يبين أن وظيفة رسولنا صلى الله عليه وسلم هي النذارة، طبعا بدأ بالنذارة لأن الخطاب للكافرين، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم وظيفته النذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين، فبين الله عز وجل مآل من يعرض عن ذكر الله، ومن أنكر رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبين بعضا من العذاب الذي يصيبهم، والله سبحانه وتعالى كما قلنا في القرآن ينقلنا الى مشاهد القيامة كأنها حادثة وواقعة نراها الآن رؤية العين، سبحان الله، فأخبرنا سبحانه وتعالى عن صفة عذاب هؤلاء أنهم وقد قيدوا بهذه السلاسل الثقيلة المؤلمة الحامية، وكبلت بها أيديهم وجرت الى أعناقهم حتى اضطرت رؤوسهم الى أن ترتفع اضطرارا الى السماء، وهذا معنى كما قلنا (مقمحون)، فالله سبحانه وتعالى يخبرنا بأنه بسبب كفرهم واستكبارهم لا يهتدون الى الحق أبدا، وهذا حال كل من قابل دعوة الاسلام بالصد.