- مصر والكويت مرتبطتان بشكل دائم وكبير وداعمان لبعضهما البعض على مر التاريخ
- الاستثمار الرياضي ملف متنوع وعميق جداً.. ودول نظمت بطولات للخروج من عثراتها
- وجدت رغبة كويتية كبيرة في الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر حالياً
- البث الفضائي أمَّن للأهلي مليار جنيه يمثل نحو 44% من ميزانية العام الماضي
- الوضع العام بمصر أفضل بكثير الآن على المستويين السياسي والاقتصادي
- رؤية الرئيس السيسي لبناء مصر الحديثة تفتح المجال لفرص استثمارية كبيرة
أجري الحوار: زكي عثمان
هادئ الطباع.. واسع الأفق.. دمث الأخلاق.. كلمات بسيطة يمكن أن تلخص شخصية نائب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي وزير الرياضة المصري الأسبق العامري فاروق الذي استجاب لدعوة «الأنباء» بالحضور إلى ديوانيتها، خلال زيارته السريعة الأسبوع الماضي للمشاركة في مهرجان «خيرات بلادي» الذي نظمته رابطة أبناء البحيرة بالكويت.
العامري فاروق ورغم ضيق الوقت وكثرة لقاءاته خلال 3 أيام فقط بالكويت، إلا انه لبى دعوة «الأنباء» لإجراء حوار غير تقليدي، ابتعدنا فيه عن مشاكل الرياضة المصرية والعصبية التي تغلفها حاليا بين قطبين كبيرين انعكست على تعصب جماهيري غير مسبوق ارتفعت حدته مؤخرا.
العامري فاروق من الشخصيات التي تثلج الصدر وانت تتحدث إليها، فهو قليل الظهور الإعلامي لقناعته الثابتة بأن للإعلام رجاله، وللمسؤولية رجالها، وان كل شخص في موقعه يعمل للصالح العام وليس بهدف الحصول على «شو إعلامي».
العامري فاروق يملك من الأفكار الكثير والكثير، والحديث معه يحتاج لساعات وساعات دون أن تمل من استلهام الأفكار حول العديد من القضايا، ليس فقط في مجال كرة القدم وإنما في الكثير من القضايا الرياضية، ومن هنا كان الحوار شيقا ومفعما بالنقاش لاسيما في جوانب العلاقات المصرية- الكويتية، وكيف يمكن تطويرها خلال الفترة المقبلة، كما تطرقنا إلى المناخ الاستثماري الحالي في مصر في ظل التطور الهائل الذي يشهده بفضل سلسلة المشاريع العملاقة التي تنفذ ضمن أجندة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الرامية لبناء مصر الحديثة، وبالتالي لم يخل الأمر من العروج على الاستثمار الرياضي وما يحمله هذا الملف من أفكار كبيرة. في هذا الصدد، كان لـ «الأنباء» مقترح بأهمية إنشاء مجلس استشاري كويتي ـ مصري رياضي لتطوير الأفكار التي يمكن ان تطرح في الملف الرياضي، الأمر الذي لقي ترحيباً كبيراً من العامري فاروق، الذي أكد انها فكرة مميزة ستفتح آفاقا كبيرة جدا في المستقبل القريب بين الدولتين، معلنا تبنيه شخصيا هذا المقترح، كما وعد بنقلة الى وزير الرياضة المصري د.أشرف توفيق للتباحث في إمكانية تحقيقها على ارض الواقع.. وإلى جوانب الحوار غير التقليدي:
كيف تنظر للعلاقات الكويتية ـ المصرية، وكيف يدعم مهرجان «خيرات بلادي» هذه العلاقات؟
٭ في البداية، سعيد جدا بهذه الزيارة للكويت وسعيد بدعم العلاقات الثنائية وان اكون طرفا في دعمها من خلال مهرجان «خيرات بلادي» الرياضي الذي نظمته رابطة أبناء البحيرة بالكويت، لاسيما انه جاء خلال فترة الأعياد الوطنية بالكويت، وللتأكيد من جديد على أن مصر والكويت مرتبطتان بشكل دائم وكبير وداعمتان لبعضهما البعض على مر التاريخ سياسيا واقتصاديا، فمصر هي الأم الكبرى للدول العربية، وعليه لم أتردد لأكون مشاركا مع الجالية المصرية في هذا الحدث، لاسيما ان هذه الجالية ذات تأثير سياسي كبير في مصر فهي من أكبر الداعمين للقيادة السياسية وللرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو الأمر الذي ظهر جليا في عمليات التصويت على الاستحقاقات الدستورية الماضية، وعليه فهم خير سفراء لبلدهم وفي دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، وقد التقيت العديد من الأشقاء في لقاءات مميزة للغاية شعرت من خلالها بدفء العلاقات وتقديرهم الكبير لمصر وشعبها، كما عكست مدى احترامهم لمصر التي تحتضن الدول العربية، وهو الأمر الذي يجب ان يمثل رؤية مستقبلية للأجيال الحالية والجديدة ويجب أن تكون واضحة للشارعين المصري والكويتي، فالترابط التاريخي بين الدولتين لا يختلف عليه اثنان، فمصر دائمة الدفاع عن جميع الدول العربية وفي جميع الظروف التي تحاول النيل من استقرارها.
كيف تصف المشهد الاستثماري في مصر حاليا؟
٭ بشكل صريح، إن الوضع العام بمصر افضل بكثير الآن على المستويين السياسي والاقتصادي، وذلك من خلال تنفيذ مشاريع عملاقة ذات نهج استراتيجي بناء على رؤية وحكمة القيادة السياسية في بناء الدولة الحديثة، وهو بناء حقيقي وقوي ويشعر به الجميع، سواء داخل مصر أو خارجها، وهذا الأمر ساهم في توفير العديد من الفرص الاستثمارية بعد فتح العديد من المجالات التي من الممكن أن تكون فرصا حقيقية للراغبين من الكويت في الاستفادة منها لاسيما خلال المرحلة المقبلة وبما يعزز من علاقات التعاون بين الدولتين، لاسيما ان مصر ذات موقع استراتيجي وعدد سكانها كبير، وبالتالي فهي سوق تجاري كبير جدا، علما أن الدولة مقبلة على فترة استثمارية جديدة تتمثل في طرح حصص من شركاتها الحكومية التي تعمل حاليا على إدارة بعض المشاريع العملاقة في البورصة المصرية وهو ما سيفتح الباب أمام سلسلة من الاكتتابات العامة والخاصة قريبا وهو تغيير كبير سيساهم في تطوير الملف الاستثماري الداخلي، كما لا يخفى على الجميع أن مصر أيضا محطة وسوق مهم جدا للراغبين في دخول الأسواق الأفريقية، وما يدعم من ذلك هو المجهود الكبير الذي بذله الرئيس السيسي في علاج ملف علاقات مصر مع افريقيا للعودة به إلى ما كانت عليه بالسابق بعد سنوات من الإهمال والتجاهل، وهو الأمر الذي يعزز من فرص الاستثمار للراغبين بالقارة السمراء عبر بوابة مصر.
هل يمكن أن نرى استثمارات رياضية مشتركة بين الدولتين؟
٭ بالتأكيد، ولم لا، فملف الاستثمار الرياضي ملف متنوع وكبير وعميق جدا والدليل على ذلك أن العديد من الدول سعت لاستضافة بطولات للخروج من عثراتها المالية، معتبرة أن تنظيم هذه البطولات فرصة لتعظيم العوائد المالية عبر تحريك اقتصادها المتنوع والمرتبط، كما انه ملف يسهم في تعزيز السياحة الرياضية فالفرق الرياضية التي تذهب لأداء مباراة أو للمشاركة في بطولة ما تحرك العديد من القطاعات المرتبطة من طيران وفنادق وسيارات وملاعب وصالات تدريب وملابس رياضية والمرتبطة في الأساس بالعلامات التجارية والإعلانات على التي شيرتات الرياضية، كما ان الاستثمار الرياضي يمتد كذلك لعمل مصانع رياضية للملابس وللأحذية ولكل مستلزمات الرياضة من نجيل رياضي وأدوات رياضية متنوعة، اضف إلى ذلك أن ملف الطب الرياضي يدخل بقوة في تلك الاستثمارات من زوايا عديدة سواء كعلاج من الإصابات الرياضية أو مراكز إعادة التأهيل.
وما الفرص الاستثمارية الرياضية المطروحة أو المتوافرة حاليا في مصر؟
٭ أعتقد وبصراحة كبيرة أن كل المجالات السابق ذكرها متاحة بمصر حاليا، وأنا من خلال زياتي للكويت ولقائي مجموعة كبيرة من الشخصيات خلال 48 ساعة تقريبا، وجدت رغبة كبيرة في الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بمصر بالعديد من المجالات سواء صحية أو تعليمية أو ثقافية أو رياضية، وفد فتحت العديد من الحوارات في هذا المجال، وسيكون هناك تفاهم حول تحقيق تعاون أكبر في تنفيذ استثمارات كويتية في مصر والعكس أيضا، فمستقبلا ليس هناك ما يمنع من قيام مستثمرين مصريين بتنفيذ أفكار أو مشاريع استثمارية بالكويت وهي قيد الدراسة حاليا.
استكمالا لما طرحته من أفكار وفرص استثمارية واعدة، هل من الممكن أن نجد مجلسا استشاريا كويتيا ـ مصريا رياضيا قريبا لتنفيذ مشاريع مشتركة في هذا الملف؟
٭ أعتقد أنها فكرة مميزة جدا، وشيء عظيم أن أسمع عن تلك المبادرة من جريدة «الأنباء» المشهود لها على الساحة العربية، وأؤكد أنها مبادرة مميزة جدا تحتاج لبحث نظرا لأنها تمثل جانبا إيجابيا جدا في تقارب الدولتين ومن الممكن أن تفتح آفاقا استثمارية كبيرة جدا في المستقبل القريب بين الدولتين، وأعدكم بتبني هذه المبادرة شخصيا ونقلها إلى وزير الشباب والرياضة المصري د.أشرف صبحي نيابة عن جريدة «الأنباء» بهدف مناقشتها والعمل على تنفيذها على ارض الواقع.
من وجهة نظركم، ما مفهوم الرياضة الحديثة؟
٭ بشكل عام، الرياضة ملف مزاجي يؤثر في الشارع فهي فرصة كبيرة لتجمع أبناء الوطن الواحد حول منتخباتها وفرقها الوطنية، وبالتالي في رفع درجات الانتماء، حيث انه المجال الوحيد الذي يسمح عند الفوز برفع العلم الخاص ببلدك وبسماع النشيد الوطني، وعليه فإن الرياضة ملف داعم للاقتصاد الوطني للدول، واستنادا إلى الأرقام المعلنة على سبيل المثال في الدوري الانجليزي تدعو للدهشة فإن حجم التداول المالي في الدوري الانجليزي كبير جدا لدرجة تفوق ميزانيات دول سواء من حيث قيمة اللاعبين او حقوق البث الفضائي للفرق او بحقوق الرعايات الرياضية، وفي حجم المشاهدات الكبيرة من الداخل والخارج، وبالتالي في ارتفاع إيرادات هذا الجانب، وعليه فالرياضة تمتزج بالاقتصاد وتؤثر في نفسية المواطنين، فهي صناعة كبيرة ومتشعبة جدا وتفوق حدود مجرد مباراة رياضية في رياضة ما.
هل تعتبر الأكاديميات فرصة استثمارية للأندية، وكيف تنوع الأندية من مصادر دخلها؟
٭ جزء كبير من الاستثمارات الرياضية الجديدة قد تكون في فتح الأكاديميات الرياضية التابعة للأندية الجماهيرية والكبيرة مثل أكاديمية الأهلي بالكويت والتي لم تكن الوحيدة بل هناك أيضا الإمارات، وقد فكر الأهلي أيضا في عمل مراكز تنمية رياضية في أفريقيا والدول العربية وهو الآن ينفذ سلسلة من الافرع داخل محافظات مصر، وبشكل عام فإن الاستثمار الرياضي متنوع وكبير ومجالاته كبيرة وبأرقام ضخمة جدا، وعلى سبيل المثال فإن قيام النادي بفتح فرع جديد وان يقبل 200 ألف عضو جديد برسوم عضوية 25 ألف جنيه، ما يعني ما قيمته 5 مليارات جنيه، وبالتالي فهو مدخل استثماري كبير جدا، كما نوع الأهلي من استثماراته عندما فتح محلات «الأهلي ستور» داخل القاهرة وبالمحافظات وأيضا في قناته الفضائية الخاصة التي حققت دخلا بقيمة مليار جنيه العام الماضي نتيجة الرعايات الإعلانية والبث الفضائي، وهو رقم كبير جدا إذا ما عرفنا أن ميزانية النادي الأخيرة بلغت 2.3 مليار جنيه أي ما يعادل ٤٤% تقريباً من تلك الميزانية، وبالتالي فهي أرقام كبيرة تؤكد أن الاستثمار الرياضي صناعة كبيرة ومهمة جدا في العصر الحديث، وأيضا لنا في تجربة نادي وادي دجلة مثالا آخر، حيث قام النادي بفتح مدارس تعليمية رياضية وهي مجالات ترسم ملامح جديدة للاستثمار الرياضي.
من وجهه نظرك ما انعكاسات ملف المنشطات على الرياضي؟
٭ أقولها وبصراحة، ان عدم اهتمام أي دولة بملف المنشطات فإن تأثيره السلبي سيكون كبيرا على المدى البعيد، ولننظر مثلا إلى إعداد بطل عالمي أو أولمبي وتصرف عليه أموالا كبيرة وفجأة يوقف هذا اللاعب بسبب المنشطات التي يمكن أن تكون بشكل غير مباشر كتناول دواء بشكل خاطئ أو طعام يحتوي على منشطات أو أدوية محظورة فهذا الملف عمق جدا لدرجة أن بعض الأدوية التي تأخذها بعض الطيور أو الحيوانات تحتفظ أجسادها لمدة 7 أيام بما تناولته، وعند ذبحها فإن هذه الأدوية تنتقل إلى اللاعب بسلبياتها، وعليه فإن بعض الرياضيين قد ظلموا بسبب هذا الملف الشائك، وقد تقدمت بفكرة أتمنى أن ترى النور قريبا تتمثل في وضع ملصق على الأدوية في حال احتوائها على مادة من المواد التي تندرج تحت بند المنشطات حتى لو كانت أدوية برد وذلك بهدف التوعية وحتى لا يأخذ الرياضي هذا الدواء دون ان يعلم بذلك، كما أؤكد ان هذا الملف خطير جدا وبه العديد من النقاط التي تحتاج الى دراسة، علما ان بعض الدول المعادية قد تلجأ لهذا الملف للتأثير على الشباب بشكل عام ضمن مخططات ضرب هؤلاء الشباب بالمخدرات او المنشطات.
وما الروشتة التي يمكن ان نقولها للشباب الرياضي العربي؟
٭ أقول لهم تدربوا بقوة سعيا لتمثيل دولكم على افضل صورة ممكنة في المحافل المحلية والدولية، فأنتم جزء مؤثر للغاية في الانتماء الشعبي وبمجرد التركيز في التدريب سعيا لتحقيق البطولات أو المساهمة في الفوز فان ذلك يساهم في رفع الانتماء الوطني للأفراد وبالتالي هي مسؤولية لها عمق استراتيجي كبير، كما عليهم ان يعملوا على رفع مستواهم التعليمي والثقافي، وهو الأمر الذي سيساهم في تجنب العديد من السلبيات التي تحدثنا عنها في جوانب المنشطات وأي أمور أخرى قد تؤثر عليهم وعلى إنتاجيتهم.