«من رحم المعاناة يولد الأمل».. قد أثبتت هذه العبارة صحتها بشكل خاص بالنسبة لصناعة السيارات الكهربائية التي تستعد لطفرة مرتقبة بفضل تداعيات وباء «كوفيد-19».
ويمكن أن تساعد حزم التحفيز حول العالم في تقديم الدعم لصناعات السيارات خاصة الكهربائية مع تسريع جهود التقدم المأمول فيما يتعلق بالتخلص من الكربون.
ويأتي ذلك التوقع في سياق تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية، والتي تعتقد أن حزم التحفيز تلك قد تسهم في زيادة مبيعات السيارات الكهربائية.
وفي حين عانى قطاع السيارات، مثل غالبية قطاعات الاقتصاد الأخرى، من الركود بسبب جائحة «كوفيد-19»، فإن الحكومات تستكشف إمكانية دعم المبيعات والوظائف في هذه الصناعة كجزء من الحزم المالية الرامية لتحقيق التعافي الاقتصادي.
تكرار سيناريو 2008
وبالعودة إلى حزم التحفيز التي تم إقرارها خلال فترة الركود الاقتصادي التي أعقبت الأزمة المالية العالمية في عام 2008، فإن عددا من حكومات العالم كشفت النقاب عن دعم نقدي جديد لصناعة السيارات على أمل بث الحياة في الاقتصادات المتعثرة والتحول نحو اقتصاد أخضر.
وساهمت خطط استبدال وتخريد السيارات التي تم تنفيذها كجزء من برامج التحفيز خلال الأزمة المالية العالمية، في الحفاظ على المبيعات والتي بدونها كان سيتم تأجيل عمليات الشراء.
وأدت هذه الحزم والمخططات إلى حماية الوظائف وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحسين تلوث الهواء.
وفي الواقع، يبدو أن أسطول السيارات العالمي اليوم مختلف عما كان عليه في عام 2009، بعد تراجع محركات الديزل وتزايد الحصة السوقية للسيارات الرياضية «إس يو في» والنمو الهائل في مبيعات السيارات الكهربائية، والتي لم تكن موجودة قبل عقد من الزمن.
ويعتقد المحللون في الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا لها أن انعكاس مثل هذه الاختلافات في حزم التحفيز الحالية يمكن أن يسرع من التقدم نحو أهداف خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن وسائل النقل.
ومن شأن ربط الحوافز الحكومية بمعايير كفاءة استهلاك الوقود أن يحدد توجها واضحا وطموحا للسياسة يدعم تحول قطاع السيارات عبر استيعاب أكبر للسيارات الكهربائية.
وبلغت مبيعات السيارات الكهربائية عالميا نحو 2.1 مليون مركبة في عام 2019، لتشغل حصة سوقية قدرها 2.6%، بحسب وكالة الطاقة.
ومن المتوقع أن تصل مبيعات السيارات الكهربائية العالمية هذا العام إلى 2.3 مليون وحدة، على أن تشغل حصة سوقية قدرها 3.2%.
وبشكل عام، من المقرر أن تشهد صناعة السيارات انخفاضا هذا العام كما هو الحالي في بقية القطاعات نتيجة للوباء، حيث تتوقع الوكالة الدولية أن تنخفض مبيعات السيارات العالمية بنحو 15% هذا العام عند المقارنة مع السيارات المبيعة في العام الماضي.
ويعني ذلك أن احتمالات مبيعات السيارات الكهربائية في العام الحالي أكثر تفاؤلا عند المقارنة مع مبيعات السيارات بشكل عام.
النهج الأوروبي
وعلى سبيل المثال، تضاعفت مبيعات المركبات الكهربائية في الدول الأوروبية الرئيسية خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2020 مقارنة مع عام 2019 رغم الوباء وعمليات الإغلاق.
وكانت هذه الدول الأربع (ألمانيا - إسبانيا - فرنسا - إيطاليا) جعلت الدعم مشروطا بشراء سيارة منخفضة الكربون أو عديمة الانبعاثات.
وتمت مضاعفة الدعم الحكومة الألماني لمثل هذه السيارات إلى 6 آلاف يورو مع مساهمة شركات صناعة السيارات بمبلغ إضافي قدره 3 آلاف يورو، وهو ما يأتي في سياق برنامج تعافي بقيمة 130 مليار يورو يسعى الى معالجة عدد من القضايا الخضراء بما في ذلك خفض أسعار الكهرباء وبناء المزيد من محطات شحن المركبات الكهربائية.
وفي حين زاد الدعم لشراء السيارات الكهربائية الجديدة في فرنسا إلى ما يصل إلى 7 آلاف يورو، مع إتاحة نحو ألفي يورو للسيارات الهجينة و5 آلاف يورو أخرى لاستبدال السيارات القديمة الأكثر تلويثا، إلا أن الدعم يبلغ 3 آلاف جنيه إسترليني في المملكة المتحدة.
ويمكن أن يوفر ربط حزم التحفيز بالمركبات منخفضة الكربون، دعما قصير الآجل لقطاع السيارات وإعداد سلاسل القيمة في غضون العقد القادم.
ويقدر تقرير التعافي المستدام لوكالة الطاقة أن نحو مليوني وظيفة في صناعة السيارات معرضة للخطر على مستوى العالم، وهو ما يمثل نحو 15% من القوى العاملة في هذا القطاع.
أجندة «بايدن»
ويركز الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في أجندته على الطاقة النظيفة باستثمارات لا تقل عن تريليوني دولار تهدف الى بيع المزيد من السيارات وتعزيز الوظائف وهواء أقل تلوثا.
ويأتي خلق الوظائف في قطاع السيارات أو النقل على قائمة أولويات بايدن إلى جانب توفير الدعم للسيارات الكهربائية ومحطة شحن هذه المركبات.
وبسبب الوباء، تراجعت مبيعات السيارات الأميركية بنحو 33.4% خلال الربع الثاني من 2020 على أساس سنوي، كما هبطت المبيعات بنحو 9.4% في الربع الثالث، طبقا لشركة الأبحاث «موتور إنتيلجينس».
وتتوقع شركة «كوكس أوتوموتيف» أن تبلغ مبيعات السيارات الأميركية في 2020 نحو 14.3 مليون مركبة، بانخفاض 16% عن 17.1 مليون وحدة مبيعة في عام 2019.