أمير المحتالين ببيع السمك في الماء!
ربما يكون هذا الرجل هو النصاب الأغرب في التاريخ.
الكونت فيكتور لاستنج يعرف تاريخيا بأنه الرجل الذي باع احد اكبر معالم العالم وأشهرها مرتين، وهذا المعلم او الاثر ليس تمثالا او تابوتا اثريا وإنما من الاهمية والضخامة واستحالة بيعه بحيث يكون مجرد التفكير في بيعه شذوذا او ضربا من الجنون، هذا الاثر او المعلم الاشهر في اوروبا هو برج ايفل اهم معالم عاصمة النور باريس.
وهذا النصاب المحتال لا يحمل لقب كونت، وإنما منح نفسه لقبا من القاب النبلاء.
وتبدأ الحكاية في احد الايام عندما قرأ فيكتور دراسة في احدى الصحف عن مدى تكلفة صيانة وصبغ برج إيفل واستنزافه ميزانية الدولة وأخذ يدرسها ووجه دعوة لستة من اكبر تجار خردة الحديد.
أنصت تجار الحديد باهتمام لفيكتور الذي كان يحدثهم بوقار وثقة ليقول لهم ان وزارة البريد والبرق الفرنسية قد قررت هدم برج ايفل بسبب وجود اخطاء هندسية.
واستطرد فيكتور يقول: ان الوزارة بطبيعة الحال تعمد الى السرية والحيطة في هذا الشأن، نظرا لأن برج ايفل كما هو معروف يعد واحدا من ابرز المعالم التي تميز باريس وخشية ما قد يسببه هذا القرار من ردود فعل، فلجأت الى اتخاذ اجراءات بيع البرج كحديد خردة ولكن بطريقة سرية، علما بأن الحديد المطروح للبيع من مخلفات هدم البرج لن يقل عن سبعة آلاف طن.
ورافق فيكتور التجار الأثرياء في جولة بالبرج وهو لا يكف عن الحديث عن تفاصيل فنية وتكنولوجية تتعلق بالبرج والحديد الذي صنع منه، وهي تفاصيل كان قد اعدها وجمعها مسبقا، وعندما عاد فيكتور مع جماعة التجار الى حجرة الاجتماعات كان كل منهم يفكر في مقدار العطاء الذي يمكن ان يقدمه ويضمن به ان يكون الحديد من نصيبه، وطلب فيكتور منهم ان يقدم كل منهم العطاء الذي يريده على الفور رغبة منه في الاسراع في هذه العملية.
لم يكتفِ (فيكتور) بما قام به من خطوات، بل لجأ إلى تنفيذ خدعة جانبية يستطيع من خلالها امتصاص اموال واحد من هؤلاء التجار الأثرياء وهو التاجر الثري والشاب الطموح اندريه بوسون، الذي كان يحاول جاهدا ان يثبت اقدامه في عالم التجارة والثراء ووجد فيه فيكتور ما يميزه وأنه يسعده مساعدة اندريه في الفوز بهذه الصفقة. بعد بضعة ايام استقبل سكرتير فيكتور اندريه بوسون ليسلمه خطابا مؤثرا ملفوفا بشريط حرير احمر هو في الواقع وثيقة بيع برج ايفل، مقابل مبلغ 50 ألف دولار. أما فيكتور لاستنج فإنه اسرع بالهرب الى فيينا عاصمة النمسا بعيدا عن مسرح الاحداث وكان في نفس الوقت واثقا من ان احدا من هؤلاء التجار لن يجرؤ على ابلاغ الشرطة، لأنه فيما لو فعل سيكشف نفسه كغني أبله صدق اكذوبة فاضحة مما يجعله موضع سخرية الجميع، فلم يبلغ اندريه بوسون اجهزة الأمن او اي جهة اخرى بعملية الاحتيال التي كان ضحية لها وقنع بالصمت والهزيمة.
النجاح الذي حققه المحتال فيكتور شجعه لتكرار نفس الحيلة مرة اخرى بنفس الطريقة مع ضحايا جدد وحصل في المرة الثانية على مبلغ 75 ألف دولار.
من كتاب: أغرب الشخصيات في التاريخ ـ رمزي المنياوي