الثقة والثبات والاعتزاز والأدب الجم والثقافة الممزوجة بعبق الماضي، سعاد، زهير، عبسي، ورسالة حملتها أحرف تلك القصيدة.. هي قصيدة ألقتها الشاعرة والأديبة الأستاذة موضي رحال خلال مشاركتها في مؤتمر اجتماعي تابع لجامعة الكويت ضم العديد من الشخصيات المهمة، فبعد ذكرها لمقدمة ممزوجة بالترحيب والشكر.. قالت:
"بـانَـت سُعـاد"ولَـمْ أبِـنْ..وَحْـدي بَقيـتُ وَلا أَزال
قَدَمـي غِـراسُ الأرْض.. لا ألْـوي جَنـاحاً للرَحيـل
طَفـَقَ الـجَـوابَ يُقلِّـبُ الكفّيـنَ وأرْتَبَـك السُّـؤال
وأَنآ سُؤالٌ أَتْعَبَ الأصْحـابَ.. مـا وَجَـدوا حَصيـل
أَناْ مَنْ يَقولُ الشِّعْرَ..ليْسَ الشِّعْرُ في مِثْلي يُقال
يَجْـلُو غُبـارَ كثيـرُهـُمْ قَوْلـي ..وإنْ قُلْـتُ القَليـل
لِي خَلْفُ ضِلْعي خافِقٌ ...ما رامَـهُ أعْتى الرِجـال
مِـيْراثُ شَيْـخٍ ..ورّث الإحْساسَ والشّعْـرَ الْجَزيل
وإرادةٌ قَـدْ عَلَّمَـتْ فـي عَزْمِهـا..أَقْسـى الْجِبـال
إنَّ النُّفـوسَ إِذا ارْتَقـَتْ..لا تَنْثَـنـي للمُسْتَـحيـل
طـائِيَّـةٌ أَعْـلُـو عَلَـى قِمَـم الْمَعـانـي والْخَيـال
مَـارُحْتُ أَرْسُمُهـا وأَقْسُمُهـا عَلَى بَحْـرِ الْخَليـل
إِنْ قُلْتُ عَلَّقْـتُ الْقَوافي مِثْلَما الْعَشْـرُ الطِّـوال
خَضْـراءُ وارِفَـةُ الْمَعاني ظِلُّهـا فَـوْقِـي ظَـليـل
ومُسَطِّـرُ الأَبْيـاتَ أَضْحَى مِـلءَ خُفَّيْـهِ الرِّمـال
يَغْـدُو يُطـارِدُ لَعْنَـةَ الإلْهـامَ والمَعْنـى يَـميـل
ويُجَـرْجِـرُ الأوْزانَ..يـَمْلَـؤها كُسُـوراً وافْتِعـال
ويُقـلِّـبُ الأفْكـارَ فـِي كفيْـهِ..تَقْـلِيـبَ الْبَخِيـل
ما عابَني نَقْصٌ ..وَبَعْضُ النَّقْصِ يَغْبِطُـهُ الْكَمـال
والنَّايُ يَسْكُنُ صَوْتُـهُ الأرْواحَ..لا قَـرْعَ الطُّبـول
الشِّـعْـرُ يَبْـدَأُ بـانْفِـعـال إِنْ كَـان آخِـرُهُ جِـدال
والشِّـعْـرُ ظَـاهِـرُهُ جَمـال لَكِـنَّ بَـاطِنَـهُ فَتـيـل
و الـشِّعْـُر أُمٌ قَـدَّمَـتْ أَبْـنـاءَهـا يَـوْمَ الـنِّـزال
ما عـاد مِنْـهُمْ غَيْـرَ ذِكْـراهُمْ ..مَـعَ سَيْفٍ كَليل
هُـمْ مَا اسْتَكـانـوا يَوْمَها..لَكـِنَّ أَشْباهَ الرِّجـال!
يَتَكـاثَـرُونَ تَكاثُـرَ الآفـاتِ فـي جَسَـدِ الْعَـليـل
تَرَكوا صِواعَ الشِّعْرَ عِنْدي..عِنْدَما شَـدّوا الرِّحال
ما كُنْتُ أَسْرُقُ رَحْلَهُمْ وَأَناْ ابْنَـةُ الشَّيْـخِ الْجَليـل
"بانَـتْ سُعـادُ" وَبَيْنُها جَعَلَ الْجَنُـوبَ مَعَ الشِّمـال
يَتَـنـاقَلُـونَ حَـديثَهـا وَالْعُـرْبَ جِيْـلاً بَـعْـدَ جِيْـل
"بـانَـتْ سُعـادُ" وقَـدْ بَقيـنـا للفَـنـاء وللـزَّوال
والأَرضُ تشْكُو مِنْ أُجاجِ الْمَـاءَ بَعْـدَ السَّلْسَبيـل
و"زُهَيْـرُها" غَنَّى طَوِيـلاً في تَفاصيـلِ الْجَمـال
قُمْ فَاسْقِني حَرْفاً ..فَإنَّ الشِّعْرَ في لَيْلي طَويل
ما غـادَرَ الشُّعَـراءُ يا"عَبْسـيُ" مِنْ حـال لِحـال
إِلا لأن الْـبَـحْـرَ لُـجّـيٌ ولَـيْـسَ الـنَّـيـلَ نِـيـل
فَـدَعِ الْجَـوابَ يُقَلِّـبُ الْكَفّيـنَ وَانْتَظِـرَ السّـؤال
قَدْ رَاحَ يَسْألُ عَنْ سُعـادا.!.وَعـائـدٌ عَمَّـا قَليـل