وصف السفير الجزائري لدى البلاد خميس العريفي علاقة بلاده بدول الجوار التي شهدت ثورات عربية بالعادية والطيبة، مشيرا الى «انهم لا يتدخلون في شؤون احد كما انهم لا يحبون أن يتدخل احد في شؤونهم»، مستدركا بالقول «ما جرى في تلك الدول أمور داخلية لا شأن لنا بها والمودة والمحبة لتلك الدول تظل مثل السابق لا شيء جديد تغير».
وبينما شدد العريفي في مؤتمر صحافي عقده صباح امس في مقر السفارة في الدعية بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير الجزائر، على متانة العلاقات التي تربط الكويت بالجزائر، تحدث عن الاتحاد المغاربي، مشيرا الى انه «كيان موجود وهناك مؤسسات ولجان تعمل على الصعيد الثقافي والاقتصادي «مشيرا الى ان الجزائر تتمنى ان يصل الاتحاد الى مرحلة يستطيع تحقيق اللحمة للدول المغاربية «ونحن ننتظر ان تتجسد دعوة الرئيس التونسي لعقد القمة على ارض الواقع».
وحول زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر التي تأتي في ظل وجود بعض التوتر بين الجانبين على خلفية حركة غير لائقة قام بها احد النواب الفرنسيين ردا على مطالبات الجزائريين بالاعتذار عن المجازر التي ارتكبها الفرنسيون ابان الاستعمار، قال العريفي: «لابد من التفريق بين فرنسا الاستعمارية وفرنسا الديموقراطية، ونحن طوينا صفحة من التاريخ ولكن لم ننس تلك الحقبة، وتبقى فرنسا دولة تجمعها علاقات اقتصادية وتجارية كبيرة ومهمة بالجزائر وهناك احترام متبادل بين البلدين»، مشيرا الى ان اعتذار الرئيس هولاند عن مجزرة 1962 خطوة ايجابية ومهمة لتنقية الأجواء لأنه أول رئيس فرنسي يقدم اعتذاره ويعترف بالمجزرة ولكنه اشار الى انهم يبقون متشبثين بموقفهم الداعي الى «الاعتذار والتعويض عن المجازر التي ارتكبت في حق الشعب الجزائري إبان الاحتلال الفرنسي».
إصلاحات سياسية
وبخصوص افرازات الانتخابات الجزائرية والتخوف من السيطرة الاسلامية على بعض السلطات تحدث السفير الجزائري عن الاصلاحات السياسية حيث أشار الى انه تمت مراجعة قانون الاقتراع قبل الانتخابات التي جرت في شهر ابريل الماضي واصفا الانتخابات «بالشفافة وجرت بظروف جيدة ومراقبة من قبل الاتحاد الأوروبي التي جاءت تقاريرهم ايجابية جدا»، مشيرا الى ان نتائجها لم تفرز عن أغلبية ساحقة وهيمنة حزب معين «وانما كانت المقاعد موزعة بشكل متفاوت بين الاحزاب القديمة والجديدة» معطيا مثالا على ذلك «كجبهة التحرير الوطني لم تأخذ أكثر من 50%» موضحا ان الأحزاب الاسلامية مثل بقية الأحزاب تمارس ممارسة سياسية عادية لانها مثل بقية الأحزاب تنشط من وقت لاخر ولديها أنصار ولكن لا تصل الى الهيمنة على المؤسسات».
خبرة واسعة وحكمة بالغة
وكان قد وصف العلاقات الثنائية بين بلاده والكويت «بالمتميزة والمتجذرة تاريخيا»، مشيرا الى انها كانت على الدوام مثالا يحتذى للتضامن والتشاور ولم الشمل بين الأشقاء، مشيرا الى أن تلك العلاقة واللحمة تعززت أكثر خلال السنوات القليلة الماضية بفضل الرغبة المشتركة لقائدي البلدين اللذين تجمعهما علاقة صداقة وأخوة متينة منذ أمد بعيد ويشتركان أيضا في الخبرة الواسعة والحكمة البالغة والرؤية النافذة، في الرقي بالعلاقات الثنائية بين البلدين الى مستوى تطلعات الشعبين الشقيقين في المزيد من التواصل والتكامل على جميع الأصعدة.
وقال: «ان الجزائر وهي تحيي هذه الذكرى الوطنية لتستذكر بصفة دائمة وبكل اعتزاز وامتنان المواقف الرصينة للدول الشقيقة والصديقة التي دعمت الثورة الجزائرية ماديا ومعنويا، وخصوصا دولة الكويت التي لم يبخل أبناؤها على أشقائهم الجزائريين بشتى أنواع المساعدات لدرجة بلغ معها سعي السلطات الكويتية في بداية الستينيات من القرن الماضي الى فرض ضريبة على تذاكر السينما وتوجيه المبالغ المحصلة لدعم اخوانهم الثائرين في الجزائر».
تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية
واكد أن وتيرة الاتصالات الدؤوبة بين مسؤولي البلدين كان لها انعكاساتها الهامة على تطوير وتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية بين الجانبين واعطاء دفع قوي لها، مما يبشر بآفاق رحبة نحو تطور أوسع وأشمل لهذه العلاقات في المستقبل القريب، خاصة في ظل عودة اللجنة المشتركة للتعاون للانعقاد بصفة دورية ومنتظمة خلال السنوات الأخيرة وما نتج عن ذلك من استكمال وضع الاطار القانوني للتعاون الثنائي.
مشيرا الى انه عبر هذه الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والتربوية والاجتماعية وغيرها تدعمت أكثر مؤخرا بفضل النتائج الطيبة التي أسفرت عنها أعمال الدورة السابعة للجنة المشتركة الملتئمة بالجزائر في شهر سبتمبر الماضي، حيث أضافت لبنة جديدة على درب تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وفتحت آفاقا رحبة للتعاون المثمر والفعال بينهما في شتى المجالات.
واشار الى ان تعزيز الاطار القانوني للتعاون الثنائي تم من خلال التوقيع على الاتفاقية الثنائية للتعاون التجاري، كما تم التوقيع على البرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون في المجال السياحي للفترة 2013 – 2015، واضاف ان الجانبين تبادلا كذلك عددا من مشاريع النصوص القانونية للتعاون في مجالات أخرى وتم تكليف خبراء البلدين بدراستها وتبادل الملاحظات بشأنها بقصد التوصل الى الصيغ النهائية لها، تمهيدا لتوقيعها خلال الاجتماعات الثنائية القادمة، ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بمشروع اتفاق في مجال التعاون وتبادل الخبرات بين بنك الجزائر وبنك الكويت المركزي، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال البيئة والتنمية المستدامة، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال الأشغال العمومية العامة، ومشروع اتفاقية للتعاون في مجال التربية والتعليم، ومشروع اتفاقية للتعاون في مجال البحث العلمي بين جامعة الجزائر وجامعة الكويت، ومشروع برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون الاعلامي للفترة 2013 – 2015، ومشروع برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون في مجال الأرشيف وتبادل المطبوعات والمعلومات والخبراء والتدريب، ومشروع برنامج تنفيذي في مجال الشباب والرياضة للفترة 2013-2015، كما اقترح الجانب الكويتي مشروعا لتحديث الاتفاقية الثقافية الموقعة بين البلدين في نوفمبر 1965.
تشكيل اللجان الفنية
وقال: لقد اكد الجانبان على ضرورة الاسراع في تشكيل اللجان الفنية المشتركة في مجالي الطاقة والزراعة، واتفقا على عقد الدورة الثانية للجنة الفنية المشتركة للتعاون في مجال تحلية مياه البحر بالكويت في نوفمبر 2013، بالتزامن مع الورشة التي ستقام بالكويت حول تقنية التناضح العكسي المستخدمة في مشروع الزور الجنوبي، وشملت التفاهمات ايضا، الاتفاق على عقد جولة مباحثات بين سلطتي الطيران المدني في كلا البلدين خلال شهر مارس 2013، والدعوة الى العمل على سرعة اتمام التوقيع على مذكرة التفاهم للتعاون المؤسساتي بين وزارتي العدل في البلدين، بعدما سبق للطرفين التوقيع في اكتوبر 2010 على ثلاث اتفاقيات قضائية للتعاون في المجال الجزائي، والمجال المدني والتجاري، وفي مجال تسليم المجرمين.
واضاف: وبغرض اعطاء دفعة نوعية للتعاون في مجالي الاستثمار والتجارة، اتفق الجانبان على عقد اجتماع قطاعي اولي بين وزارتي التجارة في البلدين خلال الربع الاخير من سنة 2012، كما دعوا الى ضرورة تفعيل بنود بروتوكول التعاون المشترك بين غرفتي التجارة والصناعة الموقع في نوفمبر 2008، وتبادل الوفود التجارية والتعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين، في مجال الاستثمار دائما، ولاجل تحقيق التقارب اللازم بين المتعاملين الاقتصاديين في كلا البلدين، قررت اللجنة المشتركة تشكيل لجنة مختصة مكلفة بمتابعة ملف الاستثمار واستقراء الفرص الاستثمارية المتاحة ودراسة امكانية الشراكة الثنائية في هذا المجال، وأبدت اللجنة، في هذا السياق، ارتياحها لنتائج المباحثات التي شرعت فيها شركة مشاريع الكويت القابضة (kipco group) مع عدد من القطاعات الاقتصادية والمالية الجزائرية تمهيدا لابرام عقود شراكة في مجالات انتاج الدواء، وانتاج المحركات الكهربائية، والفلاحة، والمجالات المالية كالتأمين وتأسيس شركة رأس مال الاستثمار وشركة للايجار وغيرها، والتي توجت خلال شهر سبتمبر المنصرم بالتوقيع على عقد شراكة في ميدان انتاج الادوية، في انتظار تجسيد التفاهمات بشأن بقية القطاعات في المستقبل القريب، كما اعربت اللجنة عن املها في ان يواصل الجانبان الدراسة المتعلقة بتنفيذ مشروع الاستثمار بالمزرعة النموذجية «تاجمونت» بمحافظة الاغواط.
الاستثمارات الكويتية
واكد ان الاستثمارات الكويتية في الجزائر عرفت نموا لافتا خلال السنوات الاخيرة في بعض القطاعات كالبنوك والفندقة والطاقة والاتصالات وغيرها، الا انها تبقى الى جانب حجم المبادلات التجارية، دون امكانيات البلدين والمستوى المأمول من جانبهما مقارنة بالامكانيات التي تمتلكها والرغبة السياسية في البلدين، حيث انها لا تتجاوز عدد ملايين.
وجدد السفير العريفي دعوته لرجال المال والاعمال والمستثمرين الكويتيين الى استغلال الفرص المتاحة للاستثمار في الجزائر، وخصوصا ان الجانب الجزائري سبق له في بداية السنة الحالية (مارس 2012) تنظيم يوم اعلامي بالكويت حول الاستثمار في الجزائر، قدم خلاله مختصون وخبراء جزائريون من مختلف القطاعات المعنية بملف الاستثمار، عروض وافية للمستثمرين الكويتيين حول مناخ الاستثمار في الجزائر والتشريعات التي تحكمه والتحفيزات والاعفاءات التي يستفيد منها المستثمر طوال مدة انجاز المشروع..
امكانيات ضخمة
واوضح ان امكانيات الجزائر في مجالي الاستثمار والتجارة ضخمة جدا، بحكم مساحتها الشاسعة التي تعد الكبرى على الصعيدين العربي والافريقي، وموقعها الجغرافي المناسب الذي يتوسط المغرب العربي وشمال افريقيا، فضلا عن قربها من اوروبا وارتباطها مع هذه القارة باتفاق شراكة يسهل من تصدير منتجاتها المختلفة.
الكويت في طليعة تقديم المساعدات الإنسانية
ذكر السفير الجزائري ان الكويت قدمت للجزائر خلال السنوات الاولى للاستقلال عددا من القروض عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية تم توجيهها لدعم مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا الى انها في طليعة الدول التي قدمت للجزائر مساعدات انسانية اثر الكوارث الطبيعية التي ألمت بها، وغيرها من المواقف التضامنية مع شقيقتها الجزائر ابان الاحتلال وبعد الاستقلال.