- عقد له أول لواء في الإسلام
- قال النبي صلى الله عليه وسلم في فضله «سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب»
اعداد ضاري المطيري
حمزة بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب الإمام، البطل، الضرغام، أسد الله، أبوعمارة، وأبو يعلى القرشي، الهاشمي، المكي، ثم المدني، البدري، الشهيد، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، وأرضعت أبا سلمة بن عبدالأسد، وكان يقال له أسد الله وأسد رسوله، وهو شقيق صفية بنت عبدالمطلب أم الزبير. وكان حمزة رضي الله عنه وأرضاه أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل بأربع سنين والأول أصح، له من الأبناء «عمارة، ويعلى، وأمامة، وسلمى، وفاطمة، وأمة الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم في فضله «سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب». شهد حمزة حرب الفجار الثانية، وكانت بعد عام الفيل بعشرين سنة، وبعد موت أبيه عبدالمطلب باثنتي عشرة سنة، ولم يكن في أيام العرب أشهر منه ولا أعظم، وتعد «حرب الفجار» أول تدريب عملي بالنسبة لحمزة رضي الله عنه حيث مارس فيها التدريب العملي على استخدام السلاح وعاش في جو المعركة والحرب الحقيقية، وكان عمره آنذاك نحو اثنتين وعشرين سنة، كان مغرما بالصيد والقنص، مما يدل على مهارته في الفروسية والرمي، كما كان لحمزة رضي الله عنه دور بارز في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بخديجة بنت خويلد رضي الله عنا، حيث خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها.
إسلامه
عن ابن إسحاق قال حدثني رجل من أسلم، أن أبا جهل اعترض لرسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه، وقال فيه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومولاة لعبدالله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادي قريش وأشدها شكيمة وكان يومئذ مشركا على دين قومه فجاءته المولاة وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرجع إلى بيته، فقالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي بن أخيك محمد من أبي الحكم آنفا وجده هنا فآذاه وشتمه وبلغ ما يكره ثم انصرف عنه، فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم ولم يكلم محمدا، فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله من كرامته، فخرج سريعا لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت متعمدا لأبي جهل أن يقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه على رأسه ضربة مملوءة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا ما نراك يا حمزة إلا صبئت، فقال حمزة وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه، أنا أشهد أنه رسول الله وأن الذي يقول حق فوالله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة، لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا. ومر حمزة رضي الله عنه على إسلامه وتابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه، فقال في ذلك سعد حين ضرب أبا جهل فذكر رجزا غير مستقر أوله: ذق أبا جهل بما غشيت، قال ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان فقال أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك، للموت خير لك مما صنعت، فقال حمزة: اللهم إن كان ما صنعت رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن أخي إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه، وأقامه مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي شديد فحدثني حديثا، فقد استشهيت يابن أخي أن تحدثني فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره فألقى الله في نفسه الإيمان، فقال أشهد إنك لصادق شهادة المصدق والمعارف، فأظهر يا بن أخي دينك فوالله ما أحب أن لي ما ألمعت الشمس وأني على ديني الأول قال فكان حمزة ممن أعز الله به الدين. وكان إسلام حمزة في السنة الثانية من مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل بل أسلم بعد دخول النبي دار الأرقم في السنة السادسة من البعثة، والأشهر القول الأول. وكان أول لواء يعقد في الإسلام لحمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه حينما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثين رجلا من المهاجرين يعترض عيرا لقريش قد جاءت من الشام تريد مكة، وفيها أبوجهل في 300 رجل، فبلغوا ساحل البحر، والتقى الجانبان، ولم يقتتلوا، ولكن المسلمين كانوا قد أثروا في معنويات قريش، إذ إنهم تخلوا عن القتال بالرغم من تفوق المشركين عليهم تفوقا ساحقا، وبهذه السرية بدأ فرض الحصار الاقتصادي على قريش بتهديد طريق مكة الشام الحيوي لتجارة قريش تهديدا خطيرا.
في غزة بدر
قبل نشوب المعركة، خرج أحد المشركين (الأسود بن عبدالأسد) وكان رجلا شرسا سيئ الخلق، فقال «أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه» فخرج إليه حمزة فأطار قدمه وهو دون الحوض، فوقع على ظهره، ثم قتله حمزة في الحوض، ولما دعا «عتبة وشيبة والوليد» إلى المبارزة، خرج «حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث لمبارزتهم، فبارز حمزة شيبة، ولم يلبث أن قتله. وأبلى حمزة رضي الله عنه بلاء عظيما يوم بدر، وكان يقاتل بسيفين، وكان دوره بارزا للغاية، فقد قتل أشجع شجعان قريش، وأكثرهم إقداما، ذلك الذي تحدى المسلمين في محاولة للشرب من حوضهم أو هدمه، وقتل شيبة وعتبة ابني ربيعة وهما من أشراف قريش وشجعانه، وقد أثر ذلك أعمق الأثر في معنويات قريش، فانهارت معنوياتهم. لقد كان حمزة بطل غزوة بدر الكبرى، مما شدد من النقمة عليه، واستهدفوا حياته في غزوة أحد، وفي غزوة بني قينقاع كان حمزة رضي الله عنه هو حامل لواء النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المعركة.
مقتل سيد الشهداء
عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، قال: خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار في زمن معاوية غازين، فمررنا بحمص، وكان وحشي بها. فقال ابن عدي: هل لك أن نسأل وحشيا كيف قتل حمزة؟ فخرجنا نريده، فسألنا عنه فأتيناه. قلنا: إنا أتينا لتحدثنا كيف قتلت حمزة؟ قال: سأحدثكما بما حدثت به رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت عبد جبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قتل يوم بدر. فقال لي: إن قتلت حمزة فأنت حر. وكنت صاحب حربة أرمي، قلما أخطئ بها، فخرجت مع الناس، فلما التقوا أخذت حربتي، وخرجت أنظر حمزة، حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، يهد الناس بسيفه هدا، فوالله إني لأتهيأ له إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى الخزاعي. فلما رآه حمزة، قال: هلم إلي يا ابن مقطعة البظور. ثم ضربه حمزة، فوالله لكأن ما أخطأ رأسه، ما رأيت شيئا قط كان أسرع من سقوط رأسه. فهززت حربتي، حتى إذا رضيت عنها، دفعتها عليه، فوقعت في ثنته، حتى خرجت بين رجليه، فوقع، فذهب لينوء، فغلب، فتركته وإياها، حتى إذا مات قمت إليه، فأخذت حربتي، ثم رجعت إلى العسكر، فقعدت فيه، ولم يكن لي حاجة بغيره. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة وقد قتل ومثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه فقال «رحمك الله أي عم فلقد كنت وصولا للرحم فعولا للخيرات فوالله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثلن بسبعين منهم». قال فما برح حتى نزلت (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بل نصبر». وكفر عن يمينه، ونهى عن المثلة. وكان يوم قتل ابن تسع وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبدالله بن جحش في قبر واحد.