إذا ما كتب لك وزرت بلاد فلسطين هذه الأيام، فلا تحرم نفسك من الاستمتاع بأجواء الربيع ومناظره الخلابة، فعلى مد البصر ترى الأرض وقد تحلت بثوبها الأخضر، وانفجرت أعين مائها بكل مكان بعد أن قاربت كمية الأمطار خط الألف ملمتر.
وعلى كعادتهم لا يفوت الفلسطينيون مثل هذه الفرصة من الاستمتاع بأجواء فصل الربيع، سواء بالجولات والمسارات السياحية أو بزيارات الأماكن الجميلة، حيث تطرح الأرض خيراتها من الأزهار البرية الجميلة أو حتى من النباتات التي تعد غذاء حيويا وطبيعيا لكثيرين.
وليست الطبيعة تروح عن النفس فحسب، بل تكفي من يقصدها من غطائها الأخضر، وتروي ظمأ العطشى أيضا، إذ تنتشر النباتات البرية وتتنوع لتشكل غذاء متكاملا للإنسان، حتى أن بعضها يعد وصفات طبية وأخرى تدخر طعاما شبه دائم في البيوت، مثل الزعتر البلدي الذي يعد من ضمن أطعمة الفلسطينيين المفضلة.
جميلة ومنوعة
ولا تكاد تحصى تلك النباتات البرية التي تشكل غطاء كثيفا للأرض الفلسطينية بسهولها وجبالها، فالزعتر البلدي والشومر البري أحد أهم أركانها، يليه العكوب والخبيزة والخرفيش (نبات شوكي) والهندبة (عشبة برية)، والزعمطوط واللسينة (هما أشبه بورق العنب) وغيرها كثير.
ومن الأزهار البرية كالبسباس (الحنون الأصفر) وشقائق النعمان (الدحنون) والأقحوان والنرجس البري ما يجعله لوحة فنية جميلة المعالم، وبعض تلك الأزهار والنباتات يستخدمها الفلسطينيون مراهم وعلاجات طبية ولا سيما الزعتر الفارسي وزعتر البلاط والحميض والبابونج والخردل.
غذاء وعلاج
والجميل في كثير من تلك النباتات أنها تؤكل في المكان دون حاجة للطبخ، وهي كما يقال تسهل الهضم وتغذي الجسم بالألياف كالشومر والخرفيش والخردل حيث تزال القشرة الخارجية وتؤكل بوضعها الذي هي عليه.
وبعض تلك النباتات وخاصة الخبيزة والهندبة يتم طهيها بإضافة التوابل إليها والبصل، ويقدم بجانبها الليمون والزيتون الأخضر، أما أوراق اللسينة والزعمطوط، فيتم سلقها ثم تحشى بالأرز وتطبخ منفردة أو يوضع بجانبها اللحم الأبيض أو الأحمر.
ويطبخ الشكل الثالث من النباتات البرية مثل الحميض والزعتر البلدي على شكل أقراص يتم عجنها وحشوها بتلك المكونات بعد تقطيعها ثم خبزها، بينما يغلى البابونج والزعتر والبلاط والفارسي ويشرب ساخنا كما هو حال الشاي و"الزهورات".
ويزيد في طبيعة الأرض وزخرفها الربيعي الجميل ينابيع المياه المنفجرة من بين الجبال والصخور والجارية عبر الأودية والأماكن المنحدرة، حيث يسمع خريرها من بعد ويبرق لونها كلما اختلطت بها خيوط الشمس ولاسيما أوقات الصباح.