كثرت في الآونة الأخيرة قضايا المدينين بشكل لافت حتى أن التنفيذ لم يعد يقتصر على الأموال بل إيداع المدين السجن لإجباره على دفع الديون المتراكمة عليه، وهي التي قد تكون لأسباب إرادية أدت بالمدين إلى أن تتراكم عليه الديون والالتزامات المالية وأخرى غير إرادية، إلا أن النتيجة واحده ألا وهي الإعسار.
وعلى الرغم من أن قانون المرافعات الكويتي حصر في مواده أمورا لا يمكن الحجز عليها حماية للمدين الكويتي تحديدا وهي متعددة والتي تضمن ضمان مستلزمات معيشة المدين وأسرته وقد تكون ابرز الأمور الجوهرية التي لم يسمح القانون الكويتي أن يتم الحجز عليها حماية للمدين الكويتي وأسرته ألا وهو السكن الخاص.
وقد قيّد هذا الأمر بشروط لابد أن تكون متحققة ليحصل المدين الكويتي على هذه الحماية فيحتفظ بسكنه الخاص وأسرته مهما بلغت ديونه وهي التي لابد أن يكون المدين وأسرته يقيمون فعلا في هذا المسكن بشرط أن يكون قبل نشوء الدين المقرر وألا يصدر من المدين أي تصرفات يكون هدفها التقليل من الضمان العام حتى لا يتضرر الدائن.
وعلى الرغم من الحماية الكبيرة التي أفردها القانون حماية لأسرة الكويتي إلا أن هناك احد الشروط لا نجدها تحمل دوافع منطقية ألا وهي اشتراط المشرع حتى لا يتم الحجز على منزل المدين ألا تتجاوز مساحته الألف متر، فإذا تجاوز الألف متر حتى ولو كان المنزل الوحيد المعد للسكن فإنه يحجز عليه.
وقد يكون التضارب واضحا بين نص مادة القانون وبين الغرض من القانون، فبينما يهدف القانون إلى حماية أسرة المدين نجد أن المشرع الذي كتب هذا الشرط تحديدا قد اخفق في فهم الغاية من القانون.
فمتى كان المسكن الوحيد ولا يوجد غيره فما الفارق بين ألف متر وثلاثة آلاف متر ما دام أن النتيجة واحدة ألا وهي إعسار المدين وعدم قدرته على سداد ديونه، فإذا كان السكن ألف متر وأقل لا يسحب المنزل وإذا كان أكثر يسحب! إذن أين الغاية والهدف من القانون ألا وهي عدم تشريد أسرة المدين الكويتي؟
فالقانون لم يفرق بين إذا كان ثمن المنزل الأكثر من ألف متر متى تم بيعه سينقضي معه الدين أم لا؟ ولكنه حدد أن المساحة التي تتجاوز الألف متر تفقد المدين الحماية المقررة في القانون.
وهو كما ذكرنا بأنه أفرغ القانون من مضمونة فإذا كانت أسرة تسكن في منزل يتجاوز الألف متر لا تتمتع بحماية القانون ويباع البيت بالمزاد العلني وأسرة كويتية أخرى في الموقف ذاته ولكن المنزل ألف متر لا يباع البيت.
فالمشرع كما ذكرنا كان يسعى لحماية المدين الكويتي وأسرته وهو بهذا الشرط سيشرد أسرا ويحمي أسرا بلا مسوغات منطقية، فهو كأنه افرد عقوبة على المدين الذي يسكن في منزل اكثر من ألف متر.
وهذا نموذج لبعض القوانين المتضاربة، فالبحث في نصوص القوانين أمره في غاية التعقيد وليس هينا وبالأخص أن الحقبة التي وضعت بها القوانين كان الحال مختلفا وهو لربما وضع دون الأخذ بعين الاعتبار للنتائج الحتمية التي ستنتج عنها، فتضارب بعض القوانين واضح بين نص المادة ومضمونها وهي التي نأمل أن تلقى اهتماما ومراجعة من قبل الدولة حتى نصل إلى تكييف عادل للقضايا وحماية للأسرة الكويتية.
فالقانون أفرد للكويتي حجما كبيرا من الحماية إلا ان بعض نصوص هذه القوانين بحاجة على إعادة غربلة وتنقيح حتى يكون القانون متوافقا بين نصوصه ومضمونه والهدف منه لتحقيق الغاية المرجوة.