فتنة المال
هل للمال من فتنة؟
٭ روى الترمذي بإسناد صحيح عن كعب بن عياض رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ان لكل نبي فتنة، وفتنة أمتي المال».
إن للمال سلطانا على النفوس، النفوس التي استرقتها الدنيا وتملكتها الشهوات، تلك النفوس التي مرضت أهواؤها وفسدت ضمائرها، وأسكرها المال حتى لم تعد ترى متعة إلا في جمعه ولا تشوه إلا في خزنه وتكديسه، والنبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من تسلط المال على نفوسنا، فقال: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعسا لها من حياة، حياة الذل والعبودية للمال».
جعل الله عز وجل المال فتنة: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)، ليختبر الله بها معادن الناس، فمنهم من يسقط في الفتنة ويركن الى الدنيا الفانية، ومنهم من لا تستهويه فتنة المال أملا في الوصول الى ما عند الله من الأجر والثواب يوزع الله عز وجل الأرزاق على الناس بحكمته سبحانه، حتى يمحص إيمانهم، وكم من غني شاكر، وكم من غني جاحد، وكم من فقير صابر، وكم من فقير ناقم، كل حسب إيمانه بالله عز وجل، فالنفس المؤمنة التي تسمو الى المكارم تترفع عن السقوط في فتنة المال، فإن أفاء الله عليها من فضله، شكرت وحمدت، تعطي زكاة مالها، وتزيد عليه بالإنفاق في وجوه الخير والإحسان، كيف لا وهي تقرأ قول الله عز وجل: (وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ»، وإن قدر عليها رزقها تصبر وهي تتلو قول الحق عز وجل (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ).
وأما النفس التي انحطت درجتها وسقطت منزلتها، فإن فتحت عليها الدنيا وأغدقت عليها النعم، جحدت وأنكرت، وقبضت يدها، واتبعت غير سبيل المنفقين المحسنين، وان ابتليت بشيء من الضيق والفقر سخطت ونقمت وداخلها شك في حكمة الله عز وجل، وصدق الله العظيم حيث يقول: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).
زكاة الأسهم
ما الحكم الشرعي في التعامل بالأسهم وكيفية زكاتها؟
٭ السهم عبارة عن جزء من رأسمال الشركة، وهو معرض للربح والخسارة تبعا لربح الشركة أو خسارتها، وصاحب السهم يعد شريكا في الشركة، أي مالكا لجزء من أموالها بنسبة عدد أسهمه إلى مجموع أسهم الشركة، ويستطيع مالك السهم أن يبيعه متى شاء.
وللسهم قيمة اسمية تتحدد عند إصداره أول مرة، وله أيضا قيمة سوقية تتحدد على أساس العرض والطلب في سوق الأوراق المالية التي تتداول فيها الأسهم.
ويحكم على الأسهم من حيث الحل والحرمة تبعا لنشاط الشركة المساهم فيها، فتحرم المساهمة في الشركة ويحرم تملك أسهمها إذا كان الغرض الأساسي من الشركة محرما كالربا، وصناعة الخمور والتجارة فيها مثلا، أو كان التعامل بطريقة محرمة كبيوع العينة، وبيوع الغرر.
أما كيفية تزكية الأسهم فتكون إذا قامت الشركة المشتراة أسهمها على النحو المبين في زكاة الشركات، فلا يجب على المساهم إخراج زكاة عن أسهمه، منعا للازدواج.
أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة، فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها على النحو التالي:
إذا اتخذ أسهمه للمتاجرة بها بيعا وشراء، فالزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر (2.5%) من القيمة السوقية يوم وجوب الزكاة، كسائر عروض التجارة.
أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي فزكاتها كما يلي:
- إذا أمكنه أن يعرف - عن طريق الشركة أو غيرها - مقدار ما يخص كل سهم من الموجودات الزكوية للشركة فإنه يخرج زكاة ذلك المقدار بنسبة ربع العشر (2.5%).
- وإن لم يعرف، فعليه أن يضم ريعه الى سائر أمواله من حيث الحول والنصاب ويخرج منها ربع العشر (2.5%) وتبرأ ذمته بذلك.
الإنفاق على الأقارب
هل المسلم مُلزم بالإنفاق على إخوته الذكور والإناث؟
٭ رأت اللجنة أنه مما لا شك فيه أن الإنفاق على الأقارب أولى وأحق من الإنفاق على غيرهم، ويمكن احتساب الإنفاق على الأقارب غير الأصول والفروع من الزكاة، اللهم إلا اذا كان هناك حكم قضائي بنفقة على القريب، فإن ما قضى به القاضي لا يحتسب من الزكاة، ولا مانع شرعا من دفع الزكاة الى فقير محتاج له أخ قادر على الإنفاق عليه، هذا وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.