- نطالب باتخاذ أقصى الإجراءات الإدارية والجزائية لمعاقبة المذكور على ما اقترفه من وقائع تمثل اعتداء على النظام في مجلس الأمة والتي كانت إحداها ارتكابه لجريمة الضرب على نحو محسوس المؤثمة في المادة 160 من قانون الجزاء واعترافه بهذه الجريمة اعترافاً صريحاً
قدم النائب نبيل الفضل شكوى في شأن المدعو: عباس محمد غلوم «عباس الشعبي» جاء فيها: نصت المادة 49 من الدستور على أن «مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان الكويت».
ونصت المادة 118 من الدستور على أن «حفظ النظام داخل مجلس الامة من اختصاص رئيسه، ويكون للمجلس حرس يأتمر بأمر رئيس المجلس....
وتطبيقا لما قرره الدستور في النصوص سالفة الذكر فإن المادة 30 من اللائحة الداخلية نصت على ان «الرئيس هو الذي يمثل المجلس في اتصاله بالهيئات الاخرى ويتحدث باسمه ويشرف على جميع اعماله ويراقب مكتبه ولجانه، كما يتولى الاشراف على الامانة العامة للمجلس، ويرعى في كل ذلك تطبيق احكام الدستور والقوانين وينفذ نصوص هذه اللائحة ويتولى على وجه الخصوص الامور التالية:
حفظ النظام داخل المجلس.
وله أن يأمر بإخراج الزائر لجلسات المجلس إذا تكلم في الجلسة أو أبدى استحسانا او استهجانا بأي صورة من الصور، وله ان يتخذ الاجراءات القانونية ضده اذا كان لذلك محل.
ومفاد ما قرره الدستور وكذا اللائحة الداخلية ان رئيس مجلس الامة لا يجوز له التنصل من واجباته الدستورية المتعلقة بحفظ النظام داخل المجلس وعلى الاخص عند انعقاد جلساته، لتعلق هذا الواجب بالحقوق الاصيلة لمجلس الامة، باعتبار المجلس مصدر السلطات جميعا نظرا لكونه ممثلا عن الامة بمجموعة اعضائه المنتخبين، فيكون المجلس صاحب السيادة من جانب، ومعبرا عن شعبية الحكم من جانب آخر.
لذلك فإن رئيس مجلس الامة يقع عليه واجب دستوري ملزم بألا يتساهل مع اي تصرفات تشكل اخلالا بنظام مجلس الامة وجلساته، ولا يخضع هذا الواجب الدستوري لأي سلطات تقديرية لرئيس مجلس الامة، وإنما سلطاته التقديرية تنصب على اختياره للجزاءات والاجراءات التي يوقعها على كل من يرتكب ما من شأنه يعتبر الاخلال بالنظام في مجلس الامة وجلساته او لجانه، فاختصاصه في حفظ النظام والتصدي لكل تصرف يخل بهذا النظام هو واجب اصيل وملزم يقع على عاتقه ولا مجال للتنصل منه.
وطبقا لما سلف بيانه فإن سيادتكم وخلال رئاستكم لمجلس الامة لعدة فصول تشريعية سابقة، لم تتهاونوا في القيام بواجبكم الدستوري في حفظ النظام في مجلس الامة وجلساته ولجانه، فكانت لكم مواقف عديدة بمنع الجمهور من ابداء الاستحسان او الاستهجان او الكلام في جلسات المجلس المنعقدة، بل ان الامر وصل في احدى المواقف الى اصداركم امرا بإلقاء القبض على الصحافي حامد بويابس عندما حدث بين المذكور والنائب السابق مفرج نهار المطيري مشادة كلامية وتلك الحادثة وموقف سيادتكم منها ثابتان في تاريخ الحياة البرلمانية. وبالرغم مما سبق بيانه: فإن مبادئ سيادتكم تغيرت خلال رئاستكم لمجلس الامة في فصله التشريعي الرابع عشر الحالي، حتى وصل الحال بكم الى ان تخليتم ـ متعمدين ـ عن الواجب الدستوري الملقى على عاتقكم بصفتكم رئيسا للمجلس، وهو واجب لا مفر منه طالما تحملون تلك الصفة.
ففي جلسة مجلس الامة المنعقدة في يوم الخميس الموافق العاشر من مايو 2012 ارتكب المدعو عباس محمد غلوم الملقب بعباس الشعبي عدة وقائع تشكل اخلالا جسيما بالنظام الواجب احترامه في مجلس الامة وفي الجلسة المنوه عنها، مما كان يقتضي من سيادتكم ان تبادروا وعلى الفور الى القيام بالواجب الدستوري الملقى على عاتقكم على سبيل الإلزام دون حاجة لشكوى تقدم لسيادتكم ودون الحاجة الى تذكيركم به، لكون المحافظة على النظام في مجلس الامة من صميم واجباتكم المستمدة من الدستور بوجه ملزم، ودون خضوع هذا الواجب لأي سلطات تقديرية لكم، فلا يجوز تبعا لذلك ان تأخذكم السلبية في الحفاظ على النظام في مجلس الامة تارة، والايجابية تارة اخرى.
أما المذكور محل هذه الشكوى: فإنه عندما ارتكب اخلالا بالنظام في مجلس الامة، فقد انتهك حكم المادة 49 من الدستور التي قضت بأن «مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان الكويت» والتي اكدت المذكرة التفسيرية للدستور وهي ملزمة بأحكامها ذلك الحكم الدستوري اذ قالت: كذلك تلتزم هذه الحرية وغيرها من الحريات بقيد عام لا يحتاج لنص خاص، وان ورد النص عليه صراحة في المادة 49 من الدستور، وهو ان يراعي الناس في ممارسة ما لهم من حقوق وحريات النظام العام والآداب.
ويتضح من حكم المادة 49 من الدستور وما قررته المذكرة التفسيرية ان جميع الحقوق والحريات المقررة لجميع الناس تخضع ممارستها لقيد الاحترام والالتزام بالنظام العام والآداب.
فيكون سكوت سيادتكم عن مواجهة تصرفات المذكور المخلة بالنظام في مجلس الامة اشتراكا متعمدا من قبلكم في انتهاك احكام المادتين 49 و118 من الدستور والمادة 30 بفقرتيها (أ، و) من اللائحة الداخلية.
والسبب في كونه اشتراكا متعمدا من قبلكم: لأن حفظ النظام في مجلس الامة يعد اختصاصا منفردا لسيادتكم وذا طبيعة دستورية ملزمة عليكم دون غيركم، لتمارسوه دون النظر لأي اعتبارات اخرى كأن تساق مثلا حجة عدم وجود شكوى من احد اعضاء المجلس ومن غيرهم ضد المذكور اعلاه حتى تبادروا الى اتخاذ الاجراءات الخاصة بحفظ النظام في مجلس الامة.
كما ان سكوتكم في هذا الشأن: يخلق في نفوس اعضاء مجلس الأمة وغيرهم من ناخبيهم تذمرا لا وسيلة دستورية لمعالجته وتكتم الصدور آلاما لا متنفس لها بالطرق السلمية، فتكون القلاقل ويكون الاضطراب في اعمال البرلمان، وهي امور حرص الدستور على تجنبها وتجنيب مجلس الامة اسبابها، فنص في المادة 49 منه على ان: مراعاة النظام العام واحترام الآداب العامة واجب على جميع سكان الكويت، ونص كذلك في المادة 118 منه على ان: «حفظ النظام داخل مجلس الامة من اختصاص رئيسه، ويكون للمجلس حرس يأتمر بأمر رئيس المجلس...».
أما بالنسبة لما ارتكبه المذكور الملقب عباس الشعبي ويعد إخلالا بالنظام في مجلس الأمة:
فإنه في الجلسة المنعقدة في العاشر من مايو 2012 كان المذكور حاضرا فيها، وأبدى استهجانا من مكانه الجالس فيه بالمخالفة للمادة 30 الفقرة (و) من اللائحة الداخلية، ودون أي احترام لرئاسة المجلس وأعضائه. وقد أبدى هذا الاستهجان بصوت مرتفع وضوضاء وضجة حتى اضطر أحد حراس المجلس الى تنبيهه وإجباره على الجلوس، وبالرغم من تلك الواقعة، فقد كان موقف سيادتكم سلبيا الى حد الاشتراك معه في مخالفة النظام في مجلس الأمة عندما لم تراع الرئاسة المادة 49 من الدستور وتبادر الى ممارسة واجبها الدستوري الملزم عليها وتعيد للنظام مسلكه الطبيعي، ولمجلس الأمة هيبته، وللأمة كرامتها، وللسيادة حق تمثيلها، فكان المدعو عباس الشعبي في نظر الرئاسة من خلال موقفها السلبي فوق كل ذلك.
والواقعة الاخرى التي تعد إخلالا جسيما في النظام بمجلس الأمة:
هي التي أعلنها المدعو عباس الشعبي ويتباهى بها أمام الرأي العام من جانب، وانه ارتكبها في مجلس الأمة الذي يسير على نظام من الواجب على سبيل الإلزام احترامه من جانب آخر. فالمذكور قد صرح بأنه اعتدى على النائب محمد سالم الجويهل بالضرب بواسطة عقاله الذي يلبسه. فتكون هذه الواقعة فضلا عما تحمله من مخالفة تأديبية ذات شق جزائي متمثل بارتكابه لجريمة الضرب على نحو محسوس المؤثمة في المادة 160 من قانون الجزاء دفعت النائب محمد الجويهل الى تسجيل قضية عن تلك الجريمة حملت رقم 297 لسنة 2012 جنح الصالحية. وهذه الواقعة الأخرى لا تحتاج الى تحقيق إداري لأنها كما أسلفنا قد جاء ذكرها باعتراف صريح على لسان المدعو عباس الشعبي، متحديا بهذا الاعتراف النظام في مجلس الأمة المؤتمن عليه رئيس المجلس، والاعتراف وفقا للقانون هو سيد الأدلة لا يضاهيه دليل آخر ولا ينقضه.
فكيف بعد ذلك الاعتراف الصريح من المدعو عباس الشعبي تصمت الرئاسة، وتتلحف بعباءة الخجل من أعضاء مجلس الأمة المنتمين للتكتل الشعبي، ذلك التكتل الذي يجمع فيه رئيس مجلس الأمة الحالي وعباس الشعبي، فيتساوى رئيس الأمة ـ رئيس سيادتها ـ مع المعتدي على تلك الأمة مع سبق الإصرار والترصد بما ارتكبه من وقائع صارخة وجسيمة على النظام في ذات مضغة الأمة ومكان قدسيتها وهو مبنى مجلس الأمة: (فما لكم كيف تحكمون).
وبالرغم من ذلك، فإن المذكور لايزال يسير على نفس النهج المدمر للنظام في مجلس الأمة، فلماذا السكوت على من كانت سوابقه في انتهاك النظام العام عرفا لديه وعادات لا تنقطع؟
بناء على ما سبق
أرجو احتراما للمواد 49 و118 من الدستور، والمادة 30 بفقرتيها (أ، و) من اللائحة الداخلية أن تبادر سيادتكم باتخاذ أقصى الإجراءات الإدارية والجزائية لمعاقبة المذكور أعلاه على ما اقترفه من وقائع تمثل اعتداء على النظام في مجلس الأمة، والتي كان أحدها ارتكابه لجريمة الضرب على نحو محسوس المؤثمة في المادة 160 من قانون الجزاء واعترافه بهذه الجريمة اعترافا صريحا.