عبدالله العنزي
وصلنا الى النهائي، ويقول العرب لا أحد خاسرا في النهائي، بينما يقول الأوروبيون من سيتذكر صاحب المركز الثاني مادام ان هناك بطلا، فمسافة التفكير بيننا وبينهم ألف سنة شمسية وبعض سنين قمرية، هم يبحثون عن البطل ليهنئوه بينما نركض نحن للخاسر كي نواسيه، ولن تكون هناك لقطة أهم من لقطة رفع الكأس بعد المباراة بعد ان أصبحت الدموع أمرا عاديا في ملاعب كرة القدم منذ ان ذرفها الانجليزي بول غاسكوين في نصف نهائي كأس العالم 1990 بالخسارة أمام المانيا وكأنه طفل تائه يبحث عن أمه بعد ان أضاعها في سوق مزدحم ويقف الاسبان والطليان على مسافة واحدة من الكأس، فكلاهما يضع يدا عليها واليد الاخرى على يد خصمه التي يضعها على الكأس أيضا، فالاسبان يريدون أخذها بالحلال امام مرأى الجميع وبمهر معلن ومؤخرا هم قادرون على سداده، اما الايطاليون فاهم شي لديهم هو ان يعودوا الى روما بالكأس حتى لو خسروا النهائي،
وغافل بالوتيللي كاسياس وقال له: «شوف..شوف هناك» ثم ينتزعه منها ويهرب بها الى الطائرة، عندها سيحتفل الطليان وكأن شيئا لم يكن وسيروي بوفون على الجماهير كيف هزموا انجلترا وألمانيا على التوالي في مباراتين كبيرتين، وان سألوه عن النهائي فسيقول لهم: «حطوا العشا والله من امس ما كليت شي». وبالوتيللي هذا حكايته حكاية، هو وحده من يملك السلاح غير التقليدي الذي يمكن به حسم المباراة سواء لصالح منتخب بلاده أو لاسبانيا أيضا، فلا تستغرب ان اقترب من بيكيه اثناء اللعب وقال له بصوت خفيف: «إذا شفت شاكيرا سلم عليها»، عندها سيصفعه بيكيه ويطرد من الملعب، وتلعب اسبانيا «ناقصة» لاعب وتخسر النهائي، وعلى بيكيه الحذر وعدم الرد بعنف على تراهات بالوتيللي لأنه سيطرد عاجلا أو آجلا بعد ان يدخل في نقاش حاد مع الحكم وهو يقول له اليوم الاحد او الاثنين؟ فيتلفظ عليه بالوتيللي بألفاظ غير رياضية ويطرده الحكم.
والاسبان عليهم اليوم ان «يشقوا الجربة» فهم اخرجوا ما فيها بالقطارة بهذه البطولة، ولم يقدموا العرض المنتظر الى الآن، وكأن الايطاليين استبدلوا قمصانهم مع الاسبان في مباراتهم الاولى بالبطولة فظهر الازوري بجلد غير جلده، وبهت لون الاسبان عما كان عليه في السابق، فصاروا يحتاجون لركلات الترجيح والى أشياء اخرى ككرة تصطدم بلاعب قبل ان تدخل.
ستنتهي البطولة اليوم، فاحرص على ان تجمع أغراضك سريعا من الطاولة مع صافرة الحكم ولا تنتظر اللقطة المهمة برفع الكأس حتى لا يخرج لك كبير عمال مقهى اليورو ذو البنية الضخمة والصوت الجهوري و«الشنبات» الغليظة ليقول لكم: «خلاص عزلنا..كل واحد يشوف مصلحته»، فلا تلمه فهو ألماني الهوى لم ينم منذ الليلة التي خسروا فيها أمام الطليان.