نستهل في بداية خطابنا بتقديم أخلص التعازي القلبية لصاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، وعموم آل صباح لوفاة المغفور له الشيخ ناصر صباح الأحمد.
فقد فقدت الكويت احد رجالاتها وفرسانها الذين حملوا راية الإصلاح والإعمار بين أكتافهم مناضلين لأجل رفعة الكويت وشعبها الكريم، فقد كان، رحمه الله، من أوائل المطالبين والداعمين لتحويل الكويت إلى مركز مالي، وكان المسؤول عن تحويل منطقة الحرير لمركز مالي استثماري عالمي ليكون رافدا داعما للاقتصاد القومي لتنويع مصادر الدخل.
هذا فضلا عن حمله لراية الإصلاح ومحاربة الفساد بشتى طرقه دون توان فقد كان همه اجتثاث الفساد من جذوره حتى لا يكون له شجرة ومنبت في الكويت حرصا منه على مستقبل الكويت وسمعتها الدولية.
حيث لفقيدنا الراحل شعبية كبيرة بين أبناء الشعب الكويتي بمختلف أطيافه هذا وقد أكسبته شعبية قائد الإنسانية المغفور له سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد شعبية ومكانة دولية كبيرة، وكيف لا وهو النجل الأكبر لأقدم وزير خارجية في مختلف دول العالم.
وهو الذي تم ملاحظة المكانة الدولية التي يمتلكها حين قلد نائبا أول ووزيرا للدفاع فقد تلقى حينها، رحمه الله، تبريكات من رؤساء ومسؤولي دول، حيث فرحت أقطاب كثيرة حول العالم بدخوله للمعترك السياسي.
بالنسبة إلي قد لا أعرف الكثير عن الشيخ ناصر، رحمه الله، ولكن كل ما أذكره شخصيا عنه هي المقابلة الوحيدة التي شاهدتها له لدى إحدى القنوات الفضائية منذ زمن بعيد حين كان يتحدث خلالها عن فترة دراسته في فلسطين وتجربته العملية.
هذا فضلا عن ولعه وزوجته الشيخة حصة الصباح بالآثار الإسلامية وتأسيسهما لدار الآثار الإسلامية، وقد زرت في فترة عملي في الصحافة لذلك المركز الرائع بحضور الشيخة حصة لتغطية احدى الندوات وكان متحفا رائعا من الضروري أن يتم تسليط الضوء عليه باستمرار لما أكسب الكويت من مكانة في حرصها على الآثار الإسلامية.
وقد كان، رحمه الله، يلبي آمال كثير من المواطنين لأنه كان صاحب الرؤى الجديدة والمميزة، فقد تميز، رحمه الله، بالجرأة والشجاعة والمثابرة إلى أن خطفه الموت منا وهو الذي أتى تزامنا مع وفاة فقيدنا سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمهما الله وطيب الله ثراهما.
فاليوم، نجد انفسنا تتوالى علينا الأزمات الواحدة تلو الأخرى فكثر قد فقدناهم من حياتنا وكثر من رحلوا عنا دون مقدمات فقد خطفهم الموت منا بلحظات، ولا يسعنا إلا أن نترحم عليهم ونسأل الرحمة لأنفسنا حين نؤول إليهم.
فتحديات كبيرة واجهناها ومازلنا نواجهها وهي التي تستلزم منا ضبط النفس والانفعالات وعدم الانكسار حتى في أشد الابتلاءات والمحن، فراية الكويت يجب ألا تنحّى أو تسقط.
فالعالم اليوم لا ندري ما الذي سيئول إليه فنعيش في ظل وباء وسلالة جديدة من الوباء ونواجه اليوم إغلاقا لمطارات وفتح لمطارات وكأننا أشبه بحرب عالمية وليست وباء إلا أنه أمر الله سبحانه أن نمر في كل هذه الابتلاءات وهي فرصة للإنسان ليراجع فيها حساباته مع نفسه، فإن كان سيره معوجا فليوّقم اعوجاجه وإن كان سيره مستقيما فليتقدم باستقامته ولا ينحرف عن الطريق القويم.
ولنا فيمن رحل عن حياتنا بطرفة عين أسوة ومثال حتى يتذكر العبد المؤمن ربه ويلجأ إليه وألا يكون هلوعا بل مؤمنا طائعا ثابتا لدى القضاء والقدر متمسكا بعقيدته الراسخة وتسامحه الديني.
رحم الله من غادر الحياة عنا تاركا بصماته الخالدة التي لن ينساها التاريخ وكما قال الشاعر:
أحاديثَ تَبْقَى والفَتى غيرُ خالدٍ
ِإذا هوَ أمسَى هامةً فوقَ صيّر