- رئيس مجلس الأمة السابق: تجربتنا الديموقراطية ظلت ثابتة وصامدة طيلة العقود الخمسة الماضية بفضل تلاحم الجبهة الداخلية
- التصنيفات القبلية والطائفية والعائلية والسياسية من أهم معوقات الحوار
- وحدتنا الوطنية صمام الأمان لأمن واستقرار الوطن والمواطن ويجب الحفاظ عليها
- الوزان: مقياس الحفاظ على الوحدة الوطنية هو احترام الدستور والحرص على الموروث الاجتماعي
- الصانع: الوطن يئن من تواتر الأزمات وانعدام الرؤية السياسية واستشراء الفساد
- الغانم: الحوار الوطني يقلل الفجوة بين القوى السياسية ولا بد من تنظيم العمل السياسي
- الدويلة: إشهار الأحزاب وتنظيم العمل السياسي ينهي حالة الفوضى التي تعيشها البلاد
- عبدالصمد: الكثير من قرارات المجلس المبطل كانت غير دستورية وغير قانونية
- الهارون: إقرار قوانين نبذ الكراهية وإثارة النعرات يعالج انحراف الخطاب السياسي
- المبارك: التنمية في الكويت منعدمة بسبب حالة الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد
خالد الشمري
أكد رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي أن صاحب السمو الأمير هو الأكثر حرصا على مصلحة الكويت، رافضا أن تتم مناقشة فكرة مراسيم الضرورة خارج نطاق الدستور أو صلاحيات صاحب السمو الأمير
وبين الخرافي في مؤتمر صحافي عقده عقب افتتاح مؤتمر الحوار الوطني الذي أقيم أمس في فندق شيراتون الكويت تحت شعار «وقفة من أجل الكويت» أن جميع الإجراءات التي تمت أخيرا فيما يتعلق بحل مجلس الأمة 2009 هي إجراءات دستورية يجب أن تحترم، مشيرا الى أن أي تعديل في قانون الانتخاب ونظام التصويت أو رفض أي مرسوم ينبغي أن يتم ذلك من خلال مجلس الأمة المقبل.
وقال الخرافي: أنا أتحدث الآن من موقع مؤتمر الحوار الوطني أي موقع الدعوة للحرص على الوطن «وبالتالي حديثي لجميع الحضور اليوم للحث على إيجاد هذا الحوار الوطني، خاصة أن هناك شبه إجماع على أن يكون الحوار هو الأداة الواجبة لمعالجة مشاكلنا».
وأوضح الخرافي: «ان هذا الحوار أيضا لا بد أن يتم من خلال الموقع المناسب للوصول بالبلد الى الاستقرار المنشود».
وبسؤال عن مدى حاجة البلاد الآن الى إصدار مراسيم ضرورة لتعديل قانون الانتخابات البرلمانية قال الخرافي: أعتقد أنه يجب ألا تتم مناقشة فكرة مراسيم الضرورة بهذه الطريقة، وإذا ما كنا نؤمن بالدستور والحق الدستوري لسمو الأمير، فعلينا أن نعي أنه أكثرنا حرصا على الكويت. مشيرا الى أنه متى ما رأى سمو الأمير ضرورة تعديل القانون، فإنه سيكون أول من يطيع هذا الأمر ويعمل من أجله.
وأوضح الخرافي في معرض رده على سؤال عن رأيه في إعلان بعض القوى السياسية مقاطعة الانتخابات في حال عدل القانون بمرسوم ضرورة «اننا نعيش في بلد ديموقراطي والكل له الحق في أن يتصرف بالطريقة التي يراها، ولكن ما أرجوه ألا يترتب على هذا التحرك (أي المقاطعة) مضرة للكويت وأهلها وزيادة الفتنة والانشقاق.
وبيّن الخرافي أن جميع الاجراءات التي تمت أخيرا هي إجراءات دستورية يجب أن تُحترم، مضيفا أنه اذا كانت هناك وجهات نظر، فيجب أن تتم من خلال المجلس المقبل، وإذا ما كان هناك حاجة لتعديل أو رفض أي مرسوم يتم من خلال المجلس.
وبسؤاله عن رأيه الشخصي حول التعامل الحكومي مع قضية «البدون» قال الخرافي: هذه القضية تحتاج إلى الإجراءات التي تتخذ من قبل اللجنة المكلفة بمعالجتها والتي يرأسها شخص محل ثقة صاحب السمو الأمير والكويتيين، في إشارة للفضالة رئيس اللجنة التنفيذية لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، مضيفا انه قد بدأت رحلة الالف ميل بخطوة في الاتجاه الصحيح، وبالتالي من يستحق الجنسية فسيحصل عليها ومن لا يستحقها فلن يحصل عليها، لذلك أتمنى معالجة النواحي الإنسانية بسرعة وألا يضر من يستحق بممارسات من لا يستحق.
وبسؤاله عن مدى تأثير الملف السياسي على الوضع الاقتصادي، قال الخرافي: «هذا أمر لاشك فيه والدليل على ذلك عندما أمر صاحب السمو الأمير باتخاذ الإجراءات اللازمة والمتابعة رأينا كيف بدأ الانفراج الاقتصادي، مشيرا الى ان الاقتصاد مرتبط بالاستقرار السياسي وعليه يجب ان يوجد هذا الاستقرار من خلال الابتعاد عن الحسد والغيرة».
وبسؤاله عن مدى تفاؤله بالمستقبل، قال الخرافي: «أنا متفائل ولا أزال وسأظل كذلك لان هذه الديرة ديرتي وليس لي غيرها».
وأكد في كلمته الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني ان الحوار سلوك انساني حضاري وجسر من جسور التواصل بين البشر على اختلاف أطيافهم وارث تاريخي للمجتمع الكويتي، مبينا ان لحمتنا الوطنية وتماسكنا وجسور التواصل بيننا اعز ما نفاخر به، مشيرا الى انه خريطة طريقنا التي نهتدي بها في كل المنعطفات الحرجة التي مرت عبر تاريخنا والشواهد على ذلك عديدة، ولذلك فالحوار ولا شيء غيره هو وسيلتنا الفعالة لمعالجة مشكلاتنا وإعادة الاستقرار والتوازن السياسي والنمو الاقتصادي.
وأوضح ان هذه المناسبة تبعث على التفاؤل والأمل لصناعة مستقبل يليق بهذا الشعب الوفي وبالوطن المعطاء، مضيفا «وهاهي التجربة الديموقراطية الكويتية تقف اليوم في هذا المشهد بوحدتها ومكتسباتها الوطنية وان تعثرت لبعض الوقت فانها ظلت ثابتة وصامدة طيلة العقود الخمس، الماضية بفضل تلاحم الجبهة الداخلية بمؤسساتها المختلفة وصلابة قواعدها الدستورية» ولهذا نؤكد انه قد آن الأوان لمراجعة الذات وان ندرك أنه لا لغة أخرى نواجه بها التحديات الماثلة أمامنا سوى لغة الحوار الوطني البناء الذي يضع الكويت بأمنها واستقرارها ومستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة فوق كل المصالح والاعتبارات الآنية والشخصية.
واشار الى ان البديل عن لغة الحوار الوطني البناء هو مزيد من التوتر السياسي ومزيد من خطاب الكراهية والفرقة المجتمعية والتي تعتبر سلوكا دخيلا على مجتمع عرف التكاتف والتراحم عبر تاريخه ومارس قواعد الديموقراطية الحقة منذ نشأته.
وأشار الى ان الحوار الوطني ليس مجرد شعارات نرددها على الملأ بقدر ما هو عمل وطني يلامس الاحتياجات الرئيسية للوطن والمواطن ويقف بتجرد وصلابة ودون هوادة أمام التحديات التي تحيط بواقعنا الأمني والسياسي والإقتصادي والاجتماعي وما أكثرها في هذه المرحلة الحرجة، كما ان الحوار اصطلاحا ومفهوما وتطبيقا احدى أكثر المفردات تعقيدا فعلى أثره نتلاقى وبغيابه تتفرق الآراء ووجهات النظر وتتباعد التيارات السياسية وتتزايد الانقسامات.
وقال الخرافي ان الحوار الهادف يجب ان يكون في إطار من الاحترام المتبادل البعيد عن الإساءة لكرامات الناس والتشكيك في الذمم والولاءات وان اختلفت الآراء، مشيرا الى ان اختيار من نتحاور معهم أهم دعائم وأسس الحوار الوطني الناجح فنختار من لديه القدرة على الاستماع والتمحيص والرد حجة بحجة ورأيا برأي ويكون بعيدا عن المصالح الشخصية لنصل الى الهدف المنشود من خلال أجندة وطنية نتوافق عليها لتكون الكويت الفائز الأكبر. واكد ان التصنيفات بمختلف أشكالها القبلية والطائفية والعائلية والسياسية تفرز الانقسامات وتعتبر من أهم معوقات الحوار بل وتحوله لحوار أشبه ما يكون بحوار الطرشان، مضيفا انه لا يوجد من هو وطني وغير وطني حيث ان الجميع ابناء وطن واحد ولذلك فأهمية الحوار الوطني تكمن في قدرة المتحاورين على تثقيف المجتمع وتقديم نموذج ايجابي يحتذى به وينسجم مع قيم الديموقراطية الحقة.
وأضاف «ان فهمي للحوار الوطني البناء يتمثل في كونه قناة ووسيلة وطنية مفتوحة يطرح القضايا الوطنية الملحة مع من يحملون على كاهلهم الهم الوطني ويستشعرون المخاطر التي تهدد حاضر ومستقبل الوطن ولا يسعون لسلطة ولا لتحقيق مصالح ذاتية، وانما يعملون بعزيمة وإرادة صادقة من اجل الكويت وترسيخ أركان دولة المؤسسات والقانون فهذا هو الحوار الوطني كما افهمه واتطلع اليه وربما يشاركني فيه الكثيرون».
وواضح ان ما يجمعنا في هذا الوطن العزيز من قواسم مشتركة وتطلعات وطنية أكثر مما يفرقنا ويجعلنا مختلفين وحتى إذا اختلفنا فان ذلك سيكون إثراء لمسيرة عملنا الوطني التنموي إذا عالجنا اختلافاتنا بالأسلوب الديموقراطي الحضاري وذلك سيكون سمة حضارية للكويتيين كما هي سمة حضارية للشعوب التواقة للحرية والديموقراطية.
وقال «أجد أمامي أسئلة ملحة تتطلب النظر والتمعن قبل الإجابة عنها أولها لماذا التركيز دائما من قبل البعض على نقاط الاختلاف على بساطتها وإمكانية معالجتها وفق الأطر الدستورية دون التركيز على نقاط الإجماع الوطني ومكامن القوة التي يتمتع بها المجتمع الكويتي، وثانيها هل هناك من يريد ان يفشل الحوار قبل ان نتحاور لان له في ذلك مصالح آنية تغلب على مصالح المواطنين؟ وأضاف متسائلا: هل بالفعل لدى جميع الأطراف الفاعلة في العمل السياسي مصلحة وطنية في الحوار الوطني؟
وتابع الخرافي: رغم كل هذه التساؤلات التي اعتقد انها مشروعة فانني على يقين بان الشعب الكويتي لا ينكسر ولا يتوانى في حب الكويت والوفاء لها والذود عنها بل يكون اكثر تلاحما وتماسكا في الرخاء قبل الشدائد، كما لا يختلف اثنان على ان للحوار الوطني البناء منطلقات متعارفا عليها ويجب ان نلتزم بها ونعيها جيدا قبل ان نفرضها على الاخرين.
وأكد ان اول هذه المنطلقات هو وحدتنا الوطنية التي هي صمام الامان لأمن واستقرار الوطن والمواطن وعلينا ان نحافظ عليها من كل اشكال الفرقة والتشتت، وجعل من الحوار وسيلة بناء لا هدم للوحدة أو الفرقة ونصون بحوارنا الكرامات وننأى عن كل مظاهر التعصب والتكتلات الفئوية التي تضر بمصالح الوطن العليا.
واشار الى ان ثانيها هو الاحتكام للدستور واحترام مؤسسات الدولة لان الممارسة الديموقراطية والحرية حق لا غبار عليه ولكن يجب ان يكون في اطار القواعد الدستورية واحترام حق الآخرين في ذلك، والمشاركة السياسية من الفضائل التي طبع عليها المجتمع الكويتي منذ القدم وتلك نعمة نحمد الله عليه وهي خيار وطني لا غنى عنه ولكنها لا تحقق اهدافها الا في ظل ممارسة ديموقراطية واعية وبناءة تجسد وترسخ الامن والاستقرار للوطن وتعزز اواصر المحبة والوئام والالفة بين جميع شرائح المجتمع الكويتي وتهدف في الاساس الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا للكويت.
وأوضح ان ثالثها هو التركيز على نقاط ومكامن القوة في المجتمع الكويتي وما اكثرها، فهناك اجماع وتوافق وطني على الاطر المرجعية الحاكمة والمرشدة لعملنا وتوافق حول الاولويات الوطنية والقضايا الملحة التي ينبغي ان يرتقي العمل على انجازها لمستوى التحديات الماثلة امامهم ودون تأجيل وبما ينسجم مع الفرص والامكانيات المتاحة للمجتمع، وما عدا ذلك من نقاط الاختلاف ووجهات النظر في بعض القضايا الثانوية يتم التحاور بشأنها وفق الضوابط والاطر الدستورية.
وقال ان رابعها نبذ خطاب الكراهية بين ابناء الوطن الواحد اذ انه من المحزن حقا ان يصل الخطاب السياسي في الكويت ارض الخير والمحبة والالفة والسلام الى المستوى الذي نراه اليوم، معربا عن خشيته من ان يؤدي ذلك الى زرع بذور الكراهية في نفوس المواطنين ويجعلنا في دائرة مغلقة من الاحباط واليأس بينما المأمول من الخطاب السياسي ان يغرس بذور الامل والتفاؤل ويوجه الانظار الى المستقبل، لذلك علينا ان نتحلى بروح المسؤولية ونرتقي بخطابنا ولا ننسى اننا جميعا في سفينة واحدة، نأمل في أن تصل بمشيئة الله الى بر الامان.
ولفت الى ان آخر هذه المنطلقات فيما يتعلق بمكان الحوار فهو بالطبع ليس الساحات العامة واسلوبه ليس المهرجانات والخطابات ودغدغة العواطف، مبينا ان الحوار هو لغة العقل في المكان والزمان المناسبين ويجب ان يعكس الارادة والتصميم للوصول الى نتائجه لمصلحة الوطن والتمسك بوحدته.
واضاف «لا شك ان القضايا المطروحة في هذا الحوار هي في صميم عملنا وقضايانا الوطنية الهامة وتتصل في واقع الامر بتفاصيل اوضاعنا الراهنة ولعل ابرزها العلاقة بين الحكومة ومجلس الامة التي ينبغي ان تستقر على اسس دستورية سليمة قوامها التعاون الايجابي البناء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حتى يتسنى للجميع التفرغ لقضايا الاصلاح والتنمية ودون ذلك ستظل عملية التنمية متوقفة الى احل غير مسمى.
واشار الى ان العودة للارث التاريخي للكويت ومسيرتها في العمل الوطني الديموقراطي تعطي مثالا ساطعا لدى الحوار الوطني البناء، فثروتنا لا تكمن في النفط بقدر ما تتجسد في الرصيد الوطني الثري لأسلافنا الذين تعلمنا منهم الود والتراحم والتكافل والوحدة الوطنية والولاء والحب للكويت.
واشاد بأعضاء اللجنة التأسيسية لمؤتمر الحوار الوطني على تنظيمهم هذا الحوار الوطني الحيوي والهام في وقت عصيب نواجه فيه تحديات كبيرة واضطرابات في الساحة السياسية ابعدت القضايا التنموية التي تعم المواطن عن بؤرة الاهتمام فضلا عن الوضع غير المستقر اقليميا والذي يتطلب منا اليقظة والتركيز حتى لا ندفع ثمنا باهظا يجرف الكويت الى عمق الفوضى.
مرحلة سياسية حرجة
من جانبه، قال المحامي يعقوب الصانع انه لا يخفى على احد المرحلة السياسية الحرجة التي نمر بها والمنحى التاريخي الخطير الذي نشهده جراء التطورات والازمات العالمية والاقليمية والمحلية من جهة وانعدام الرؤية والسياسات المنحرفة واستشراء الفساد من جهة اخرى، مشيرا الى ان الوطن اصبح يئن من تواتر الازمات المتلاحقة جراء الاوضاع الشاذة والمؤثرة على حياة الكويتيين، مضيفا أنه لا يكاد يمر يوما دون ان نسمع عن هدر للمال العام هنا واختلاس هناك وتجاوز للقانون وتعيين للاقارب واصحاب الحظوة وذلك على حساب الكفاءات مما خلق ارضية خصبة للفاسدين والمفسدين.
واضاف الصانع ان هناك غيابا للقانون والمحاسبة ومبدأ الثواب والعقاب بل تعدى الامر الى ما هو اكبر واخطر بكثير واخطره هذا السعي الحثيث للتدخل والتأثير في السلطة القضائية وسير العدالة وهي الحصن الحصين في اركان الدولة الواجب حمايته وضمان استقلاليته علاوة على انها الملاذ الآمن الذي تلجأ اليه السلطتان التنفيذية والتشريعية حين الاختصام بينهما.
واكد الصانع ان مسؤوليتنا الوطنية النابعة من احساسنا بوطننا على قلوبنا جميعا تفرض علينا الحوار الوطني البناء لإنجاز توافقات سياسية تهيئ لنا المناخ المناسب الى حياة رغدة راقية، مشددا على اهمية ان نضع الحلول البديلة الكفيلة بإزالة هذا القلق حتى وان تطلب ذلك تقديم تنازلات من الاطراف.
وبدوره، اكد الوزير الأسبق عبدالوهاب الوزان ان الوحدة الوطنية تبني علي عدة محاور وغالبيتها رعتها نصوص الدستور بوضوح وصراحة منها العدالة والتكافل والتضامن إضافة الى الحقوق والواجبات المرعية، فضلا عن العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي مؤكدا أن المقياس للوصول الى الوحدة الوطنية وتلمسها هو تنفيذ الدستور والحرص على الموروث الاجتماعي.
وأبدى أسفه في عدم تطبيق الدستور وتنكرنا لما تركه الاباء والاجداد من تقاليد تحمل قيما صادقة مشيرا الى ان الاستقلال والدستور ثمرة نضال اهل الكويت ومطالباتهم منذ العشرينيات من القرن الماضي وحلمهم بالمشاركة انتخابيا سواء في مجلس الامة أو سائر قطاعاتهم الاجتماعية في تحقيق هذا الحلم
طاولة الحوار
والنائب والوزير السابق عبدالوهاب الهارون قال لابد من التنازل من جميع الاطراف والجلوس على طاولة الحوار من اجل الاصلاح ووحدة الوطن وتنظيم العمل السياسي الذي نظمه الدستور من خلال المادة 50 التي حددت عمل السلطات وعدم التداخل فيما بينها في أعمالها، موضحا ان الدستور وضع قواعد للمشرع بإقرار بعض القوانين المهمة والتي يأتي على رأسها قانون تنظيم الأحزاب السياسية.
وبين الهارون خلال الجلسة العامة الأولى تحت عنوان «تنظيم العمل السياسي» بمشاركة النواب السابقين عدنان عبدالصمد ومبارك الدويلة ود.معصومة المبارك ود.علي العمير انه بحكم عدم وجود وعاء سياسي منظم نظم المجتمع نفسه سياسيا عشوائيا دون ان يكون هناك رقابة، وأنه غاب عن المشرع وضع هيئات متخصصة لتنظيم العمل السياسي الذي بدءا بالدواوين وأندية والنخوة بالجماعة او العائلة او القبيلة او الطائفة وأصبح التجمع بهذا الأساس الذي أدى إلى تفتت المجتمع وخلق العصبية خارج اللوائح الوطنية وهذه الامور حلت محل الأحزاب او المنابر التي يجب ان تقر بقانون لتنظيم عملها، مضيفا انه لابد من اقرار قوانين نبذ الكراهية وإثارة النعرات الذي تقدم فيها بعض النواب بالمجالس السابقة ولكن للأسف لم تلاق الأولوية لدى السلطتين بالرغم من اهميتها وأدى ذلك الى انحراف الخطاب السياسي عن مساره الصحيح الذي يعتقد بعض النواب انهم يتكسبون انتخابيا بانتهاج مثل هذا الخطاب السياسي السيئ الذي يهدف الى تمزيق المجتمع وأشعروا الناخب بأنهم بهذا الخطاب يدافعون عنه.
وتساءل الهارون عن سبب وجود هذه الأزمات، وكيفية الخروج من هذه النكبات السياسية التي يمر بها الوطن، مفيدا بأن الاسباب التي ادت الى تفاقم الأزمات هي الصرف المالي الحكومي على المواطن المبالغ فيها من كوادر وبدلات وحوافز وهبات وتموين غذائي ومنح اراض ومزارع وشاليهات وغيرها الكثير.
وقال الهارون ان الخطة التنموية وثيقة وطنية للجميع وهي الركيزة الأساسية لحل كل الإشكالات والإخفاقات الأساسية والاقتصادية المزمنة، لافتا الى ان الحكومات المتعاقبة تحاول الابتعاد عن تقديم خطة او يأتي تقديمها متأخرا حتى يرفضها المجلس وتهرب، وفي برلمان 2012 المبطل وللأسف حصل العكس، المجلس هو من رفض الخطة وإعطاء الحكومة فرصة العمل دون رقابة.
تنظيم سياسي
من ناحيته، قال النائب السابق مبارك الدويلة ان الساحة السياسية تعيش حالة من الفوضى انعكست آثارها على الشعب كما ان حل مجلس الأمة مرتين كان له التأثير البالغ على الفوضى التي تعيشها الساحة السياسية، لذلك أصبح تنظيم العمل السياسي من خلال الأحزاب مطلبا ضروريا فهو البداية الصحيحة لتصحيح المسار، مؤكدا ان القول ان الشعب الكويتي غير مهيأ لهذا الأمر فإن هذا القول هو بمثابة قضية أخرى تحتاج للتحضير ولا يوجد فيها اي مشكلة اطلاقا.
واضاف الدويلة ان اشهار الأحزاب لا اقصد به استيراد التجربة الخارجية للأحزاب وإنما يمكن تفصيل آلية حزبية يمكن من خلالها الابتعاد عن اخطاء الدول الأخرى التي طبقت هذا النظام في السابق، مشيرا الى ان الناس بدأت في فقدان الثقة في الاصلاح نتيجة ما يحدث، خاصة انه من المفروض ان الذين من المفترض ان يكونوا قدوتها اصبحوا ينفرون منهم ولذلك يجب على كل من يتكلم عن الديموقراطية ان يعي هذا الامر.
وتابع الدويلة قائلا ان هناك العديد من الآفات التي نجمت عن الممارسات الخاطئة للديموقراطية، ولذلك اذا كنا نخشى على هذا البلد فعلينا العمل على طريق إنشاء الأحزاب، مؤكدا على ضرورة ان يكون هناك نظام مشرف لتنظيم العمل السياسي بدلا مما يحدث من ضرب تحت الحزام، فالكويت مجتمع متكاتف ولكن للأسف في السنوات الأخيرة وجدنا أخلاق ادت الى العبث بهذا التكاتف.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن المكاسب الشخصية داعيا الى ان يتم العمل في الانتخابات المقبلة وفق النظام القائم على ان يأتي المجلس القادم ويعيد دراسة هذا الأمر، مشيرا الى ان الحديث عن مراسيم الضرورة في هذا الشأن الهدف منه التكسب السياسي والشخصي بعيدا عن مصلحة البلاد، مطالبا القائمين على المؤتمر بإخراج توصيات تمنع هذا التوجه.
واختتم الدويلة حديثه قائلا: اعتقد ان الحديث عن تغيير نظام التصويت وجعله صوتا واحدا وصوتين سيكون سببا في ان يلعب المال السياسي دورا في هذا النظام.
من جهته، قال النائب السابق عدنان عبدالصمد ان انجاح لغة الحوار يعتمد على رأي جميع الاطياف في المجتمع الكويتي على ان تكون مقتنعة بهذا الحواار ودوره في تقريب وجهات النظر ولعل ابرز ما يعزز هذا الاقناع هو الثقة التي يجب ان تكون متبادلة بين الجميع بالإضافة الى وجود مساحات مشتركة بين الاطراف المتحاورة.
وتابع: اذا اردنا ان نؤسس ارضية صالحة للحوار فعلينا ان نغير الاسلوب لنسمح لبعضنا بالنقد البناء وأن يكون هناك ثوابت ومرجعية يتفق عليها الجميع للرجوع إليها ونحن في الكويت المرجع الأساسي الذي يجب ان نتفق عليه هو الدستور وإن لم يحدث ذلك فلن ينجح الحوار ولا العمل السياسي.
وأضاف: ان الكل يدعي انه يحمي الدستور ويدافع عنه ولكن الكثير غير صادق فيما يقول بل ان الدستور اصبح وسيلة لتحقيق مصالحهم الشخصية وغير ذلك: يدوس بطن الدستور مستشهدا ببعض الحوادث التي حدثت بعد حكم المحكمة الدستورية، حيث قال بعد حكم المحكمة الدستورية: قيل ان عمل هذه المحكمة مادي وتشكيلها باطل وحكمها خارج الدستور وتعد على إرادة الأمة، متسائلا كيف يحدث ذلك؟ وقال ان المحكمة الدستورية هي المرجع، كما ان هناك تجاوزات كثيرة حدثت للدستور في المجلس السابق فكثير من القرارات كانت غير دستورية وغير قانونية.
مشروع إصلاحي
من جهته قال النائب السابق مرزوق الغانم ان عنوان جلسة اليوم (أمس) تنظيم العمل السياسي وبهذه المناسبة احيي النائب السابق عدنان عبد الصمد على هذه الشفافية والوضوح، فنحن اليوم يجب ان نكون واضحين وصريحين لتشخيص الوضع السياسي في البلاد.
وتابع الغانم: الحوار لن يأتي الا بالامور الايجابية و«اضعف الإيمان» سيقلل الفجوة بين القوى السياسية فتنظيم العمل السياسي مرتبط بشكل وثيق بسمة الممارسة السياسية ومتى ما ارتقت الممارسة السياسية ارتقى العمل السياسي.
واوضح الغانم انه يحمل الكثير من الرجال والنساء العقلاء واصحاب الحكمة في مختلف التنظيمات السياسية مسؤولية هذا الامر لأن دورهم اصبح شبه منعدم وغير مهم، مبينا ان سمة العمل السياسي بالكويت الان تختلف كليا عن الماضي، ففي الماضي كان لدينا معارضة محترمة ولها اهداف محددة وتحدد اولوياتها بشكل واضح للشعب الكويتي كافة، وكانت ثابتة المبادئ وكان لدينا سلطة تمثلها الحكومة واحدة برئيس وزراء يمارس السلطة بشكل واضح وفعلي وكان هناك شد وجذب بين المعارضة والحكومة وهذا الشد والجذب لم ينحدر يوما الى المستوى الذي نراه اليوم فقد كان هناك ادب بالحوار وتمسك بعادات المجتمع وقيم الدين الحنيف.
وتابع الغانم: اما اليوم فنحن نرى العكس فنحن لا نرى الحكومة تمثل سلطة فهناك اقطاب بالنظام يتصارعون ومتخندقون وبينهم صراع شرس ويتحالفون مع تنظيمات سياسية بالمعارضة وفي نفس الوقت لا نجد معارضة مشابهة للمعارضة السابقة واتحدى كائنا من كان ان نجد الآن مشروعا اصلاحيا كاملا من المعارضة فما نجده الآن هي عدة مشاريع انتخابية والدليل على ذلك عندما تصدر بيانات عن المعارضة نجد العديد منهم يتحفظون على ما وقعوا عليه في البيانات فهي معارضة لا تملك مشروعا اصلاحيا وانما تملك مشروعا انتخابيا.
واضاف الغانم: الآن للاسف اصبح المتطرف يقود العاقل والاخير يحجم عن ابداء رأيه خوفا من التجريح او التخوين وهذا هو واقع الحال السياسي بالبلاد شئنا ام ابينا.
واشار الغانم الى ان الحديث عن التنظيمات السياسية التي فيها من الإيجابيات والسلبيات ما فيها حدث مهم وانه يتفق على انها خطوة في الطريق الصحيح لكنه يختلف مع من يعتقد بأن إشهارها سيكون مدخل الاصلاح، معللا ذلك بأن اشهارها لن يغير من ادائها شيئا ما لم تتغير العقول التي تدير هذه الاحزاب وفلسفتها، فاليوم معظم الاحزاب تعتمد على القبيلة او الطائفة او على الفئة بدليل ان معظم مرشحيها لا يتم اختيارهم على اساس الكفاءة وانما على اساس قوته وصفره العددي بالانتخابات طائفيا او قبليا او فئويا.
وشدد الغانم على انه في حال رغبتنا في إصلاح الوضع السياسي فلابد ان تكون اجرأ الاطياف هي التنظيمات السياسية وان يفكروا بالكفاءات، متسائلا: اين دور التنظيمات السياسية اليوم من بعض سلبيات العمل السياسي كما ذكر النائب السابق عبد الصمد عندما اقدم 35 نائبا على بيان يرى به انعدام حكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس 2012، أليس هذا طعنا بالدستور وبالمحكمة الدستورية واين دور التنظيمات السياسية من تقويم هذا الموقف؟!
وتابع الغانم: وبعدها بفترة بسيطة نجدهم يرون ان حكم المحكمة الدستورية على عينهم ورأسهم عندما جاء الحكم كما يتمنون، وواصل الغانم تساؤلاته: اين من وقع على كتاب نبذ الكراهية في الايام الماضية من قانون الوحدة الوطنية الذي تقدمنا به كأول قانون في مجلس 2012 بعد القسم ولماذا لم يضعوه ضمن الاولويات؟ هذه ليست مبادئ وانما هي تطرف وعلو الصوت دليل على ضعف الحجة فالتطرف طاغ ويجب ان يتصدى له الجميع ومن يحمل هم البلد.
ومن جهتها قالت النائبة السابقة د.معصومة المبارك ان العمل السياسي في البلاد بحاجة الى التنظيم لان التنظيم هام في حياة الافراد فما بالك بحياة الجماعات؟ مشيرة الى ان عدم التزامنا بالتنظيم اسفر عن عدم الالتزام بالفصل بين السلطات كما اوصلنا الى انتكاسة فعلية بالعمل السياسي.
واضافت: ليس عيبا ان تكون هناك مصلحة سياسية للجماعات ولكن يجب ان تكون هذه المصلحة وفق مرجعية واضحة هي الدستور والا فستكون الفوضى سيدة الموقف، مشيرة الى ان الوضع الحالي هو فوضى سياسية فعلية، مطالبة بضرورة احترام ثقافة فن الاختلاف، كما نتمنى اصلاح الواقع وازالة الغمامة عن عيوننا.
ولفتت الى ان التنمية في حالة الفوضى التي نعيشها منعدمة والبلد يسير على البركة من عام 1986 حتى الان والمصيبة في الامر ان مجلس 2012 اعاد للحكومة الخطة دون وضع سقف زمني محدد لاعادتها ونحن جميعا مطالبون بالاصلاح، كما اختلفت المبارك مع حديث النائب السابق مبارك الدويلة في نقطتين هامتين هما مفهوم الديموقراطية الذي اسهب به الدويلة قائلة: مفهوم الديموقراطية هو حكم الاغلبية مع احترام مشاركة الاقلية وليس قمعها، وما حصل في مجلس 2012 قمع للاقلية، وثاني اختلاف هو المراسيم بضرورة ونرجع بذلك الى المرجع الفقهي عثمان عبدالملك الذي اعطى صاحب السمو الامير حق اصدار المراسيم بضرورة في حال لم ينعقد مجلس الامة كما هو الحال الآن.
وطالبت الدويلة بضرورة توضيح حديثه عندما قال: أحذر من العبث بإصدار المراسيم، مختتمة: نحن في مفترق طرق اما نكون او لا نكون ونحن نحترم الدستور وعلو السلطة القضائية المستقلة التي لا تخضع للضغوط كما اكدها رئيسها فيصل المرشد.