هادي العنزي
قدم لاعبو كرة القدم في أفضل الدوريات العالمية وأكثرها مشاهدة وندية وإثارة في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا رسالة غاية في الأهمية والإنسانية، منذ استئناف الدوريات في الدول الأربع، حيث رضخت الجهات المختصة بعد ضغط شعبي ورياضي، وسمحت للاعبي الأندية بالجثو على ركبة واحدة قبل كل مباراة في الجولة الأولى للدوريات الأوروبية الأربع، وذلك نبذا للعنصرية المقيتة التي اشعل نارها المتجددة عاما بعد آخر وفاة المواطن الأميركي جورج فلويد في مدينة منيابوليس الأميركية، بعدما مات خنقا تحت ركبة شرطي يدعى ديريك تشوفين في 25 مايو الماضي.
ولم يكتف اللاعبون الذين يعدون قدوة لنظرائهم في العالم، من حيث المهارة الفنية والقدرات البدنية، والانضباط السلوكي الاحترافي، بتلك الرسالة المهمة، بل استبدلوا أسماءهم على قمصانهم من الخلف بعبارة «حياة السود مهمة» (Black Lives Matter) مع وضع ثلاثة أحرف (BLM) على صدورهم، بل وزاد عدد غير قليل من اللاعبين عبر تقديم تلك التحية منفردا بعد تسجيله أحد أهداف فريقه، كما لم يغب على نجوم العالم في كرة القدم على تخليد ضحايا وباء الألفية الثالثة (فيروس كورونا المستجد) بالوقوف قبل كل مباراة دقيقة احتراما وتخليدا لذكراهم ومواساة لمشاعر ذويهم.
بمثل تلك المشاهد الخالدة تقدم كرة القدم أنبل رسالاتها على الإطلاق، ترسخ لدى الناشئة محاربة كل أوجه الخلل والسلوكيات غير الإنسانية، والبعيدة كل البعد عن أوجه الحضارة والمدنية من عنصرية وتنمر، وتجبر الساسة على اتخاذ قرارات مهمة، وتعديلات قانونية ضرورية، من شأنها تعزيز مبدأ العدالة والمساواة بين البشر بمختلف طبقاتهم وألوانهم ودياناتهم، كما تؤكد أنها ليست بمعزل عن عشاقها في مختلف أصقاع المعمورة، بل متفاعلة إيجابا مع مشاكلهم ومتاعبهم ومآسيهم اليومية.