مضى أكثر من أسبوعين على تكليف رئيس مجلس الوزراء الجديد بتشكيل حكومته، التي لم تتشكل بعد رغم تجاوزه المدى الزمني المقرر لتشكيل الحكومات في بدايات الفصول التشريعية التي تعقب الانتخابات.
ولئن كان الدستور لم يلزم بمدة محددة لحالات التشكيل خلال الفصل التشريعي، إلا أنه ليس من المقبول إطالة مدة التشكيل وتعليق اجتماعات مجلسي الوزراء والأمة خارج الإطار الدستوري إلى زمن غير محدد، بحيث يتم فرض حالة من الانتظار والركود والجمود لتحقيق هدفين:
أولهما، محاولة احتواء التذمر الشعبي الواسع والمتنامي تجاه مظاهر الفساد الاستفزازي وتردي الأوضاع وتفاقم المشكلات والتضييق على الحريات العامة وسوء الإدارة السياسية للدولة، الذي كان أحد مظاهره الاعتصام الشعبي في ساحة الإرادة مساء الأربعاء ٦ نوفمبر الماضي.
وثانيهما، محاولة تقطيع الوقت بهدف تبريد الأزمة السياسية العميقة.
إننا في الحركة التقدمية الكويتية ندرك تماما أن هذه المحاولة لاحتواء التذمر الشعبي الواسع والمتنامي لن تجدي ما دام التغيير الحكومي لن يطول سوى الأسماء وتوزيع الحقائب الوزارية فيما النهج سيستمر على ما هو عليه، ولن تجدي كذلك تصرفات «العلاقات العامة» من شاكلة طلب رئيس مجلس الوزراء المكلف المواطنين بتقديم بلاغات عن قضايا الفساد خلال شهر واحد، مع تجاهل حقيقة أن قضايا المال العام لن تسقط بالتقادم الزمني بحكم القانون، وأن المطلوب أولا هو إثبات جدية الحكومة في تعاملها مع ملفات الفساد.
أما الأزمة السياسية، فإنها أزمة عميقة لا يمكن معالجتها عبر الرتوش والتحسينات الشكلية، وليس هناك ما يبرر القول بأن التشكيل الحكومي بصورته الجديدة سيسهم في تجاوز هذه الأزمة، التي هي الأساس في تردي أوضاع البلاد واستشراء الفساد وعمليات النهب المنظم للأموال العامة والاستحواذ على مقدرات الدولة وتعطيل التنمية والتضييق على الحريات واشتداد المعاناة المعيشية للفئات الشعبية، بما في ذلك تدهور أوضاع ما يسمى الطبقة الوسطى.
وختاما تؤكد الحركة التقدمية الكويتية دعوتها إلى المواطنين والقوى الحية في المجتمع الكويتي إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية وتوحيد جهودهم حول التوجهات والمطالب التالية:
١- تشكيل حكومة تكون محل ثقة الشعب واطمئنانه لنظافة أيدي رئيسها وأعضائها وجديتهم في محاربتهم لقوى الفساد.
٢- تصحيح المسار البرلماني واستعادة الدور الرقابي الجدي لمجلس الأمة عبر الإسراع في إقرار قانون انتخابات ديموقراطي بديل يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، ليعقبه إجراء انتخابات نيابية مبكرة نزيهة خالية من التدخلات الحكومية والمال السياسي.
٣- إطلاق الحريات الديموقراطية وإلغاء القوانين المقيدة لها، وتحقيق انفراج سياسي عبر العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات.
٤- كشف قضايا الفساد وعدم لفلفتها وملاحقة الفاسدين.
٥- معالجة المشكلات المعيشية التي تعاني منها الغالبية الساحقة من المواطنين وتحسين ظروف المعيشة ومعالجة مشكلات المقترضين، وقضية الكويتيين «البدون».
مع تأكيدنا على أن تلبية هذه المطالب الملحة هي المدخل الجدي لإنقاذ البلاد ومكافحة الفساد وإصلاح الأوضاع، وهي حجر الأساس للوصول الى نظام برلماني مكتمل الأركان تكون فيه السلطة للأمة مصدر السلطات جميعا ويكون الركيزة لدولة ديموقراطية حديثة يحكمها القانون وتسودها العدالة.