أعرب النائب صالح عاشور عن رفضه لأي توجه إصلاحي حكومي يستهدف المواطن البسيط ويحمله نتيجة سياسات خاطئة وإخفاق في إدارة الموارد المالية.
وطالب عاشور، في تصريح بالمركز الإعلامي في مجلس الأمة أمس، الحكومة بتصحيح الاختلالات والهدر في الميزانية، معتبرا أن ما أعلنته وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية مريم العقيل بشأن ضرورة إعادة النظر في رواتب المواطنين العاملين في الجهات الحكومية «تصريح خطير».
وأكد أن ما أعلنته العقيل من بيانات عن الميزانية غير دقيق، حيث بينت أن 71% من الميزانية تذهب إلى الباب الأول وهو بحسب تصنيف الحكومة يشمل رواتب الموظفين، في حين أنه يشمل 9 بنود مختلفة أحدها بند الرواتب.
وبين أن هناك 8 بنود أخرى يضمها الباب الأول لا تتعلق بالأجور، إنما بالسلع والخدمات وتكلفة التموين والإعانات والمنح والمنافع والمصروفات التحويلية.
وأضاف عاشور أن الحكومة يجب أن تكون واضحة في تصنيف الباب الأول لأنها ضمنت بند الرواتب 3 أمور هي: الرواتب الأساسية، والعلاوات والبدلات وحصة الحكومة في التأمينات الاجتماعية، بالتالي هناك بند واحد فقط يتعلق بالرواتب.
وأكد عاشور أن إعلان الحكومة عن نسبة التكلفة الفعلية للأجور بـ 71% من الميزانية العامة يفتقد الدقة، وأنه بالعودة للإحصائيات الاقتصادية ولغة الأرقام تجد هناك اختلافا واضحا.
ولفت إلى أن زيادة الرواتب ابتداء من 2014 ـ 2015 تتم بصورة طبيعية، وأن تكلفة الرواتب الفعلية في آخر سنة مالية 5.553 مليارات دينار بما فيها تكلفة التوظيف والترقيات السنوية، وبالتالي الرواتب الفعلية لا تشكل أكثر من 25% من مصروفات السنة المالية المنتهية وليس 71%.
وقال عاشور ان القانون 49 لسنة 1982 ينص على إعادة النظر كل سنتين على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة وذلك وفقا للقواعد والأحكام التي يقررها مجلس الوزراء وهذا ملزم.
وتساءل «هل الحكومة فعلت هذا الأمر؟ لاسيما أن الواقع يقول ان هناك ارتفاعا في معدلات مستوى التضخم والغلاء ما يستدعي إعادة النظر في الرواتب».
وأضاف عاشور أن الوزيرة طالبت بإعادة النظر في الرواتب بما يخفض مصروفات الميزانية رغم علمها بتدني رواتب الموظفين لدى جهات حكومية كثيرة. وأشار إلى أن الوزيرة ردت في 22 ديسمبر 2019 ردت على سؤال برلماني بأنه «تمت استقالة 1012 موظفا كويتيا في 9 جهات حكومية خلال السنتين الأخيرتين بسبب عدم وجود زيادات مالية وحوافز، وحصول المستقيلين على فرص وظيفية أفضل». ولفت إلى أن ذلك يعني أن الرواتب خارج القطاع الحكومي أفضل من الرواتب الحكومية، وبالتالي وبحسب قانون 49 يفترض إعادة النظر بجداول الرواتب بالحكومة لأنها متدنية والدليل استقالة أكثر من 1000 موظف.
وأوضح عاشور أن الأسباب الحقيقية في العجز المالي هي المنح الخارجية وسحب الحكومة من الاحتياطي العام للدولة خلال آخر 5 سنوات 22.8 مليار دينار، وفي نفس الوقت تحملت الخزانة العامة 2.3 مليار دينار منحا لبعض الدول. وأشار إلى أن ديون المواطنين وفوائدها لا تتجاوز 1.25 مليار دينار، متسائلا «مَنْ أولى بهذه المليارات منح وعطايا لأكثر من 50 دولة أم المواطنون الكويتيون الذين هم الآن تحت خط الفقر؟».
وقال انه كان من الأولى صرف هذه المليارات لشراء ديون المواطنين وتحسين الخدمات التعليمية والصحية والطرق والمستشفيات، مشيرا إلى أن الحكومة «نسيت» رفع مستوى معيشة المواطن، وتصحيح المسار الاقتصادي والاجتماعي. وبين عاشور أن 10% من عجوزات الميزانية جاءت بسبب الاختلال والصرف الحكومي غير المبرر.
وذكر أن الحكومة تريد تخفيض الميزانية وتشير أرقامها إلى أن بدل الإيجار يستحوذ على 10% من قيمة الدعم المقدر بالميزانية، والأصل هو أن تقوم الحكومة بتوزيع الأراضي والمشاريع الإسكانية وتوفير بدل الإيجار.
وقال ان الحكومة حررت 463 كيلومترا مربعا من الأراضي تتسع لأكثر من 234 ألف وحدة سكنية وتستطيع توزيعها حالا، لكن الخطة المقترحة هي توزيع 104 آلاف وحدة سكنية حتى نهاية السنة المالية الحالية.
وبين أنه لو وزعت الحكومة هذه الأراضي فستغطي الطلبات الإسكانية الموجودة وسيكون لديها فائض 6000 وحدة سكنية، وبذلك تستطيع تخفيض 10% من الميزانية المخصص لبدل الإيجار، مبينا أن هذا جزء من تخبط سياسة الحكومة وعليها تحمل مسؤولياتها. وأضاف عاشور أن الحكومة دفعت حصتها لـ «التأمينات الاجتماعية» خلال السنوات الخمس الأخيرة بما يعادل 2.17 مليار دينار، لكن بالعودة لبيانات (التأمينات) يفترض أن يكون عائد الاستثمار لهذه الأموال من 6.5 الى 8.5%، لكن للأسف العائد لم يتجاوز 4%، وهو ما يمكن الحصول عليه بالإيداع في أي بنك.
وأشار إلى أن هذا يؤكد أن هناك سياسات حكومية غير صحيحة وخسائر بسبب سوء الإدارة وعدم استثمار الأموال بصورة صحيحة ثم تأتي الحكومة وتريد تصحيح الاختلالات بالميزانية عبر جيب المواطن. وقال عاشور «رسالة واضحة للحكومة ابتعدوا عن جيب المواطن، عليكم تصليح الاختلالات بالميزانية وتعديل الأرقام الحقيقية فيها وتطبيق السياسات الصحيحة للقضية السكانية والاستثمارات وعائدها». وأكد أن هناك سياسات اقتصادية غير مجزية تقوم بها الحكومة وعليها تعديلها، مبينا أن هناك فائضا وليس عجزا كما تدعي بسبب سوء الإدارة وعدم وجود تطلعات ورؤى مستقبلية لتوجيه الاستثمار بشكل سليم.