تقدم النائب رياض العدساني بدراسة فنية عن استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بغرض المحافظة على مركزها المالي، وشملت الدراسة التي سوف يحيلها إلى الحكومة إجمالي أموال صناديق التأمينات التي بلغت أكثر من 35 مليار دينار ويتميز كل صندوق بفائض إيراداته عن مصروفاته.
نبذة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية
وقال العدساني في مقدمة دراسته إن ميزانية المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية جهة حكومية تعتبر ذات ميزانية مستقلة.
وأضاف ان الميزانية المستقلة تعرف على أنها: ميزانيات تخص جهات تباشر نشاطا اقتصاديا تغلب عليه الاعتبارات التجارية، روعي فيها تقرير أكبر قدر من الاستقلال المالي لها في حدود ما يسمح به الدستور وما تستلزمه الرقابة على الأموال العامة، على نحو يمكنها من القيام بأعمالها.
وزاد العدساني بقوله: وكمبدأ عام، فإن الذمة المالية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تعد مستقلة عن الذمة المالية للميزانية العامة للدولة، حيث تحتفظ بإيراداتها التي تحققها لتمويل مصروفاتها، وما فاض عنها ترحل لاحتياطات الصناديق التي تتولى المؤسسة إدارتها.
وعن الوضع المالي لصناديق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بين العدساني أنه حتى نهاية السنة المالية المنتهية الأخيرة بلغ إجمالي الأموال في الصناديق أكثر من 35 مليار دينار ويتميز كل صندوق بتمتعه بفائض إيراداته عن مصروفاته منذ نشأته.
توزيع استثمارات مؤسسة التأمينات
يجب أن تكوّن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية احتياطيا ماليا كافيا لكل شخص مقيد لديها يكفي لصرف معاشه التقاعدي، وقد يمتد توفيره للمستحقين ممن يعولهم لما بعد وفاته أيضا، مع التنويه إلى أن توازن هذا الاحتياطي لا يتحقق بدون استثمار.
وأكد انه من هنا تكمن أهمية الرقابة البرلمانية على استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لأنها مرتبطة بتوفير حياة ماليك كريمة للمتقاعدين.
وبين أن الاستثمارات وخاصة التي تتم في الخارج قد تعاظم دورها وأصبحت رافدا أساسيا يعتمد عليها الاقتصاد الكويتي، مما يستوجب مد مظلة الحماية عليها، وتتبع الأموال المستولى عليها وذلك تحقيقا لنصوص الدستور الكويتي الذي بين فيه في المادة 11 والتي تنص على أن تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حال الشيخوخة او المرض أو العجز عن العمل، كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية.
والمادة (17) والتي تنص على: للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن.
التقييم
وبين العدساني انه بتاريخ 24 مايو 2017 رفض مجلس الأمة كلا من الحساب الختامي والميزانية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، مبينا أنه من بين أسباب الرفض أنه تم تحقيق 21 مليون دينار فقط كعوائد استثمارية في حين ان الاستثمارات الإجمالية التي كانت تديرها المؤسسة آنذاك تقدر بما يقارب الـ29 مليار دينار.
وأوضح: ومن ثم تحسن الأداء الاستثماري في السنة التي تلتها، إلا أنه في السنوات الأخيرة بدأ ينخفض عما كان عليه والأصل هو المحافظة على الأداء والسعي إلى زيادته.
وقال إنه في الوقت الذي انخفض فيه الأداء الاستثماري في السنة المالية المنتهية الأخيرة عما كان عليه منذ سنوات يلاحظ أن مصروفات الاستثمار تزداد بشكل سنوي.
النتيجة النهائية
لاحظ العدساني أنه لا يوجد ترابط حقيقي بين عوائد الاستثمار وما يدفع في مقابلها كمصروفات، مبينا أنه في السنة المالية المنتهية الأخيرة تم تحقيق 1.3 مليار دينار كإيرادات استثمار مقابل مصروفات بـ 37 مليون دينار.
وأوضح انه في السنة التي سبقتها تم تحقيق 1.8 مليار دينار مقابل مصروفات أقل مما تم دفعه في السنة الأخيرة، حيث كانت المصروفات آنذاك 34 مليون دينار.
وقال انه غني عن البيان انه في السنة التي رفض فيها الحساب الختامي كانت عوائد الاستثمار المحققة فعليا 21 مليون دينار، في حين إنه دفع 29 مليون دينار كمصروفات.
النتيجة
وقال العدساني: يتضح مما سبق بعد تقييم الخطة الاستراتيجية لاستثمار أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية أن هناك 3 اختلالات رئيسية:
1ـ تدني نسبة العائد الاستثماري عما كان عليه رغم نمو حجم المحفظة الاستثمارية.
2ـ زيادة مصروفات الاستثمار بشكل غير مترابط مع العوائد الاستثمارية رغم نمو حجم المحفظة.
3ـ عدم الالتزام حتى تاريخه بتخفيض نسبة النقد إلى المعدل المستهدف وهو 4%، حيث يجب توظيف هذه الأموال في أدوات استثمارية ملائمة تحقق عوائد مجزية بدلا من إيداعها لدى البنوك.
وقد سبق توجيه سؤال برلماني بتاريخ 16 فبراير 2017 بشأن استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بعدما تعرضت أموالها لمخاطر جسيمة بسبب بيئة العمل غير المناسبة للاستثمار.
وأكد العدساني على القضايا التي سبق توضيحها في ذلك السؤال البرلماني، إذ أن الاختلالات في الأداء الاستثماري لازالت قائمة وهي:
1ـ الدخول في صناديق عقارية ومغلقة بمبالغ ضخمة وصل عمر بعضها لـ 10 سنوات وتمديد عمر عدد منها لم تتم به توزيعات وعدد آخر انخفضت قيمته بنسبة كبيرة وتضطر المؤسسة للاستمرار فيه لنهاية العمر رغم ثبوت تضررها منه.
2ـ الدخول في استثمارات في الصناديق بمبالغ ضخمة بإدارة مدير واحد وبإدارة مدير ليست لديه تعاملات مع عملاء آخرين ولا يدير سوى أموال المؤسسة.
3ـ المساهمة في عدد كبير من الصناديق دون تمثيل مناسب في مجلس الإدارة.
4ـ المساهمة في عدد كبير من الصناديق الاستثمارية بنسبة ملكية 100%.
5ـ وجود شخص واحد في مجالس إدارة بعض الصناديق.
6ـ تغيير أسماء بعض الصناديق دون توفير بيانات عن الاسم السابق والمدير السابق.
7ـ إسناد إدارة صناديق جديدة للمؤسسة مع مدير رغم عدم نجاحه في إدارة بعض الاستثمارات السابقة للمؤسسة.
8ـ الدخول في صناديق ذات أهداف واستراتيجيات استثمارية عالية بما يخالف لائحة استثمار أموال المؤسسة ولا يتناسب مع طبيعة أموال المؤسسة.
9ـ عدم وضع ضوابط تنظيم الإقراض بين الصناديق الاستثمارية التي يديرها نفس المدير.
10ـ عدم تضمين اتفاقيات الاكتتاب في الصناديق الاستثمارية اشتراطات بعدم دفع أي عمولات من أموال الصناديق التي تساهم فيها المؤسسة لأي أطراف.
11ـ عدم انتظام الحصول على تقارير بصافي قيمة الأصول وتقارير مالية مدققة لعدد من الصناديق الاستثمارية.
12ـ عدم عرض أوضاع الصناديق المتعثرة على لجنة استثمار أموال المؤسسة.
13ـ عدم عرض بيان كافة استثمارات أموال المؤسسة في صناديق والتي يديرها كل مدير وأدائه على لجنة استثمار أموال المؤسسة.
14ـ الدخول في اغلب الصناديق الاستثمارية دون إجراء دراسات جدوى وافية لكل استثمار بما فيها الجانب القانوني والخبرة السابقة والتأهيل للجهاز العامل على إدارة الاستثمار الجديد، حيث تقتصر الدراسة على تقييم البيانات الواردة من مدير الاستثمار.
التوصيات
وأوصت الدراسة بالآتي:
- مراجعة مصروفات الاستثمار مراجعة شاملة، ووضع لائحة بأسس وقواعد واضحة في كيفية تقديرها مع ربطها بالأداء الاستثماري.
- مراجعة دورية للأوعية والأدوات الاستثمارية في محفظة المؤسسة العامة للتأمينات اتخاذ الإجراء المناسب للاستثمارات التي تعاني من ضعف في أدائها أو انخفاض شديد في قيمتها كي لا تتحمل أموال المؤسسة مزيدا من الخسائر فيها.
- إعداد دراسات جدوى شاملة قبل الدخول في أي استثمارات جديدة، والأخذ بعين الاعتبار دراسة الجانب القانوني للعقود التي سوف توقع مع مديري المحافظ والصناديق لتلافي ما رصد من ملاحظات لها في السابق للمحافظة على أموال الصناديق التأمينية.
- العمل على توظيف أموال المودعة في البنوك كودائع لأجل في استثمارات مدرة وذات عوائد مجزية.
- بذل المزيد من الجهود في تنويع مصادر استثمارات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية المضمونة والآمنة والتي من شأنها أن تحقق العائد الأمثل على المنظور القريب والبعيد بما يكفل تلافي تمويل العجز الاكتواري الذي تتحمله الخزانة العامة للدولة أو تقليله.
- إعادة النظر في الطريقة المتبعة في حساب العجز الاكتواري بالتنسيق مع ديوان المحاسبة.
- سرعة تفعيل إدارة التدقيق الداخلي وإدارة المخاطر وسرعة البدء في تطبيق نظام حوكمة العمليات الاستثمارية الذي سيسهم في ضبط عملية الرقابة على الاستثمارات وحماية أموال المؤسسة وتدعيم هذه الإدارات بالكوادر والخبرات الوظيفية اللازمة.