- الكويت ستكون من أولى الدول التي سيتم رفع الحظر عن مواطنيها لدخول إيطاليا.. والاتحاد الأوروبي سيكون أكثر تماسكاً ووحدة وسيتجه إلى تمتين علاقاته مع الصين
- توجهات الرئيس الأميركي الجديد ستلقي بظلالها على المشهد الجيوسياسي وستركز على مسعى عدم خسارة إيران وإبعادها عن المحور الروسي - الصيني
- التراجع الأميركي بالمنطقة هو تعديل في الإستراتيجية نوعاً ما مع الحفاظ على التواجد النوعي لحماية الأصدقاء وتقديم الدعم لهم ولا يقاس حجم الدور بكثافة التواجد
- الحديث عن بناء نظام إقليمي أمني أصبح أمراً مهماً لملء الفراغ بعد الانسحابات الأميركية من المنطقة
أسامة دياب
أكد سفيرنا في روما السفير الشيخ عزام الصباح عمق وتنامي العلاقات الكويتية - الإيطالية في مجالات متعددة، مشيرا الى الدعم الكبير الذي توليه قيادتا البلدين لترسيخ وتجذير أسس هذه العلاقات والدفع نحو التعاون البناء وصولا لازدهار واستقرار المنطقة والعالم.
وقال الشيخ عزام الصباح ان كبار المسؤولين في إيطاليا يشهدون ويشيدون بدور الكويت وقيادتها السياسية في العمل الجاد لحفظ الأمن والسلم بالمنطقة، لافتا الى ما تتمتع به الكويت من مقومات تقديم العون والمساعدة في انحاء كثيرة من العالم.
وكشف عن الجهود الكبيرة للحكومة الإيطالية في مواجهة جائحة كورونا، مشيرا الى ان اغلاق البلاد في هذه الفترة جاء ضمن هذه الجهود، خصوصا بعد ظهور سلالات جديدة من هذا الفيروس.
وأكد أن الكويت ستكون من اولى الدول التي سيتم رفع الحظر عن مواطنيها لدخول ايطاليا. وحول «البريكست» وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قال الشيخ عزام الصباح ان الاتحاد الأوروبي مازال متماسكا، وأن الجهود منصبة الآن على هزيمة الجائحة والعودة الى الوضع الطبيعي، مبينا ان الاتحاد الأوروبي سيكون اكثر تماسكا ووحدة وسيتجه لتحقيق علاقاته مع الصين والشراكة الاطلسية مع الولايات المتحدة الاميركية.
وأوضح أن توجهات الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن ستلقي بظلالها على المنطقة وعلى المشهد الجيوسياسي.
كما تحدث الشيخ عزام الصباح عن الاتفاق النووي الإيراني وتعزيز وحدة مجلس التعاون الخليجي ودوره في مواجهة الاستحقاقات القادمة وما يروج له من انسحابات أميركية من المنطقة.. فإلى التفاصيل:
بعد نحو عام ونصف العام منذ توليكم منصب سفير الكويت في إيطاليا كيف ترى العلاقات بين البلدين خصوصا في ظل ازمة جائحة كورونا التي أربكت العالم؟
٭ العلاقات الكويتية - الإيطالية تقوم على أسس التعاون البناء في مجالات متعددة وتشمل جوانب سياسية وعسكرية وثقافية فضلا عن الجانب الاقتصادي المتنامي والمتصاعد، بل ان التعاون الثلاثي شمل ايضا الجانب الفني. وهذه العلاقات تحظى بدعم قيادتي البلدين لجهة العمل على تنميتها في مختلف المجالات فهناك تعاون عسكري، والكويت احدى اهم الدول التي تستفيد من التكنولوجيا العسكرية الإيطالية والأوروبية عموما، الى جانب تدريب ودراسة طلابنا الضباط في الأكاديمية الإيطالية.
كما أن إيطاليا داعم أساسي وشارك في تنفيذ رؤية 2035 من خلال تكنولوجيتها الفائقة وخصوصا في خدمة تحقيق الطفرة التنموية والرقمية التي تعمل على تحقيقها الكويت في اطار اهدافها الطموحة لمواكبة احدث المنظومات المستقبلية وفق اعلى المعايير العالمية.
وللحقيقة، فإن العلاقات مع إيطاليا تشهد تناميا غير مسبوق في جانب التعاون على المستوى الدولي من خلال توافق رؤية البلدين بصدد القضايا المهمة في العالم وعلى رأسها السلام في الشرق الأوسط وخدمة السلم في العالم ونزع اسلحة الدمار الشامل والعمل على استقرار وأمن الشعوب.
ماذا عن جائحة كورونا في إيطاليا والتي تعد من الدول التي تضررت بشكل كبير من هذه الجائحة ومتى سيكون الكويتيون قادرين على دخول إيطاليا؟
٭ نعم.. إيطاليا عانت الكثير من هذه الجائحة، وفقدت اعدادا كبيرة من مواطنيها خاصة من كبار السن الذين استهدفهم هذا الفيروس، لكن الآن وبعد اكتشاف اللقاحات، بدأت السلطات في اجراءات التطعيم مع الاستمرار في الإجراءات الاحترازية لمواجهة أي موجة تالية للجائحة، وأحب أن أؤكد أن الكويتيين سيكونون من أوائل مواطني مجلس التعاون في دخول إيطاليا بعد رفع الحظر المفروض في ظل الجائحة.
البريكست والاتحاد الأوروبي
أزمات عديدة يتعرض لها الاتحاد الأوروبي وإيطاليا في القلب منه، جائحة كورونا التي عصفت بدوله و«البريكست» التي خرجت بريطانيا بموجبه منه، والموقف من تنامي قوة الصين والصراع مع الولايات المتحدة على الريادة الاقتصادية في العالم، ما رؤيتكم لهذه العواصف؟
٭ الاتحاد الأوروبي ودوله كانت في عين عاصفة جائحة كورونا، وكانت ضمن البؤرة الأكثر تضررا رغم البنية الصحية المتينة، لكن هذه المنظومة قادرة على التعافي سريعا، فالأوروبيون معروفون بجلدهم وبأسهم في مواجهة الازمات والشدائد، وسريعا سيخرج الاتحاد الأوروبي من تداعيات الجائحة بعد توصلهم الى لقاح فاعل وآمن، وسيكون تعافيه أكثر وحدة وتماسكا، ولن يتأثر بخروج بريطانيا، إذ ان الاتفاق الاخير يضمن الى حد كبير استمرار التعاون معها لما فيه مصلحة الشعوب.
كما ان الاتحاد الأوروبي متوازن في علاقاته مع المحاور الفاعلة في العالم، وهو يقيم استراتيجيته على ركنين اساسيين: تمتين العلاقات مع الصين، القوة الاقتصادية المتنامية بسرعة، والاستفادة من طفراتها الاقتصادية والتجارية وفي الركن الثاني المحافظة على الشراكة الاطلسية مع الولايات المتحدة، بل وتدعيمها خصوصا مع انتخاب رئيس جديد يؤمن كثيرا بهذه الشراكة ويضع المحافظة عليها وتنميتها ضمن رؤيته خصوصا في ظل الازمات التي تعصف بالعالم والتي تتطلب التعاون البناء والقائم على تحقيق مصالح الدول ورفاهية واستقرار شعوبها، بعيدا عن لغة الصراع والصدام.
توجهات أميركية
بالحديث عن الرئيس الأميركي الجديد هل ترى أن توجهاته ستلقي بظلالها على المنطقة والمشهد الجيوسياسي فيها؟
٭ نعم، لاشك أن توجهات الإدارة الأميركية الجديدة والمعلن عنها طوال هذه الفترة سيكون لها تأثير ايجابي كبير على المنطقة، ذلك انها تقوم على التعاون في حل القضايا المثارة عبر الحوار والتركيز على دعم دور الولايات المتحدة في مساندة حلفائها وأصدقائها والحد من تأجيج الصراع الذي تشهده المنطقة، والتوجه نحو إيجاد الحلول السياسية الفاعلة للأزمات. وباعتقادي فان الأوضاع الجيوسياسية ستتجه - تأسيسا على هذا - الى نوع من الهدوء والاستقرار النسبي والنظر الى جوانب التعاون على اطفاء حرائق الحروب وتمهيد السبل نحو لملمة الجراح وتضميدها وصولا الى اسس جديدة يقوم عليها السلم والأمن لجميع دول المنطقة.
كما أن هذه التوجهات الاميركية ستكون عونا على تعافي المنطقة اقتصاديا بعد الازمة الطاحنة التي خلفتها جائحة كورونا وتعافي اسعار النفط من الانخفاض الكبير، وأيضا تعافي حركة التجارة بين الدول.
الاتفاق النووي
هل باعتقادك سيكون لهذه التوجهات تأثير على تعزيز وحدة مجلس التعاون الخليجي ودوره في مواجهة الاستحقاقات القادمة؟
٭ بكل تأكيد، فمجلس التعاون اساسا يتجه الى احتواء ازمته الاخيرة بفضل وساطة الكويت وعلى رأسها صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد - طيب الله ثراه - وجهود صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد والتي أسفرت عن التوافق على طي هذه الصفحة وإعادة الحياة إلى مجاريها وتجاوز كل خلاف.
وبالطبع، توجهات الإدارة الاميركية الجديدة تصب في هذا الاتجاه، وهو ما يعزز الوفاق والوئام بين دول المجلس، ويسد الباب أمام الشقاق والخلاف بما سيساعد في اشاعة الاستقرار والأمن في ربوع المنطقة ويعزز فرص التعاون بين المجلس ومختلف القوى والمحاور العالمية دون انجرار الى صراع لا فائدة منه بل ضرره محقق. وفي هذا الجانب ايضا يجب النظر الى استراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة، والتي تتركز في جانب منها على احياء الاتفاق النووي الايراني والدخول في مفاوضات جادة لإعادة الامور الى نصابها، بعد ان كادت تصل الى المواجهة وخاصة بعد انسحاب اميركا من الاتفاق، واغتيال قاسم سليماني وتطور الاوضاع نحو توتر متزايد تعاني منه دول المنطقة.
وبالفعل، هناك مساع اميركية- اوروبية لاحتواء ايران، وإعادة رسم السياسات المتبعة معها، خصوصا دورها في المنطقة، وتقويمه بحيث يصب في صالح التهدئة ثم التعاون على جعل المنطقة اكثر امنا وسلاما بعيدا عن تزايد السباق نحو التسلح وتأجيج الصراعات والتدخل في شؤون الآخرين وحفظ حركة النقل في المضايق والخلجان.
نظام إقليمي أمني
يكثر الحديث عن انسحابات أميركية من المنطقة وتناقص الدور الأميركي وظهور ادوار متنامية لأطراف أخرى، كيف يمكن التعاطي مع هذه الأوضاع؟
٭ التراجع الأميركي بالمنطقة هو تعديل في الاستراتيجية نوعا ما مع الحفاظ على التواجد النوعي لحماية الاصدقاء وتقديم الدعم لهم.
ولا يقاس حجم الدور بكثافة التواجد في قواعد ومنظومات، بل في استراتيجية تقديم الدعم عبر آليات متطورة وخطط سريعة، وهو ما تعمل عليه اميركا حاليا، وإن كنت اعتقد ان الدور الاميركي سيتكثف مع الادارة الجديدة وتبديد هواجس البعض وخشيتهم من انحساره.
وفي كل الأحوال، فإن الحديث عن بناء نظام اقليمي امني متكامل يكفل تحقيق التوازن والسلم في المنطقة اصبح امرا مهما، ويجب ان يكون نابعا من تفاهمات بين دول المنطقة ويخدم سلام وأمن شعوبها، فالتواجد الاميركي لن يستمر للأبد، والتعويل عليه وحده في هذه الظروف ليس خيارا امثل، بل ان التعاون البناء لقيام نظام امني اقليمي يملأ اي فراغ هو الخيار الامثل، وأعتقد انه في اطار البحث والدراسة المكثفة الآن، وأعتقد ايضا ان خروجه للنور ليس بعيدا، والكويت دائما تسعى الى إشاعة السلم والأمن بالمنطقة، وتعمل قيادتها على دعم الاستقرار والنأي بالمنطقة عن الصراعات التي تهدد بإشعال الحروب وهو ما لا يتوق إليه أحد.
الديموقراطية.. وحقوق الإنسان
سألنا السفير الشيخ عزام الصباح عن رؤيته للتوجهات التي يعتزم الرئيس الأميركي الجديد وإدارته السير عليها في تعامله مع دول العالم ومنطقتنا بصفة خاصة، فأجاب: إن الاستراتيجية الأميركية تستهدف بصفة أساسية زيادة العمل على إشاعة الديموقراطية والحوار بين دول العالم، وكذلك تعزيز الجهود في سبيل الحفاظ على حقوق الإنسان، وهي مبادئ أساسية للإدارة الجديدة، كما أن الإدارة مهتمة جدا بترسيخ صورتها كقوة ديموقراطية فاعلة في كل الملفات والمساهمة في حفظ التوازن الإقليمي وإيجاد الحلول السياسية للملفات الشائكة ودعم عملية السلام في الشرق الأوسط وإنهاء الحروب التي تشتعل في المنطقة.
إستراتيجية الاحتواء .. عودة من جديد
بسؤاله عن كيفية التعامل مع إيران في استراتيجية الإدارة الأميركية الجديدة، قال السفير الشيخ عزام الصباح: إن جهود الإدارة ستتركز على العودة الى احتواء إيران وعدم تركها للمعسكر الصيني - الروسي تفاديا لزيادة التصلب الإيراني في مسألة البرنامج النووي والذي تمضي طهران في الإعلان عن تطويره وزيادة نسب التخصيب، خصوصا بعد التصعيد الأميركي من قبل إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.
وأضاف: الجانب الآخر الذي يحكم هذه القضية هو أمن وسلامة واستقرار دول المنطقة، وهذا يستوجب أن تكون هناك أسس واتفاقات للعلاقة بين أميركا وإيران تضمن هذا الاستقرار وتمنع طهران من ممارسة أي تهديد لدول المنطقة، خصوصا الحكيمة منها، وكذلك كف يدها في سورية واليمن ولبنان والعراق.