يعتبر تحول الدولة إلى الصورة التي آلت إليها اليوم تحولا حديثا نوعا ما، فلم يتجاوز الستين عاما، وهذه عائدة إلى عدة تداعيات قد يكون أهمها هو عدم الملاءة الاقتصادية للدولة قبل ظهور البترول وهذا الحال لا يعني الكويت وحدها بل كافة الدول الخليجية التي نحمد الله على النعمة التي انعمها على أهل الجزيرة، فعلى الرغم من كل الصعاب التي عاناها أجدادنا محافظين على تراثهم وموطنهم الأصلي فقد أنعم علينا بأن ازدهرت دول مجلس التعاون وبحمد من الله تمكنا من أن نثبت انفسنا في سنوات قليلة ونحقق مكانة دولية في زمن قصير.
إلا ان ما يعنينا نحن في الكويت هو ملاحظة ان الدولة ما زالت راعية حتى للقطاع الخاص وهذا حقيقة إن كان مقبولا منذ ستين عاما مضت فلن نقبل أن يستمر الوضع عليه إلى اليوم، حيث من الضروري ان ينهض القطاع الخاص ويكون سندا للحكومة وليس عبئا على الحكومة تضطر الحكومة لإنقاذه لدى كل أزمة.
البعض لا يعي أهمية ان يكون لدى الدولة قطاع خاص قوي قد يكون لأسباب ثقافية تجعل النظرة لأهمية القطاع الخاص في بناء الدولة ودعم الدولة فيها قصور بحيث لا يولي الأمر أهمية وهذا لابد من تغييره.
لأن هناك الكثير من المشاريع لا يصلح أن تدار بعقلية حكومية فالحكومة تدار بواسطة النظام البيروقراطي ولها اعتبارات وأولويات تجعلها غير قادرة على مواكبة عقلية القطاع الخاص الذي له آلياته ويعتمد على العقلية الربحية التي هي مختلفة تماما عن عقلية الدولة الراعية.
وهناك الكثير من المشاريع تتولاها الحكومة بصورة شركات مملوكة للدولة وعلى الرغم من كل الأزمات التي تعتري الحكومة نجد أن الحكومة ما زالت متمسكة بهذه الشركات رغم الأزمات الكبيرة التي تعانيها هذه الشركات وإخفاقها في مواكبة التطور العالمي.
فإذا ما أتينا لإدارة مقدرات الدولة كما في حال الشركات النفطية هذه نفضل أن تكون بيد الحكومة لأنها المسؤولة عن إدارة الدخل الرئيسي للدولة وعليه فإننا نشعر براحة اكبر في ظل النظام المتبع حاليا لأن هذه ثروات الدولة تديرها الحكومة فتفرض عليها رقابتها بشكل اكبر وقد أثبتت الحكومة جدارتها في إدارتها خصوصا أنها شركات ملتزمة بتوقيع اتفاقيات ومعاهدات وتدخل في منظمة الأوبيك وعليه فنرفض تماما ان تتخلى الحكومة عن إدارتها فوضعها الحالي ولله الحمد جيد.
ولكن هناك شركات حكومية حبذا لو تم إعطاء الفرصة للقطاع الخاص بتوليها بصورة كاملة لأنه في مجالها ستكون إدارته لها أفضل من الحكومة وبالأخص ان هذه القطاعات تحتاج لعقلية اقتصادية تديرها مع فتح المجال للمستثمر الأجنبي وهذه لن تتمكن الحكومة أن تواكبها في ظل الأزمات التي تعتريها وهو الذي جعلها تخفق في إدارتها.
ولنا على سبيل المثال وليس الحصر شركة المشروعات السياحية فهي حقيقة بوضع مأساوي مع تردي كافة القطاعات التي تتبعها، هذا فضلا عن توقف مشروع المدينة الترفيهية منذ أعوام وحتى هذه اللحظة لم نشهد حلا لها وهو ما جعل المسؤولية تقع على كاهل الحكومة في هذا الأمر.
فالشباب يحملون الحكومة مسؤولية أنه لا توجد أماكن ترفيهية لهم وقد يستهتر البعض بالدور الترفيهي وأهميته على الصحة العامة للشباب إلا انهم فعلا يتذمرون من الحكومة ويقولون أين نذهب ونلعب فالحكومة أوقفت المدينة الترفيهية؟.
ومعدل الغضب الذي يشعره الشباب اليوم أمره خطير حيث إن الكبار يتفهمون أن هناك أزمات اعترت الحكومة أثرت بالتالي على الأماكن الترفيهية ولكن الشباب لا يفهمون لأن لديهم عالمهم ويحبون اللعب، وحقيقة لا توجد أماكن للعب فقد أغلقت المدينة الترفيهية وهي كانت مكان الكبار يحبون الذهاب إليه للتنزه إلا أنها لم تنفذ لأن الحكومة لديها مشاكلها وأولوياتها.
وعليه نتمنى من الحكومة أن تبيع شركة المشروعات السياحية لمستثمر محلي مع فتح المجال لمستثمرين أجانب حتى تكون بصورة ترضي الشباب بشكل أكبر، وتتخلى الدولة من المسؤولية التي يحملها لها الشباب بعدم وجود أماكن ترفيهية يلعبون بها.
فالطاقة السلبية والملل غالبا ما يؤثر سلبيا على الشباب وعلى صحتهم النفسية وهم في هذا الأمر محقون فأين يذهب الشباب للعب فأجواؤنا الحارة تنفر الشباب من الذهاب دائما للحدائق هذا فضلا عن رغبتهم في اللعب بالألعاب التي تناسب أعمارهم ونتمنى من الحكومة أن تتخلى عن هذه الشركة للقطاع الخاص لأنها أفضل من الحكومة في إدارتها.