أحمد حسين
منذ القدم قيل في الحكم والامثال الشعبية ان اشد الناس مكرا أقربهم للأرض «احذر كل من اقترب من الارض»، وقيل ايضا انك اذا ما رأيت طويلا يجري فأعرف ان قصيرا يطارده، وهذه الظاهرة تتجسد في عالم الرياضة حاليا حيث يبدو أن مسألة طول أو قصر قامة اللاعبين أصبحت محل أحاديث طويلة بين محبي وعشاق كرة القدم حاليا، ليس فقط لما تحتويه بين طياتها من روح دعابة، وإنما لما تثيره من آراء متفاوتة حول جدوى طول القامة من عدمها في عالم الساحرة المستديرة.
واللاعب قصير القامة له من المميزات ما يجعله اخطر من غيره، فالارجل القصيرة تساعد على المناورة السريعة والخاطفة والخطوات الصغيرة مصممة بإحكام لتمويه اتجاه اللاعب كما ان اللاعب القصير يخترق بسهولة خاصة امام العمالقة، ويتميز بالسرعة بحيث ان جسمه الصغير تحمله ارجل عادة تكون قوية وممتلئة وهو يمتلك طاقة اكثر من طوال القامة كما ان اللاعب قصير القامة صعب اسقاطه ارضا او ايقافه بجانب انه متحكم غير عادي في الكرة وكل ذلك لان تقارب الاطراف وقرب المركز الثقلي للاعب القصير من الارض يصعب من مهمة ايقاف زحف هدا «القزم المتعملق» وقامته القصيرة تمكنه من الاحتفاظ بتوازنه بشكل رائع أثناء الحركة.
واصبح البعض يتساءل عن ايهما افضل اللاعب القصير ام الطويل، وبمعنى اخر القصير صاحب المخ ام الطويل ذو العضلات؟، ويجيب الاسطورة دييغو ارماندو مارادونا عن هذا التساؤل عندما قال عن نجم فرنسا زين الدين زيدان عام 2004 «لو كان زيدان قصيرا نوعا ما لكان من الصعب جدا ايقافه واخذ الكرة منه بسهولة»، واوضح مارادونا «أفضل ما في زيدان أن الجانب البدني لا يشغل المساحة الأكبر من طريقة لعبه، إنه يمتلك براعة لا تصدق في التحكم بالكرة، لكنه يتمتع بطول قامة يعوقه نسبيا عن تخطي أكثر من لاعب أمامه، ولا استطيع ان اتخيل ما الذي كان سيفعله زيدان لو كان أقصر مما هو عليه الآن بـ 20 سنتيمترا فقط؟ أعتقد أنه وقتها سيكون من المستحيل إيقافه».
وفي المواسم الماضية ظهر بصورة مميزة فريق برشلونة والذي يقدم كرة ذات جودة تكاد تصل الى درجة الكمال بفضل تألق لاعبي برشلونة «الاقزام المتعملقين» (ميسي وتشافي وانييستا وبيدرو وفابريغاس وفيا والفيس)، والغريب ان التشكيل الاساسي البرشلوني في غالبه لا يتعدى طول لاعبيه 170 سنتيمترا، وبسبب ذلك فشل المهاجم السويدي العملاق طويل القامة زلاتان ابراهيموفيتش (196 سم) في التأقلم مع تشكيلة اغلبها من الاقزام وهم اقزام بطولهم ولكنهم عمالقة بابداعهم فوق رقعة الملعب.
وكانت صحيفة «ذا صن» البريطانية قد أعدت قائمة لأبرز نجوم اللعبة من أصحاب القامة الطويلة والقصيرة على حد سواء خلال مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، وقد ضمت هذه القائمة مفارقات مثيرة، لما تضمنته من قياسات تعكس أطوالا، قد لا يعتبرها البعض ملائمة لممارسي اللعبة، وفيما يلي قائمة بأبرز الأسماء الذين أدرجتهم الصحيفة، اللاعبون طوال القامة:- الصربي نيكولا زيغيتش (2.03 م)، والمهاجم الإنجليزي بيتر كراوش (2.02 م)، وحارس مرمى المنتخب اليوناني، كوستاس تشالكياس (2 م) والمدافع الألماني، بير ميرتساكر (198 سم)، والمهاجم النيجيري، نوانكو كانو (197 سم)، والإنجليزي متوسط الطول ستيفن جيرارد (183 سم)، في المقابل تضم قائمة اللاعبين قصار القامة كلا من الارجنتيني ميسي(168 سم)والعاجي أرثر بوكا (166سم)، ومواطنه باكاري كونيه (163 سم)، والإنجليزي شون رايت فيليبس (166 سم)، ومواطنه أرون لينون (165 سم)، والمكسيكي سينها(163 سم).
وخلاصة القول كرة القدم لا تقاس بالعضلات، وقوة اللاعب لا تتوقف على الجانب البدني فهناك جانب فني ومهاري أهم بكثير من الجانب البدني، والدليل مارادونا وروماريو وبيبتو وغارينشيا والان ميسي وتشافي وانييستا، ولو كان بالعضلات لاصبح الثور ملكا للغابة.
وفي النهاية اتذكر مقولة «انا المخ وانت العضلات» التي قالها الزعيم بهجت الاباصيري (عادل امام) لصديقه مرسي الزناتي (سعيد صالح) في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، وتعني ان صاحب المخ والفكر هو من يقود الاقوياء.