أكد مقرر لجنة الميزانيات والحساب الختامي النائب رياض العدساني متانة الاقتصاد الوطني، معتبرا أن ما نشر من بيانات حول العجز في الميزانية الجديدة غير صحيح.
وقال العدساني، في مؤتمر صحافي عقده تحت عنوان «الكويت بخير» بالمركز الإعلامي لمجلس الأمة، ان الحالة المالية للدولة إذا تم احتساب جميع الأصول تؤكد أن الكويت تقف على أرض صلبة وأن رصيدها فوق الممتاز وخصوصا في صندوق الأجيال القادمة.
وبيّن أنه ليس صحيحا ما نشر عن أن العجز في الميزانية العامة يبلغ 9.2 مليارات دينار وأنه العجز الأكبر في تاريخ الكويت، مشيرا إلى ان هذه الأرقام تقديرية من الجانب الحكومي وليست فعلية.
وضرب مثالا على تغير الأرقام بما حصل في العام الماضي عندما أكدت الحكومة أن العجز سيبلغ 8 مليارات دينار في حين أنه تمت تغطية العجز بسحب 3 مليارات دينار فقط من الاحتياطي العام.
وأكد على أنه «لا يوجد عجز وإنما الإيرادات النفطية لا تغطي المصروفات، كما أنه ليس العجز الأعلى في تاريخ الكويت وبالتالي على الحكومة أن تتلو البيانات كاملة، خصوصا أن الكويت تقف على أرض صلبة».
ولفت إلى تصريح وزير المالية السابق الذي يؤكد فيه أن أداء صندوق الأجيال القادمة هو الأعلى في تاريخ الصندوق، في حين أن الاحتياطي العام في طريقه إلى النفاذ.
وشدد على أن الحكومة هي المسؤولة أولا وأخيرا عن الحالة المالية للدولة وليس الشعب الكويت أو مجلس الأمة الذي قام بإجراءات عديدة منها تحويل 8 مليارات دينار من الأرباح المحتجزة والبالغة قيمتها 20 مليار دينار.
وطالب سمو رئيس مجلس الوزراء ووزيري المالية والنفط باتخاذ إجراءاتهم بتعزيز الاحتياطي العام للدولة من الأرباح المحتجزة.
ورأى أنه كان الأصل تضمين كل القيود والبنود والمصاريف الخاصة بميزانية التسليح والذي يشمل صفقتي «اليورو فايتر» و«الكاراكال» مع الميزانية العامة وألا تكون مستقلة حتى لا يستنزف الاحتياطي العام.
وأكد على ضرورة استغلال مؤسسة الموانئ الكويتية التي لم يتجاوز إيرادها 97 مليون دينار بشكل أفضل لتشكل إيراداتها رافدا فاعلا في الميزانية العامة للدولة.
وبيّن أنه من الإخفاقات الحكومية أيضا عدم تحصيل أرباح فائتة من شركة المشروعات السياحية بقيمة 290 مليون دينار.
وحمّل الحكومة مسؤولية عدم التقيد بقواعد الميزانية، وانخفاض صادرات النفط من 300 مليون برميل يوميا إلى 2.885 مليون برميل مما يترتب عليه بشكل طبيعي انخفاض الإيراد العام.
وشدد على ضرورة استغلال الوفرة المالية بشكل صحيح لتنمية إيرادات الدولة واتباع سياسة رشيدة في ترشيد الإنفاق والتقيد بقواعد الميزانية، ولاسيما في وزارة الخارجية التي كان المبلغ المقدر للتحويلات الخارجية فيها 100 مليون دينار بينما تم فعليا تحويل 651 مليون دينار في السنة المالية المنتهية للسفارات والقنصليات بالخارج.
وأوضح أن هذه التحويلات شكلت 5 أضعاف المبلغ المقرر وتم سحبها من خلال حساب العهد والاحتياطي العام للدولة ما يدل على أن الخلل لدى الحكومة وليس في المواطن حتى يقال إن باب الرواتب هو الذي يؤثر في الميزانية العامة للدولة.
وأشار إلى أن وزارة الداخلية قامت برفع بند المصروفات الخاصة من 15 مليون دينار إلى 25 مليونا بموافقة ومباركة وزارة المالية.
وأكد أن موضوع الميزانية يتطلب إدارة رشيدة وتحسين الأداء في الاستثمارات والتقيد بقواعد الميزانية.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن إجراءات مثل الضرائب والقيمة المضافة والضريبة الانتقائية، لأنها تؤثر على المواطن البسيط وزيادة الأعباء المالية عليه، مؤكدا أن الحكومة ستواجه بالاستجواب في حال إقدامها على هذه الخطوات.
ورفض أي إجراء لرفع الأسعار ورسوم الخدمات أو تقليص الدعم بحجة التوفير، مبينا أن الأولى تطبيق سياسة التوفير على الحكومة وعدم طلب قرض دولي.
وأفاد بأنه لا يتفق مع الأرقام التي ذكرتها الحكومة عن الميزانية الجديدة، مشيرا إلى أنه سبق أن جاءت الحكومة بأرقام تقديرية عن الميزانية ولكن تم خفضها في لجنة الميزانيات ومجلس الأمة لأنها في النهاية ليست أرقاما مسلما بها أو معتمدة.
وأكد عدم خصخصة القطاعات العامة والحيوية مثل الكهرباء والماء وعدم المساس بجيوب المواطنين سواء فيما يتعلق بالخدمات أو الرواتب والأجور والعلاوات، مبينا أن أي من هذه الإجراءات ستضع الحكومة في مواجهة الاستجوابات.
وشرح أن الأمر لا يقتصر على التجاوزات وإنما الاختلاسات والتعدي على الأموال العامة واستباحتها ومنها ما حصل في قضية «بند الضيافة» الذي كان مقدرا له 2 مليون دينار وتم رفعها إلى 25 مليونا لتحال القضية بعدها الى المحاكم، وكذلك في السنة التالية عندما تم رفع المبلغ من 2 مليون دينار إلى 10 ملايين دينار.
وذكر أن من التعديات الصارخة على المال العام ما تم في عهد المدير الأسبق للتأمينات الاجتماعية الذي صدرت ضده العديد من الأحكام القضائية ومنها المحكمة العليا البريطانية التي قضت برد 847 مليون دينار، مطالبا بتفعيل الاتفاقية مع الجانب البريطاني وجلب المدير الأسبق لمؤسسة التأمينات إلى الكويت.
وتطرق إلى التجاوزات الصارخة في مواضيع صندوق الموانئ وسرقة الرمال بنحو مليون دينار، مناديا بتطبيق الأحكام القضائية ومعاقبة كل متجاوز حتى يكون عبرة لغيره.
ورأى أن معالجة الميزانية تكمن في 4 نقاط أولها التقيد بقواعد الميزانية والتقيد بالنظم واللوائح المنظمة لها وأن يعكس الحساب الختامي واقع الميزانية وعدم القيام بالنقل بين بنود الميزانية بشكل مخالف وخاطئ.
وقال ان ثاني النقاط هو محاربة الفساد وإحالة كل شخص متجاوز إلى النيابة العامة واستعادة الأموال المسلوبة.
وبين أن ثالث النقاط هو تعزيز الشركات التي تمتلك فيها الحكومة حصصا كبيرة لزيادة الإيرادات للمال العام وتعزيز الاحتياطي العام وصندوق الأجيال القادمة.
وأوضح أن رابع النقاط هو تطبيق توصية لجنة الميزانيات ومجلس الأمة فيما يتعلق بتوريد 8 مليارات دينار من الأرباح المحتجزة إلى الاحتياطي العام.
ورفض الإيحاء للمواطن بأن الدولة متجهة للإفلاس لأنه أمر غير صحيح إطلاقا.
وأضاف «كما يتطلب الأمر من الجهات الرقابية التدقيق والتفتيش على الجهات الحكومية وخصوصا وزارات السيادة، فهناك ضعف في رقابة بعض الجهات الرقابية على وزارة الداخلية فيما يخص المصروفات الخاصة، ووزارة الخارجية فيما يخص التحويلات الخارجية، ووزارة الدفاع فيما يتعلق بميزانية التسليح الاستثنائية».
وزاد «يجب تسليط الضوء والفحص والتفتيش في كافة البيانات لتلك الوزارات، وسنطالب بالتفتيش في موضوع تحويل وزارة الخارجية نصف مليار دينار بينما المبلغ المعتمد هو 100 مليون دينار فقط».
وختم بالتأكيد على ضرورة معالجة ملف حساب العهد حتى لا يتضخم، وإعادة سقف الصادرات النفطية إلى 3 ملايين برميل يوميا كما كان في السابق.
من جانب آخر، أعد النائب العدساني تقريرا فنيا بشأن الوضع المالي للدولة والميزانية المقترحة الجديدة أكد فيه أن الوضع المالي للكويت ممتاز ولكن يجب الحفاظ عليه، وهذا ما تم تأكيده من قبل المنظمات الدولية الاقتصادية التي بينت أن الاقتصاد الكويتي متين ويقف على أرض صلبة وخاصة احتياطي الأجيال القادمة.
وأضاف أنه يتطلب من الحكومة العمل على تحقيق الإدارة الرشيدة والحصيفة، حيث إن هناك خللا بالانفاق وسوء بالصرف مع عدم التقيد ببنود الميزانية.
وشدد على أن تسير الحكومة على ما تم اعتماده لها من قبل مجلس الأمة في الميزانية لكونها الخطة التي وضعت فيها الأرقام التقديرية، بينما الحساب الختامي هو الذي يعكس واقع الميزانية ويبين مدى التزام الحكومة بالصرف الفعلي وتحصيل الإيرادات العامة، مما يتطلب:
1 ـ العمل الجاد على تنمية الإيرادات غير النفطية.
2 ـ ضبط النفقات العامة.
3 ـ ترشيد الإنفاق الحكومي.
4 ـ تنفيذ الميزانية بشكل صحيح حسب الأبواب والبنود، والالتزام بالضوابط والشروط والأسقف المحددة للمصروفات.
5 ـ عدم تحميل الاحتياطي العام بمصروفات بإمكان الحكومة تحميلها على الميزانية.
6 ـ دراسة كل مقترح بمهنية، خاصة أن العديد من المقترحات بها كلفة مالية عالية دون تطوير الوضع العام ولا يحسن الخدمات، وهي اقتراحات عشوائية لم تدرس بشكل محكم.
7 ـ تحسين الأداء الاستثماري فيما يتعلق بالصناديق والمحافظ الاستثمارية الداخلية والخارجية، والعمل على إعادة النظر في الأصول غير المدرة للأرباح لتحسين أرباح الجهات ذات الميزانية المستقلة التي تمول ذاتها، وأيضا تطوير الأداء العام وتنمية أرباح الشركات التي تمتلك الحكومة حصصا فيها.
وأشار إلى أن ارتفاع المصروفات والهدر وعدم التزام الجهات ببنود الميزانية وسوء تنفيذها أمور لا تتماشى مع الخطوات الإصلاحية المفترض تطبيقها في الميزانية العامة، وذلك لما تشكله من مخالفات جسيمة وصريحة لقواعد إعداد الميزانية وتجاوز الأسقف المحددة في بنودها وكثر المناقلات المالية بين البنود، وعدم مراعاة أو معالجة الاختلالات في الميزانية العامة للدولة.
وأكد على الأخذ بعين الاعتبار توصيات «لجنة الميزانيات والحساب الختامي» البرلمانية وكل الجهات الرقابية لمعالجة وتلافي المخالفات الواردة وتصحيح الملاحظات المسجلة والمقيدة في التقارير «السنوية» الرسمية ومنها حساب العهد الملياري والديون المستحقة للحكومة.
ودعا إلى إعادة النظر في الآلية المستخدمة لدى الحكومة في كيفية تعاملها مع الاحتياطي العام حسب البيانات المالية والتحليلية التي عند لجنة الميزانيات بالإضافة إلى ما سجلته الجهات الرقابية على تنفيذ ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية والميزانيات الملحقة والمستقلة.
وشدد على ضرورة المحافظة على المركز المالي للدولة وخاصة الاحتياطي العام، نظرا لما لوحظ من كثرة السحب منه بصدور قوانين متعددة خلال كل سنة مالية بفتح اعتمادات إضافية بسبب عدم وجود تقدير سليم في الميزانية عند إعدادها.