تكرر في الآونة الأخيرة استخدام مصطلح التعاون الحكومي ـ النيابي ومصطلح آخر هو التأزيم الحكومي، حيث أطلق العديد من النواب مجموعة من التصريحات والتهديدات ضد الحكومة بحجة عدم تعاونها، وتوجيه سيل من الاتهامات باعتبارها حكومة مؤزمة، ومع تسلسل الأحداث في الساحة السياسية يتضح أن هناك سوء استخدام من قبل بعض النواب لهذه المصطلحات لذلك لابد من تعريفها.
التعاون هو أن يقوم الأفراد بمساعدة الآخرين أو بمساعدة بعضهم البعض بدافع المنفعة لهدف تسهيل العمل قدر المستطاع، حيث لا يقوم البناء دون ترابط المواد، كذلك الحضارات لن تنجح ولن تقوم دون وجود الترابط والتعاون فيما بين الأفراد.
ولكن مع الأسف انقلبت هذه المفاهيم وتغيرت في السنوات الأخيرة، حيث سعى أغلب النواب لممارسة الضغط السياسي لتحقيق مصالحهم الخاصة وأجنداتهم، وفي حال عدم تعاون الحكومة معهم يتم ابتزاز وزرائها ومساومتهم باستخدام الأداة الدستورية واستجوابهم وتعتبر الممارسات النيابية في هذه الحالة حقا يراد به باطل.
الاستجواب هو حق مطلق للنائب ويعتبر أهم وأخطر وسيلة يملكها مجلس الأمة بموجب المادة 100 من الدستور والتي تنص على أن (لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء أو إلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصهم) ولكن البعض استغل هذه الأداة لمحاربة شخوص الوزراء سواء بسبب وجود خلافات شخصية أو استغلال هذه الأداة لمساومة الحكومة أو أحد وزرائها لتحقيق أهداف ومصالح خاصة أو أجندات، حيث يتم تغليب المصلحة الخاصة والتكسبات الانتخابية على المصلحة العامة، في ظل وجود حكومات متتالية ضعيفة ترضخ سريعا لهذه المساومات لضمان الاستمرار، ما أدى إلى تراجع الكويت في جميع المجالات.
وهنا تثور عدة أسئلة في بالي! فهل تخليص معاملات أصدقاء وناخبي النواب من قبل الحكومة يدخل ضمن التعاون الحكومي؟ وهل عدم موافقة الحكومة على كسر القانون من أجل الحصول على رضا بعض النواب تعتبر حكومة تأزيم؟
إن المنطقة تمر بمرحلة تاريخية ومنعطف خطير والأحداث متسارعة والواجب الوطني يحتم على النواب أن يمارسوا أدواتهم الدستورية والقانونية تحقيقا للمصلحة العامة للكويت وشعبها والتمسك بالوحدة الوطنية والابتعاد عن إثارة الفتن الطائفية، فحماية الكويت واستقرارها والمحافظة على أمنها ومصالحها يفترض أن تكون من الأولويات، فنحن بحاجة لرجال دولة يقودوننا لبر الأمان وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي فمصالحكم الخاصة وأجنداتكم لم ولن تخدم الكويت وفي المقابل نحن بحاجة لحكومة حقيقية تعمل من أجل الوطن، نحن بحاجة إلى وزراء أقوياء قادرين على الإنجاز الفعلي الحقيقي للارتقاء بالكويت، نحن بحاجة إلى وزراء لا يهابون المساءلة السياسية، فحق النائب المطلق الرقابة والمحاسبة وهذا دوره الحقيقي إن كان الهدف من توجيه السؤال أو الاستجواب تحقيق الصالح العام.
الوضع الإقليمي الراهن يمر بظروف دقيقة وسيكون هناك انعكاس وتأثير على استقرار دول الخليج وأمنه، لذلك نحن بأمس الحاجة للتحلي بالحكمة والعقلانية في التعامل مع الأحداث والابتعاد عن كل ما من شأنه عرقلة ذلك.
نحمد الله ونشكره أننا بحفظ الرحمن وفي ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح.
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مستقرا مطمئنا. حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.
[email protected]