بيروت - ناجي شربل
عمّ الصمت الملاعب الرياضية اللبنانية كافة، مع حالة الغضب الجماهيري التي يعرفها الشارع اللبناني اعتراضا على سياسة الحكومة، والتي أسفرت تظاهرات اجتماعية وتطور بعضها الى أعمال شغب وتخريب.
أقفلت الملاعب وعلقت الاتحادات الرياضية اللبنانية روزناماتها، وتأجلت مباريات عدة، بعضها في بطولات كرة القدم وكرة السلة والألعاب الفردية حتى إشعار آخر.
اتحاد كرة القدم يعمل على طريقة «كل يوم بيومه»، اذ أصدر بداية بيانا أعلن فيه تأجيل مباريات بطولة نوادي الدرجة الثانية المقررة يوم الجمعة، ثم نشر بعد ساعات على صفحته الرسمية عبر موقعه الالكتروني بيانا تناول فيه تأجيل أنشطته كافة «بسبب الأوضاع الراهنة في البلاد (...) الى موعد يحدد لاحقا».
في أي حال، لا مكان للأنشطة الرياضية في ظل ارتفاع سحب الدخان السوداء من الإطارات المشتعلة التي قطعت بها الطرقات، وصعوبة التنقل بين منطقة وأخرى، لا بل ضمن الحي الواحد بسبب قطع الطرق، وانكماش الناس في بيوتهم أو أماكن قربية من سكنهم.
الرياضيون هم من صلب المحتجين، وخصوصا أهل كرة القدم، اذ ينتمون في غالبيتهم الى الطبقة الفقيرة.
وشهدت مناطق ضاحية بيروت الجنوبية ومقاهيها، تجمعا للاعبي كرة القدم المقيمين فيها حيث فرق عدة بينها أربعة في عداد نوادي الدرجة الأولى هي العهد (حامل لقب البطولة في المواسم الثلاثة الأخيرة) وشباب الساحل والبرج وشباب البرج.
اللاعبون سهروا مع بعض ومع جماهيرهم في المقاهي حتى ساعات الصباح الأولى، مستخدمين الدراجات النارية الصغيرة كوسائل نقل لهم، فيما عمد البعض الآخر الى التنقل سيرا على الاقدام لتمضية الوقت.
وغابت التمارين كليا بسبب صعوبة الوصول الى الملاعب التي تقع غالبيتها في بقعة جغرافية ضيقة في محيط مطار بيروت الدولي، من ملاعب نوادي العهد والأنصار وشباب الساحل الى فريقي منطقة برج البراجنة.
لعبة كرة السلة، تشهد بدورها تنقلا لمسافات كبرى للفرق بين المدن والمحافظات اللبنانية، وهذا يعني تعليقا إلزاميا لأنشطتها، وإن كانت التمارين متاحة فيها للاعبين، ذلك ان معظمهم يقطنون في مناطق «نائية» عن البقع الجغرافية التي تشهد تظاهرات.
لبنان في شلل رياضي لم يعرف له مثيلا ايام الحروب العسكرية الداخلية قبل نهاية الحرب الأهلية في 1990، مع الإشارة الى تعليق الأنشطة الرياضية في حرب يوليو 2006 مع إسرائيل، الى بعض الاضطرابات الداخلية في 2008 و2015، والتي شهدت تعليقا للمباريات وليس للتمارين.
يتفادى كثيرون الكلام عما ستحمله الأيام المقبلة، مع دخول الكرة اللبنانية العد التنازلي لاستحقاق المنتخب في منتصف نوفمبر المقبل عندما يستقبل الكوريتين الجنوبية في 14 منه والشمالية في 19 منه في مدينة كميل شمعون الرياضية في التصفيات الآسيوية المزدوجة المؤهلة لمونديال قطر 2022 وكأس آسيا في الصين 2023.
وحده فريق العهد قادر على كسر العزلة والابتعاد القسري عن الملاعب، اذ يسافر الى مدينة شانغهاي الصينية في 25 الجاري، ليعسكر فيها استعدادا للقاء فريق 25 أبريل الكوري الشمالي في المباراة النهائية لمسابقة كأس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والتي نقلها الاتحاد القاري الى المدينة الصينية، بعدما كانت مقررة في بيونغ يانغ، حيث غياب النقل التلفزيوني المباشر.
عطلة رياضية قسرية، تعكس ارتباط المجتمع الرياضي بأحوال البلد وخصوصا مشكلاته الاجتماعية، ذلك ان معظم الرياضيين يعيشون تحت خط الفقر، ويعولون على أعمال خاصة بعيدا عن الملاعب لتحصيل قوتهم.