- دراسة طبية جديدة تفتح آفاقاً واسعة في مجال زراعة الأنسجة العضلية
تشهد إمكانية استخدام أعضاء الحيوانات للتغلب على نقص الأعضاء البشرية تطورا نحو الأمام بعد إجراء عملية زرع ناجحة في الفئران لأنسجة عضلية تعود إلى أرنب، من قبل فريق طبي بقيادة معهد صحة الطفل ucl.
ولم يقتصر الأمر على احتفاظ زراعة الأنسجة العضلية بنشاطها الحيوي، بل أنها أثارت أيضا استجابة مناعية ومضادة للالتهابات، مما منع قيام الجهاز المناعي بردة فعل تقليدية تتمثل في «الهجوم»، الذي يمكن أن يؤدي إلى رفض الجسم للعضو الجديد.
وقد حفز النقص الحاد في توافر الأعضاء البشرية المتاحة للزرع الباحثين لاستكشاف إمكانية استخدام أعضاء من أجسام الحيوانات وأخرى اصطناعية، ولكن هذه الأخيرة كثيرا ما تقابل برفض الجسم للعضو الجديد فضلا عن ضرورة تناول الأدوية مدى الحياة من أجل منع مثل هذا الرفض.
بالإضافة إلى مشكلة أخرى تتمثل في استبدال الأنسجة الوظيفية، والتي ما تزال تحديا رئيسيا في قطاع الطب.
وذكرت الدراسة التي نشرت في مجلة pnas (الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأميركية)، بتمويل من مجلس البحوث الطبية mrc، أنه تمت إزالة الأنسجة العضلية الهيكلية من الأرانب، وجرى غسلها لتجريدها من الخلايا - في عملية تعرف باسم عملية إفراغ الخلايا «decellularization»، ومن ثم زرعها في الفئران مع أو بدون الخلايا الجذعية العضلية.
ودرس الفريق الطبي مدى الاستجابة المناعية لدى الفئران لزراعة الأنسجة من الأرانب، فوجدوا انخفاضا كبيرا في الاستجابة المناعية ونشاطا في الخلايا التائية t-cell (وهو نوع من الخلايا المناعية التي تلعب دورا أساسيا في عملية رفض الأعضاء) بالإضافة إلى وجود أدلة على تأخر التحلل البيولوجي، وهي العملية التي يقوم بها الجهاز المناعي عادة لتفتيت الأعضاء المزروعة.
وبعد مرور أسبوعين على إجراء العملية، نمت أوعية دموية جديدة بين المضيف والأنسجة المزروعة، وبقيت الخلايا الجذعية العضلية التي تم التبرع بها على حالها بعد مرور شهر.
ويتم استخدام الأنسجة المأخوذة من الحيوانات بالفعل في بعض العمليات الجراحية.
حيث تستخدم صمامات القلب من الأبقار في بعض الأحيان لعلاج بعض حالات الإصابات القلبية لدى الأطفال في مستشفى «جريت أورموند ستريت».
ومع ذلك، فإن المواد المشتقة من الحيوانات لا تتمتع بإمكانية البقاء لمدة طويلة في الجسم البشري، ويعتقد الباحثون أن الجسم البشري يرفضها ببطء، وهذا ما قد يفسر لم لا تستطيع صمامات القلب هذه الاستمرار لأكثر من نحو عشر سنوات فقط.
ويتميز هذا النهج الجديد الذي تم اعتماده في الدراسة بأنه قد يمنع الأنسجة المزروعة من الرفض في المستقبل.
وفي هذا السياق، قال د.جوناثان فيشمان، من معهد صحة الطفل ucl، والزميل فيmrc-sparks للأبحاث السريرية، والمؤلف الأول للدراسة: «استخدمت دراستنا نهجا طبيا مبتكرا يبحث في سبل التغلب على نقص توافر الأعضاء المتاحة للزرع، ومشاكل رفض الأعضاء المزروعة. وبالنظر إلى قوائم الانتظار الطويلة للأعضاء البشرية، فإننا بحاجة إلى اكتشاف خيار يسمح باستخدام الأعضاء والأنسجة الحيوانية لسد الفجوة بين العرض والطلب.
ورغم أن بعض المرضى قد لا يحبذون فكرة وجود أعضاء حيوانية داخل أجسامهم، إلا أنه يتم بالفعل استخدام الأنسجة الحيوانية لمعالجة بعض العيوب في القلب».